حذرت مديرة متحف اللوفر، لورانس دي كار، في رسالة مسربة إلى وزيرة الثقافة الفرنسية، من أن أكبر متحف في العالم يعاني تسرب المياه والازدحام الشديد.
متحف اللوفر يواجه مشكلات هيكلية وازدحاماً شديداً
قالت دي كار، أول امرأة ترأس المتحف، لوزيرة الثقافة رشيدة داتي، إن تدهور مرافق المتحف يهدد المجموعة الفنية المشهورة عالميًا.
كما كتبت دي كار في المذكرة التي نشرتها صحيفة لو باريزيان أن هناك "أضرارًا كثيرة في مساحات المتحف، وبعضها في حالة سيئة للغاية". وأضافت أن بعض أجزاء المتحف "لم تعد محكمة ضد تسرب المياه، بينما تعاني أجزاء أخرى تغيرات كبيرة في درجات الحرارة، ما يعرض الأعمال الفنية للخطر".
وأضافت دي كار أن المتحف بحاجة إلى تجديد شامل، رغم التعقيدات الخارجية الناجمة عن إغلاق مركز بومبيدو لمدة خمس سنوات لأعمال الترميم، وأزمة الميزانية التي تعانيها الحكومة الفرنسية.
وباعتباره متحفًا وطنيًا، لذا فإن الدولة تدفع نسبة كبيرة من تكاليف تشغيله، بما في ذلك الصيانة. ومع ذلك، فإن عملية ترميم بالحجم الذي تراه دي كار ستكون بمثابة نفقات غير مسبوقة.
يُعد متحف اللوفر الأكثر زيارة في العالم، وقد استقبل حوالي 8.7 مليون زائر في عام 2024. لكن هذا الإقبال الكبير يُشكّل ضغطًا على المبنى الذي يبلغ عمره 232 عامًا، في حين أن المساحات المخصصة لراحة الزوار أصبحت نادرة، بحسب ما كتبت دي كار.
وأشارت دي كار إلى أن خيارات الطعام والمرافق الصحية غير كافية من حيث العدد، وهي أقل بكثير من المعايير الدولية، مؤكدة أن نظام الإرشادات بحاجة إلى إعادة تصميم شاملة.
كما انتقدت العنصر الأكثر حداثة في المتحف: الهرم الزجاجي الذي صممه المعماري الأمريكي الصيني آي إم بي، وافتُتح عام 1989 واصفة إياه بأنه يعاني "نواقص كبيرة".
وأوضحت أن الهرم يحبس الحرارة مثل الدفيئة الزراعية، ما يجعل الأحداث الصيفية، مثل العشاء الذي استضافه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يوليو احتفاءً بالأولمبياد الأخيرة، "غير مريحة". كما أشارت إلى أن الضوضاء داخل الهرم تزيد من المشكلة.
استخدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهرم الزجاجي لإقامة عشاء رسمي قبل افتتاح أولمبياد باريس في يوليو الماضي، لكن دي كار أوضحت أنه يتحول إلى دفيئة زراعية في الأيام الحارة، ما يجعله "غير مريح" بالإضافة إلى كونه مصدرًا للضوضاء.
استهدفت المذكرة أيضًا أبرز معالم المتحف، لوحة الموناليزا. ووفقًا لبيانات متحف اللوفر، فإن حوالي 80% من حاملي التذاكر يزورون قاعة الدول لرؤية اللوحة التي تعود إلى القرن السادس عشر، أي ما بين 20 ألف إلى 30 ألف زائر يومياً، وهو ما يتجاوز بكثير قدرة القاعة التاريخية على الاستيعاب.
وشددت دي كار في المذكرة على الحاجة إلى "إعادة تقييم" عرض الموناليزا، مع طرح خيار تخصيص غرفة مستقلة لها، وهو اقتراح سبق أن قدمته العام الماضي.
منذ توليها إدارة المتحف عام 2021، كأول امرأة في تاريخه تشغل هذا المنصب، تحدثت دي كار علنًا عن ضرورة تحسين العمليات اليومية للمتحف.
كما دعمت في مذكرتها فكرة إنشاء مدخل ثانٍ، متماشٍ مع تصميم الهرم، بهدف "توزيع" تدفق الزوار داخل اللوفر بشكل أكثر انسيابية. وقالت لصحيفة غارديان عام 2023: "من المحبط ألا نقدم للزوار أفضل استقبال ممكن".
وبعد أيام من المذكرة، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتوسيع وتحديث المتحف، ومن المتوقع أن يكتمل التوسيع بحلول عام 2031.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المتحف سيخصص مساحة عرض خاصة للموناليزا. وأعلن ماكرون عن هذا التغيير خلال مؤتمر صحفي أمام اللوحة نفسها، مشيرًا إلى أن بعض التجديدات الأخرى ستُجرى أيضًا في محاولة للحد من الازدحام. وفي ختام كلمته، هتف ماكرون قائلاً: "تحيا نهضة اللوفر الجديدة!"
صمم مدخل المتحف، هرم اللوفر، ليستوعب نصف عدد الزوار الحالي فقط. ولمعالجة هذه المشكلة، أعلن ماكرون عن إنشاء مدخل جديد في الواجهة الشرقية للمتحف.
تشمل الخطة، إنشاء مدخل جديد واسع في الساحة المقابلة لرواق بيرو كولونيد، الذي صممه المعماري الفرنسي، كلود بيرو في عام 1667. المدخل الجديد سيساعد على إعادة توزيع تدفق الزوار، بعد أن أصبح المدخل الحالي عبر الهرم غير كافٍ لاستيعاب 9 ملايين زائر في العام 2024 و10 ملايين قبل جائحة كوفيد.
كما يشمل المشروع ترميم حديقة ليه تويلري، إضافةً إلى قاعات عرض جديدة أسفل ساحة كور كاريه، لتوفير محور تنقل جديد من الشرق إلى الغرب، بالإضافة إلى تخصيص قاعة خاصة لعرض موناليزا، لتكون منفصلة عن باقي المتحف، ما يضمن تجربة مشاهدة أفضل.
تُعد لوحة ليوناردو دافنشي "موناليزا" السبب الرئيس لزيارة متحف اللوفر. ونتيجة لذلك، تكون المنطقة المحيطة باللوحة مزدحمة دائمًا بالزوار الذين يلتقطون الصور أو يحاولون الاقتراب من التحفة الفنية. ومن المأمول أن تجعل الغرفة الخاصة الجديدة مشاهدة الموناليزا أكثر سهولة، مع توفير مساحة إضافية في القسم الذي تُعرض فيه حاليًا، بحسب تصريحات ماكرون.
تُعد هذه اللوحة الغامضة لليوناردو دافنشي أشهر لوحة في العالم، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تاريخها. فقد سُرقت الموناليزا من متحف اللوفر عام 1911، وبقيت بعيدة عن الأنظار لمدة عامين قبل أن يُلقى القبض على مدبر العملية. ورغم ذلك، لم يقضِ سوى ثمانية أشهر في السجن، لكن إرث الموناليزا استمر لعقود طويلة بعدها.
لم يكشف عن تفاصيل كثيرة حول غرفة العرض الجديدة في اللوفر، ومن المحتمل أن يستغرق نقل الموناليزا إلى مساحتها الخاصة بعض الوقت.
ومع ذلك، حتى بعد نقلها، من المرجح أن تستمر الحشود في التدفق لمشاهدتها، نظرًا لصغر حجم اللوحة مقارنة بشهرتها العالمية. ولكن إذا لم تكن مستعدًا لمواجهة الزحام، فإن متحف اللوفر رقمن مجموعته الفنية بالكامل، بما في ذلك الموناليزا، ويمكنك مشاهدتها مجانًا عبر الإنترنت. قد لا يكون ذلك بديلًا عن رؤيتها على أرض الواقع، لكنه يضمن لك تفادي الحشود بكل تأكيد.