قد يكون التاريخ سلعة قيّمة لصنّاع السيارات، ولكنه أيضًا سلعة خطيرة، ذلك أن الحد الفاصل بين التبجيل والتقليد غالبًا ما يكون مبهمًا، والدليل على ذلك تلك القائمة الطويلة والمخزية للسيارات المستلهمة من الماضي التي فشلت فشلاً ذريعًا. فمن ذا الذي يتذكر سيارة فولكس فاغن نيو بيتل Volkswagen New Beetle ذات الدفع الأمامي دون أن تنقبض ملامحه؟
على أن المخاطر التي يُلاقيها صنّاع السيارات الخارقة أعظم في هذه الناحية، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بسيارة بلغت شهرتها الآفاق مثل طراز كونتاش Countach من لامبورغيني. حظيت السيارة الأصلية باستحسان واسع النطاق وقت إطلاقها في عام 1974، إذ أثار تصميم مارسيلو غانديني الشبيه بالإسفين إعجاب الكثيرين بقدر ما فعل أداء المحرك V-12 المصنوع يدويًا والكامن خلف مقصورة الراكب.
بل إن هذه المعادلة نفسها كانت مصدر الإلهام لكل سيارة من لامبورغيني تعمل بمحرك وسطي. مع ذلك، لم تشاركها قبل اليوم أي سيارة أخرى الاسم نفسه.
لم يكن المراد من سيارة Lamborghini Countach LPI 800-4 أن تكون نسخة طبق الأصل، بل كان المقصد إعادة ابتكار السيارة الأصلية في صيغة جديدة تُواكب القرن الحادي والعشرين. تتشارك هذه السيارة مع طراز أفينتادور الهيكل المصنوع من ألياف الكربون، وتعمل بالمحرك نفسه المكوّن من 12 أسطوانة بسعة 6.5 لتر والمعزز بمكثفات فائقة. إنه المحرك نفسه المستخدم في سيارة Lamborghini Sián الرياضية متفوقة الأداء، وهو يزوّد كونتاش الجديدة بقوة 802 حصان، أي أكثر من ضعف القوة الحصانية للطراز الأصلي.
حتى بمعايير لامبورغيني العالية على مستوى المظهر الدرامي، تتمايز سيارة كونتاش Countach LPI 800-4 بحضور مهيب. فهي قبل كل شيء أضخم من الطراز الأصلي، إذ زاد طولها وحده بنحو 29 بوصة، ومن ثم جرى الإبقاء على العديد من التفاصيل التي تُشيد بالأصل، بدايةً من أقواس العجلات الثمانية الشكل التي تشابه أقواس إصدار كواتروفالفولي Quattrovalvole الأصلي، وصولاً إلى شكل مقدمة السيارة المستمد من الإصدار الذي أطلقته الشركة احتفالاً بالذكرى الخامسة والعشرين لتأسيسها في عام 1988.
ستبدو المقصورة الداخلية مألوفة لأي امرئ سبق له قيادة سيارة أفينتادور، إذ تشبّعت بزخارف عصرية من ألياف الكربون ونسيج ألكانتارا، في حين ثُبتت شاشة تعمل باللمس في قلب لوحة القيادة. وتتشابه الكثير من تفاصيل هندستها الداخلية مع طراز لامبورغيني سيان، وبخاصة عجلة القيادة المسطحة القاعدة والخالية من أزرار التحكم.
Eros Maggi
تقدم سيارة Countach LPI 800-4 التي تنتج قوة تساوي 802 حصان ترجمة حديثة لطراز كونتاش الأصلي الأيقوني.
ولطراز أفينتادور بصمة حتى على حركة سيارة كونتاش الجديدة. فالمحرك المكوّن من 12 أسطوانة رفيق فاتن بدرجة كبيرة، إذ يمدها بما يلزمها من القوة على نحو متدرج يختلف تمامًا عن التدفق المفاجئ الذي تمتاز به الطرز المنافسة المزودة بشواحن توربينية.
على أن صوت المركبة يبدو مذهلاً وحيويًا وبلِيغًا عندما تكون سرعة الدوران منخفضة، ولكنه يعلو ويزمجر باقترابها من سرعة الدوران القصوى المحددة عند 8500 دورة في الدقيقة.
وعلى ما كان متوقعًا، فإن أداء السيارة، التي يبلغ وزنها نحو 1595 كيلوغرامًا (الوزن الجاف)، من الشراسة بمكان، إذ تتسارع من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة في غضون 2.7 ثانية، وتحقق سرعة قصوى تساوي 221 ميلاً/الساعة.
وبالرغم من استحالة تبيان تأثير المكثف الفائق، الذي يوفّر قوة إضافية قدرها 34 حصانًا، على التسارع، إلا أنه يساعد حتمًا على تحسين أداء ناقل الحركة الآلي أحادي القابض عند التبديل إلى سرعات أعلى، وهي العملية التي تحدث بسلاسة أكبر مما هو عليه الحال في طراز أفينتادور. ومع ذلك، فإن قيادة كونتاش الجديدة توفّر قدرًا أكبر من المتانة، حتى عند نقل ماصّات الصدمات المرنة إلى وضعها الأكثر سلاسة. وأما ثباتها فهائل، ونظام الدفع الكلي يوفر قوة سحب هائلة فيما الطراز الأصلي من كونتاش كان ليُضيع طريقه بعد بضع منعطفات.
بيد أن السؤال المطروح هو: هل تستحق السيارة الجديدة اسمها الشهير؟ يرى 112 مشتريًا دفعوا 2.64 مليون دولار مقابلها أن الإجابة هي نعم. ولكن الحنين إلى الطراز الأصلي سيظل يُلقي بظلاله على Countach LPI 800-4، إذ سيُنظر إليها دائمًا بوصفها تكريمًا لِسلف رائد، رغم تفوقها عليه بمختلف المقاييس.