لا يُطابق الصوتُ الصورة. أقود سيارة بورشه 911 عتيقة الطراز ترجع إلى أواخر ثمانينيات القرن الفائت، فيما تنتظم أمامي عداداتها التناظرية الخمسة المبتكرة في تصميم واضح وكبير الحجم، والتي يمكنني رؤيتها عبر المقود المبسّط الثلاثي الأذرع.
وعلى غير ما هو عليه حال الزجاج الأمامي المصمم وفقًا للمعايير الحديثة في السيارات الرياضية، يرتفع الزجاج أمامي مستقيمًا في حين تتيح أعمدة السقف الرفيعة انسياب الضوء، لكنها تصمد في وجه المطبّات. وأمام الزجاج الأمامي، ينتصب عمودان فولاذيان طويلان، في طرفيهما مصابيح تضيء المدرج المغلق، وبينهما يتدلّى غطاء السيارة المنحني.
تدل هذه الأمارات كلها على أنها سيارة من بورشه. ولكن الغائب الأكبر هو تلك القَرقعة غير المُصفّاة للمحرك المبرّد بالهواء، ذلك الصوت الحاد الذي يثمّنه زبائن بورشه الأوفياء والذي يشكّل أحد أهم مزايا طراز 911 القديم. بدلاً من ذلك، تُحدث السيارة أزيزًا خفيفًا وثابتًا، لا يزداد حين أضغط بقدمي على دوّاسة الوقود إلى أقصى حد، فيما السرعة تزداد أضعافًا مضاعفة.
تثب هذه السيارة القديمة بغتة إلى الأمام وثبة عمرها 30 سنة، متسارعةً مثل سيارة تسلا، وبوتيرة أسرع من مقدرة عقلك على فرز المعلومات البصرية التي تصله. ما عليك إلا تذكير نفسك بأن المدرج كان خاليًا قبل انطلاقك، وإبقاء قدمك على دواسة الوقود إلى أن تقرر العكس. إن قيادتها ممتعة ومخيفة وغريبة على أي شخص مُطّلع على سيارات بورشه القديمة: إطلالة من القرن العشرين وجلبة وأداء من القرن الحادي والعشرين.
بِم يشعرك هذا التعارض؟ يرى البعض أن تجريد سيارة كلاسيكية منشودة ونفيسة من محركها ووضع محرك كهربائي محلّه نوع من التقدم، في حين يرى البعض الآخر في ذلك انتهاكًا للتقاليد، ويرى آخرون أن السيارات الكلاسيكية قطعٌ فنية لا ينبغي تعديلها، مثلها مثل لوحة الموناليزا. أما فريق آخر، فينظر إلى هذه المركبات بوصفها تصاميم معمارية جميلة وعملية، تحتاج من حين إلى آخر إلى تحسينات تُلائم توقعات السائقين المعاصرين. وأذكر هنا ما أخبرني به أحد هواة جمع السيارات، إذ قال: "إنك أبدًا لن تقبل السكن في منزل على الطراز الجورجي يفتقر إلى نظام صرف صحي".
Greg White
سيارة Everrati Land Rover قيد الشحن.
تباين في الآراء
أحدثت طرز مثل Everrati 911 انقسامًا كبيرًا في عالم السيارات الكلاسيكية. فكل منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يستقطب إليه كثيرًا من النقاد المتذمرين، المعذورين في استيائهم، والذين يصرون على أن المحرك هو قلب السيارة وأن إزالته تقضي على جاذبيتها، فضلاً عن نُضوب المخزون الحالي من طراز تاريخي مهم.
في حديث مع مجلة Robb Report، قال أحد مشاهير عالم جمع السيارات الكلاسيكية إنه لن يقتني سيارة كهربائية حتى يرغمه القانون على ذلك. وقال آخر إنه يأمل لو تكفّ شركات مثل إيفيراتي، متخصصة في إنتاج السيارات الكلاسيكية الكهربائية، يدها عن السيارات القديمة.
لكنّ لآخرين رأيًا مخالفًا. فبالرغم من أن أسعار مركبات من طراز Everrati 911 تبدأ من نحو 310,000 دولار (حسب أسعار الصرف الحالية)، يدخل فيها سعر السيارة الأصلية، إلا أنك ستحتاج إلى الانتظار 11 شهرًا لتتاح لك فرصة طلب بناء نموذج من هذا الطراز، فيما ستنتظر ما بين 7 أشهر و14 شهرًا لتنال فرصة طلب بناء نموذج من الطرز الثلاثة الأخرى من إيفيراتي.
Greg White
نموذج من سيارة Rolls – Royce Silver Cloud من ستينيات القرن الفائت، ترجع ملكيته الأصلية إلى صوفيا لورين، يخضع لمشروع استعادة في محترفات لوناز.
أما في حالة منافستها لوناز Lunaz، التي يبعد مقرها نحو 20 ميلاً فقط عن حلبة سيلفرستون البريطانية، فالانتظار يقترب من عامين، بالرغم من أن الطاقة الإنتاجية للشركة تصل إلى مائة سيارة سنويًا وأسعارها تبدأ من نحو 335,000 دولار لسيارة رينج روفر كلاسيكية كهربائية.
على أن السعر يتخطى حاجز المليون دولار في حالة سيارة Aston Martin DB6 المستعادة والمعدلة كهربائيًا، ويدخل فيه سعر السيارة الأصلية. يُذكر أن لوناز حصلت على تمويل من ديفيد بيكهام، وبرندان إيربي مؤسس أوكولوس، وعائلتين من أغنى العائلات البريطانية هما باركلي وروبن، لكنها امتنعت في المقابل عن طرح أسهمها للاكتتاب العام.
Greg White
عملية قص الجلود التي ستكسو مقصورة سيلفر كلاود الجديدة.
ريادة بريطانية
تنشط اليوم نحو اثنتي عشرة شركات عالمية ناشئة موثوقة في مجال تحويل السيارات الكلاسيكية إلى سيارات كهربائية، منها Zero Labs في كاليفورنيا وMoment Motors في تكساس.
والجدير بالذكر هو أن سوق الولايات المتحدة الأمريكية تمثل نحو نصف مبيعات شركة إيفيراتي الآخذة في النمو، والتي تخطط لتوسيع حضورها في البلاد خلال الأشهر المقبلة من خلال مقر رئيس لها في أمريكا الشمالية ستفتتحه في كالاباساس بولاية كاليفورنيا.
وتعتزم شركة لوناز أيضًا إنشاء مصانع لها في الولايات المتحدة. على أن تجمّع الصنّاع البارعين في استعادة السيارات القديمة في المملكة المتحدة يجعلها مركز هذا التوجه الجديد. في ويلز مثلاً، لا يزيد إنتاج شركة هيميلز Hemmels، التي تشتهر باستعادة سيارات مرسيدس، لإصدارات جديدة من سيارات Mercedes SL التي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي وستينياته عن 20 مركبة سنويًا.
ويستغرق تجديد كل واحدة ثلاثة آلاف ساعة، إذ تُزود بتحسينات حديثة حاذقة ترتقي بعناصر المتانة والراحة، مثل نظام الإشعال الإلكتروني وأنظمة الصوت المتصلة بالبلوتوث. وقد خطت هيميلز خطوة إضافية، إذ أحالت نسخة Pagoda الفاتنة من طراز SL إلى سيارة كهربائية بالكامل، فيما أبقت تقريبًا على قوتها وأدائها ووزنها وتوازنها على ما كانت عليه في السيارة الأصلية.
فضلاً عن ذلك، تركّزت مجموعة من الخبرات في مجال بناء أنظمة القيادة الكهربائية في وادي سباقات السيارات في بريطانيا، وخصوصًا في حلبة سيلفرستون، ذلك أن سبعة من فرق الفورمولا 1 العشرة، التي توظف جميعها نواقل كهربائية هجينة عالية الأداء في مجموعات نقل الحركة، تقع على بعد ساعة بالسيارة من مقري إيفيراتي ولوناز.
لذلك، وبالرغم من المنتقدين، فإن الطلب قائم وجليّ، وفي ازدياد. لكن من وراء هذا الطلب؟ من يشتري هذه السيارات؟ وهل قيادتها مُرضية؟ وهل يمثل هذا التوجه الجديد نهاية لسيارة كلاسيكية واحدة، أم أنه المستقبل الذي ينتظر الطُرز القديمة كافة؟
Greg White
محترف التصميم في منشآت لوناز، حيث يعكف الفريق على تحويل مجموعة من الطرز.
منظور خاص
يقول جاستن لاني، الشريك المؤسس لشركة إيفيراتي، والبالغ من العمر 51 عامًا: "أنا بصدد التعافي من التعلق بالسيارات التي تعمل بوقود البنزين". كان رائد الأعمال البريطاني الناشط في مجال التكنولوجيا المالية قد باع شركة في عام 2016 وكان يبحث عن مشروعه التالي. وفي هذا يقول: "في الثامنة من عمري، كانت السيارات كل ما أفكر فيه. عندما بِعْت تلك الشركة، كانت ابنتي في عمر مماثل، وكانت قلقة بشأن الفيضانات.
اضطربت حين أدركت مخاوفها. ولهذا كان إطلاق مشروع يجمع بين التكنولوجيا النظيفة والسيارات أمرًا مثاليًا. أعلم أنني لن أكون إيلون ماسك المقبل، ولكن يسرني أن أعتقد أني أحدث فرقًا".
لقي لاني سوقًا جاهزًا للسيارات الكهربائية المُحوّلة في أوساط زملائه من رواد الأعمال في قطاع التكنولوجيا. كان الزبون الأول الذي استقطبته شركة إيفيراتي في الولايات المتحدة هو مات روجرز، البالغ من العمر 39 عامًا والمؤسس المشارك في شركة نيست التي استحوذت عليها غوغل في عام 2014 مقابل 3.2 مليار دولار. وقد أصبح روجرز اليوم أحد المستثمرين في إيفيراتي وحدد معالم سيارته الكهربائية الثانية من طراز 911.
وفي هذا يقول لاني: "ذهبت لمقابلة روجرز وفي نيتي أن أسأله عن سبب شرائه سيارة من شركة صغيرة ناشئة في ريف إنكلترا. كان لِوالد مات سيارة من طراز 911 نفسه، وقد أخبرني أنه شبّ أساسًا في مقعدها الخلفي. لطالما تعهّد بشراء سيارة مماثلة، ولكنه اشترط أن تكون كهربائية. والواقع أن كثيرًا من رواد التكنولوجيا في سيليكون فالي اعتزموا التوقف نهائيًا عن قيادة سيارات مزودة بمحركات احتراق داخلي".
تنفذ إيفيراتي معظم عملياتها رقميًا، إذ إنها تستعين بشركات خارجية متخصصة معروفة لاستعادة السيارات بالكامل (باستثناء المحرك)، كما تستقدم أجزاء نظام الدفع الكهربائي من أفضل المُورّدين، ومعظمهم محليون. على أن قيمة إيفيراتي المُضافة تكمن في براعتها في الجمع بين تلك العناصر، وكذلك في سهولة تكييف نظام الدفع الكهربائي المُطور لسيارة مثل مرسيدس - بنز باغودا - الطراز المقبل في سلسلة تحويلاتها - لكي يُلائم سيارة كلاسيكية أخرى مزوّدة بالمحرك الأمامي نفسه ونظام الدفع الخلفي نفسه، وتندرج ضمن مجموعة مشاريع التحويل القياسية من إيفيراتي أو تشكل مشروع تحويل منفرد لسيارة زبون حالية.
ويقول لاني: "نوشك أن نشهد انتقالاً كبيرًا للثروات بين الأجيال، وهذا يشمل بعض أضخم مجموعات السيارات. قد لا يقود الورثة من جيل الألفية هذه السيارات إذا كانت تعمل بمحركات احتراق داخلي، ولكننا نستطيع تحويلها وتمكينهم من مواصلة استخدامها".
سيستحسن والد مات روجرز سيارة ابنه الكهربائية من طراز 911، والتي تضطلع بعملية استعادتها شركة آريا غروب Aria Group المسؤولة أيضًا عن مشاريع استعادة طرز 911 القيّمة لصالح شركة سينغر Singer، والتي تبني المفاهيم التصميمية لكبار صنّاع السيارات.
إذا نحّينا جانبًا الدفع الكهربائي الهائل، يتضح أن قيادة المركبة تماثل قيادة أي سيارة من طراز 911، لأنها حقيقة من الطراز نفسه. فمركز الجاذبية وتوزيع الوزن ظلّا على حالهما، فيما انخفضت كتلة السيارة بعض الشيء، بِرغم وزن البطاريات. جرى أيضًا الارتقاء بالمكابح ونظام التعليق من أجل مواكبة السرعة الإضافية، ولكن بأسلوب بورشه المميز.
يحافظ هذا التعديل على المزايا الحيوية الجريئة للمحرك الخلفي ونظام الدفع الخلفي التي يمتاز بها طراز 911، وكذلك بالقدرة الكبيرة على التوجيه والتحكم في الدواسات. وإني أرى أن السرعة الجنونية للسيارة قد عوّضت انعدام الضجيج وأتاحت لي غير مرّة الاستمتاع بمزايا الهيكل.
والشيء الوحيد الذي افتقدته كان تغيير التروس بنفسي، ولكن عزم الدوران الكبير المنتج سريعًا من المحرك الكهربائي ينفي الحاجة إلى ذلك. لقد أحببت هذا التعديل، وقد تخالفني في هذا. ولكن من الصعب الجدال حول التحويل الكهربائي لسيارة كلاسيكية محركها لم يكن إطلاقًا عامل الجذب فيها.
باتت طرز لاند روفر المبكرة، بشكلها الصندوقي وتصميمها البسيط وأدائها العملي، رائجة للغاية هي أيضًا. ولكن الأمر غير الرائج هو إيصال أطفالك إلى المدرسة بسيارة تقذف الملوّثات من عادم محرك مزعج رباعي الأسطوانات.
والأمر نفسه ينطبق على معضلة تغيير التروس، إذ إنك ستحار في التبديل بين السرعة الأولى، ووضع القيادة الخلفية، والوضع المحايد، وهذه الحيرة تداهمك بينما يرقبك المتسوقون على طول طريق توني كينغز في لندن. لقد كان المقصود دائمًا أن تخضع سيارات لاند روفر للتعديل، ولذلك فإن تحويلها إلى سيارة كهربائية موثوقة، وسهلة القيادة، وخالية من الانبعاثات، مع هيكل مُجدد بإتقان يمكنك إغلاق سقفه وإلقاء زجاجه الأمامي إلى الأمام، أمر مثير للغاية.
على إن إيفيراتي لم تستغن عن معدات الطرق الوعرة الشهيرة التي امتازت بها لاند روفر، في حال أردت يومًا اختراق الكثبان الرملية المحيطة بمنزلك الشاطئي.
يقول لاني إنه يحاول الحفاظ على روح هذه السيارات، وأعتقد أنه نجح في كلتا الحالتين، ولكن لو أنه تهاون في الحفاظ على اهتزاز سيارة لاند روفر الشهير لكان أفضل. على أن توجيهها وإيقافها أحسن بكثير مقارنة بأي طراز آخر قدته، وتحفظي الوحيد يخص السعر. فهل من المعقول لمركبة مزارع بسيطة كانت تكلف وقت إطلاقها في عام 1947 قرابة 450 جنيهًا إسترلينيًا، أو ما يعادل 2,000 دولار، أن تكلف الآن 185,000 دولار، زيادة على تكلفة السيارة الأصلية؟
Greg White
تخضع سيارة Superformance GT 40 الكهربائية من إيفيراتي للتعديلات النهائية قبل اختبارها على حلبة الشركة.
مسار متكامل
تختلف الأوضاع في شركة لوناز، إذ تطل نافذتان داخليتان في قاعة الاجتماعات الأنيقة للمؤسس ديفيد لورنز، البالغ من العمر 35 عامًا، على محترف فسيح وعريق. هنا، تنفذ معظم مراحل الاستعادة والتحويل داخليًا، وتبدو المنشآت أشبه بإحدى منشآت رولز - رويس أو فيراري، ولكن على نطاق أصغر. يعمل في المحترف أكثر من 60 مهندسًا تحت إشراف المدير الفني جون هيلتون، مصمم سيارات الفورمولا 1 التي مكّنت مايكل شوماخر وفرناندو ألونسو من الفوز ببطولة العالم، ويعكفون جميعهم على مختلف تفاصيل تركيب المحرك الكهربائي باستخدام شاشات تعرض التصاميم المبتكرة بمساعدة الحاسوب.
وفي استوديو التصميم المكشوف، بجدرانه الرمادية الداكنة وأرضيته الخرسانية المصقولة وتجهيزاته الصناعية، تقود جين هولواي، التي كانت ترأس سابقًا قسم Q للتخصيص في أستون مارتن، فريقًا يساعد الزبائن على تخصيص تصاميم سياراتهم "حتى أدق تفصيل"، على ما تقول لورنز. يريد بعض الزبائن لسيارتهم أن تبدو مطابقة للأصل، فيما يرغب بعضهم الآخر في تطبيق أفكارهم الخاصة.
أراد أحدهم جلدًا بلون كرة الكريكيت التي كان يمسكها حين وصل المصنع، فيما أراد شخص آخر مقصورة تقليدية تخلو من المنتجات الحيوانية، بما في ذلك الجلد في كسوة التنجيد وصوف السجادة الذي حلّ محلّه منتج مصنوع من بلاستيك مستخرج من المحيط، لا يمكن تمييزه عن الصوف الطبيعي. ترسل هولواي إلى الزبائن الذين يتعذّر عليهم زيارة المنشأة "صناديق لتقصّي المزاج" تتضمن عينات من الألوان والمواد.
في ورش العمل، تُجرّد كل سيارة من أجزائها وصولاً إلى الهيكل المعدني، ثم يُسوّي الحرفيون الإصلاحات الفاشلة السابقة (المخفية) على نحو دقيق ومثالي باستخدام تقنيات حِدادة عريقة. وعلى غير ما هو مألوف، تُنفذ عمليات الطلاء والتشطيب داخل الشركة، وكذلك الأمر مع النظم التكنولوجية، إذ تُجمّع البطاريات داخل المنشأة، ابتداءً من الوحدات المتفرقة إلى المجموعات الكاملة المصفحة.
ومن غرفة الاجتماعات، يمكن ملاحظة صفوف تجميع الأجزاء، فضلاً عن مجموعة السيارات التي تتيحها لوناز. ثمة سيارات رزينة ورسمية من رولز - رويس وبنتلي ترجع إلى خمسينيات القرن الماضي وستينياته، وهي مركبات غالبًا ما تطلبها الفنادق، ومن بينها سيارة سيلفر كلاود Silver Cloud ذهبية اللون كانت تمتلكها صوفيا لورين. وثمة أيضًا سيارة جذابة بلون أسود فاحم من طراز Jaguar XK120، وهي أول سيارة عرضتها لوناز، إلى جانب ثلاث مركبات متباينة الألوان من طراز Aston Martin DB6 الذي يعود إلى الستينيات، وهو أغلى طرز لوناز المتاحة، فضلاً عن ست مركبات من طرز رينج روفر المبكرة، هي أحدث إضافة إلى المجموعة.
يقول لورنز إنه لا يلقي بالاً للنقد الموجه إليه، ويشدد على أن هواة الجمع الجادّين لا يرون في ما يفعله انتهاكًا للتقاليد، مشيرًا إلى أن أحد زبائن سيارة بنتلي المعدلة الأوائل يمتلك واحدة من أهم مجموعات السيارات التي ترجع إلى ما قبل الحرب العالمية. وثمة زبون آخر يمتلك نحو أربعين نموذجًا من بين أهم الطرز في العالم، وكل ستة أشهر أو نحو ذلك يرسل واحدة منها إلى لوناز كي تخضع للتحويل.
كما يوضح لورنز أن معظم زبائنه وافدون جدد على عالم السيارات الكلاسيكية. وفي هذا يقول: "يقصدوننا لأنهم لم يتمكنوا من شراء سيارة كهربائية بالكامل من علامة مثل رولز - رويس أو سيارة كهربائية فاخرة من طرز رينج روفر الرياضية متعددة الاستخدامات. لم تتح لهم أيضًا الفرصة لتصميم سيارتهم الكهربائية كما يشاؤون، وهو ما نوفّره لهم هنا.
سيتحقق كلا هذين الأمرين بالطبع مع سيارات مثل رولز - رويس سبيكتر، ولكن هذا لا يضرنا في شيء. كل ما في الأمر هو أنه يجعل قيادة سيارة رولز- رويس كهربائية أمرًا مقبولاً".
Greg White
الكاتب بن أوليفر يقود النسخة المميزة من سيارة بورشه 911 (964)، التي عدلتها إيفيراتي، على حلبة السباق.
لا يُلقي لورنز أيضًا بالًا لأولئك الذين يعتقدون أن التحويل الكهربائي يفسد السيارات الكلاسيكية إلى الأبد، مشيرًا إلى أن محركات الاحتراق الداخلي كلها المنزوعة من السيارات الأصلية تُسجل وتُخزّن للمالكين (تُخزن إيفيراتي المحركات المنزوعة بناءً على طلب المالكين)، ولا يجري إدخال أي تعديلات على السيارات من شأنها أن تعوق إعادة المحرك الأصلي إلى موضعه السابق.
ويستطرد لورنز قائلاً: "زبون واحد فقط أبلغني أنه لا يريد المحرك الأصلي. مع ذلك خزّنته لأنه جزء من تاريخ السيارة ولا ينبغي أن يندثر". ويتابع: "لا أعتقد أن محركات الاحتراق الداخلي ستُعاد إلى مكانها. فلماذا يتجشم المرء كل تلك المشاق لتحويل المركبة إلى سيارة كهربائية، ومن ثم يعكس العملية؟".
يقول لورنز أيضًا: "كانت هذه السيارات حاضرة منذ ستين عامًا، وأريدها أن تبقى إلى الأبد. ويمكنك بعد مرور ستين عامًا أخرى أن تستعيدها بالكامل من جديد. ولكن الواقع يقول إننا سنتوقف تمامًا عن قيادة سيارات تعمل بمحركات احتراق داخلي بعد ستين عامًا. نحن لا ندمّر التاريخ، بل نحفظه".
يشوب الغموض عالم السيارات الفاخرة المرغوبة من قبل الجامعين، إذ عادة ما يفضّل ملاكها البقاء في الظل، ولذلك يتعذر جمع بيانات دقيقة عن المبيعات والأسعار المحققة وتغيّر الأذواق وعادات الشراء. ومن الصعب تحديد ما إذا كان ظهور لوناز وإيفيراتي ونظرائهما في الولايات المتحدة مؤشرًا إلى بدايات توجّه حقيقي إلى التخلي عن السيارات الكلاسيكية بمحركات الاحتراق الداخلي المُزعجة والمُلوّثة، أو إذا كان زبائن هذه الشركات مجموعة منتقاة لا يمثلون موجة تغيير أوسع وأعمق.
يعتقد جيمس بانكس أن الرأي الثاني هو الأصح. كان بانكس، مهندس الإنتاج السابق في ماكلارين، يقود القسم المسؤول عن تصميم السيارات حسب الطلب ويتولى إدارة العلاقات بين الصانع ومالكي سيارته الأسطورية متفوقة الأداء F1.
وبعدها أسس بانكس LaSource، وهو نادٍ افتراضي للصفوة يسمح لمالكي السيارات الفاخرة بتبادلها بسرية، كما يقدم لهم المشورة بشأن مجموعات السيارات التي يمتلكونها، وسبل استعادتها وتخصيصها، إلى جانب تمثيل صنّاع السيارات المتفوقة المخصصة مثل غوردون موراي للسيارات Gordon Murray Automotive.
يعرف بانكس هواة الجمع منهم شخصيًا، ولا يعتقد أن حبهم لمحركات الاحتراق قد تبدد تمامًا. وفي هذا يقول: "لقد تواصل معنا عدد من صانعي السيارات في هذا المجال لتمثيلهم، ومع أننا لم نشرع بعد في التعاون معهم، لكنني زرت مقراتهم وقد أثارت إعجابي. بل إن بعضهم يضاهي شركة صغيرة متخصصة في صناعة السيارات الفاخرةـ وأعتقد أن مستقبلهم مشرق إذا أجادوا تصنيع تلك السيارات".
ويتابع بانكس قائلاً: "لا أعرف المشترين كلهم شخصيًا. إنهم جمهور جديد. على أن هذا التوجه الشرائي الجديد يقوده زبائن من الساحل الغربي للولايات المتحدة. فولاية كاليفورنيا مفتونة أكثر من أي وقت مضى بالسيارات الكهربائية، وربما ثمة تلويح بالفضيلة في هذا السلوك. كذلك، يساعد سعر صرف الدولار إذا كان الطلب من المملكة المتحدة".
يقول بانكس أيضًا إن "زبائنه من هواة محركات الاحتراق الداخلي لم يتغيروا، فقد يقودون السيارات الكهربائية في وسط الأسبوع، ولكن ما إن تحين نهايته حتى يتحولوا إلى السيارات المجهزة بمحركات الاحتراق الداخلي".
هذا كله بافتراض أن جلبة محركات الاحتراق الداخلي والإحساس الذي تخلفه عنصران أساسيان في جاذبية السيارة المعنية. وليس الحال هكذا دائمًا. فبعض المالكين لا يستطيبون القيادة بأنفسهم طوال الوقت.
أجلس في المقعد الخلفي من سيارة طويلة وأنيقة ترجع إلى الستينيات من طراز Rolls – Royce Phantom V. عندما كانت هذه السيارة جديدة، كانت سبل التنقل الفاخر والفخم على البر عديدة. مقارنة بسيارة فانتوم الحديثة، يمتاز هذا الطراز بقلة الأجهزة الممكن استخدامها، وبمقصورة مكسوة بجلد حريري بلون رمادي فاتح وسجاد من الصوف الخشن.
غير أن أعظم مظاهر الفخامة التي ينبغي أن تمتاز بها مقصورة السيارات هو المساحة الرحبة والإضاءة (وهي عناصر تزداد صعوبة توافرها في السيارات الحديثة، إذ تعوقها قيود التصميم العالمية الخاصة بحماية المشاة)، وهذا ما تجلى بوفرة في طراز رولز - رويس الكلاسيكي. فعلى سبيل المثال، أستطيع مد ساقيّ، وبفضل النوافذ الزجاجية العريضة وضيق الأعمدة الداعمة للسقف، تنساب أشعة الشمس حتى تغمر المقصورة، وعلى البعد أمامي، في طرف غطاء المحرك، يتبدّى بوضوح شعار السعادة.
بعد أسبوع بالتمام من زيارتي لمقرّ لوناز، أجد نفسي في المقر الرئيس لشركة رولز - رويس وأنا أشاهد الغطاء يرفع عن طراز سبيكتر، الذي يمثل أول سيارة كهربائية بالكامل من الصانع. كان المفترض دائمًا أن تنتج سيارات رولز - رويس قوة دفع هائلة من عزم دوران مذهل وفي سكون شبه تام، والمؤكد أنك لن تفتقد محرك الاحتراق الداخلي في طراز سبيكتر، وكذلك في طرز لوناز التي كانت سباقة في هذا المجال. في هذا الطراز المستحدث، يتطابق الصوت مع الصورة في تناغم تام.