الباحثون عن المباني التاريخية الفاخرة والمنازل الفريدة على موعد مع خبرٍ سار، إذ أعلن عن عرض قصر آن أوف كليفز هاوس Anne of Cleves House -المعروف أيضًا باسم وينغز بلايس Wings Place- ومشتملاته للبيع مقابل 2.25 مليون جنيه إسترليني أو ما يعادل نحو 2.86 مليون دولار أمريكي.
يجثم القصر على حافة قرية ديتشلينغ الساحرة في إيست ساسكس حيث يمتد على مساحة 4200 قدم مربعة داخل حديقة ساوث داونز الوطنية، ليحظى بإطلالة فريدة لا تُضاهى. كما أنه يعد واحدًا من الأبنية القليلة المصنفة ضمن منازل الدرجة الأولى بين الملكيات الخاصة الفريدة بالمقاطعة، وأحد أفضل الأمثلة عن طراز تيودور المعماري في بريطانيا والذي تميزه الإطارات الخشبية.
التاريخ المثير لقصر آن أوف كليفز
يعود تاريخ القصر جزئيًا إلى القرن الحادي عشر، ما يعني أنه يتباهى بتاريخ غني يمتد لنحو ألف عام، فيما يُعتقد أن باقي الأجزاء قد شُيدت في منتصف القرن السادس عشر.
وقد كان الموقع مأهولاً بالسكان لقرون، إذ إن ديتشلينغ مستوطنة قديمة مذكورة في وصية ألفريد العظيم من عام 880، أحد أقدم السجلات، فيما بعض الادعاءات تشير إلى أنها كانت تمثل مركز مملكة جنوب ساكسون.
أما المبنى، فقد سُجل لأول مرة في مسح جرى عام 1086 باعتباره "قصرًا" في حوزة التاج البريطاني. وفي عام 1095، ولفترة طويلة بعد هذا التاريخ، ذُكر باسم بريوري سانت بانكراس أوف لويس، إلى أن عاد للتاج مرة أخرى، حيث تسلمه الملك هنري الثامن، الذي منحه في عام 1538 لأحد المقربين منه وهو توماس كرومويل.
ويعتقد العديد من المؤرخين أن قصر وينغز بلايس يشكل جزءًا من المجموعة الفريدة التي قدمها الملك هنري الثامن إلى آن أوف كليفز بعد انفصالهما، إذ سُحب القصر من كرومويل لتتسلمه آن، وهي الزوجة الرابعة في الترتيب بين زوجات هنري الثامن الست، وذلك بعد أن وافقت على فسخ الزواج.
وقد كان هذا القصر واحدًا من بين عدد من المباني المتفق عليها بوصفها جزءًا من التسوية. مُنحت الملكة السابقة أيضًا قصر ريتشموند، وقلعة هيفر، وعلى الرغم من أن وينغز بلايس لا يزال مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا باسمها، إلا أنه يُعتقد أنها لم تعش فيه أبدًا!
بعد وفاة آن أوف كليفز عام 1557، عادت ملكية القصر إلى التاج في عهد الملكة إليزابيث الأولى أواخر القرن السادس عشر. كما يُعتقد أن العقار تنقل بين شخصيات أخرى مثل اللورد أبيرجافيني الخامس، الذي منحه لهنري بول عند زواجه من ابنته جين نيفيل بوصفه جزءًا من مهرها في عام 1570.
وفي عام 1688، استحوذت عائلة براون على القصر، فيما حول الحفيد جيمس براون الطابق الأول من غرفة للحراسة إلى مكتبة عامة ملحقة بالجانب الشرقي من المبنى. وباختصار فإن كل ذلك يعني ببساطة أن جدران هذا القصر تحكي أسرارًا تاريخية تعود لنحو عشرة عقود، مثلما تحتفظ بطراز معماري خاص جدًا.
Inigo
تحفة معمارية
حسب الخبراء فإن قصر وينغز بلايس هيكل معقد مر بمراحل متعددة من البناء، وهو يعد نموذجًا عن طراز تيودور المعماري، مع مجموعة نموذجية من الميزات الأصلية في الخارج والداخل.
فقد جرى تأطير الهيكل ذي الإطار الخشبي بوساطة الجملون المميز في الطرف الشمالي حتى الطابق الأول، مع الأخشاب المزخرفة وألواح المداخن المنحوتة، جنبًا إلى جنب مع مداخن الطوب الطويلة والنوافذ ذات الأبواب الخفيفة المسننة والرصاصية.
فيما تستفيد أماكن الإقامة الواسعة من ارتفاعات الأسقف، التي تتدرج لثلاثة طوابق، تزينها نجارة رائعة، وسُلّمان من خشب البلوط، والعديد من المواقد المعلقة التي تعود للقرن السادس عشر. وقد جرى المزج بإبداع بين مجموعة كبيرة من ميزات الفترة الأصلية والتجهيزات والتركيبات الحديثة عالية الجودة.
يقع المدخل الأكثر استخدامًا لوينغز بلايس في الجزء الخلفي من المنزل، ويمكن الوصول إليه من خلال أبواب كريتال تؤدي مباشرة إلى المطبخ المعاصر الضخم، الذي يتباهى بسقفه المقبب، والجدار الزجاجي الذي يطرح تفسيرًا مبتكرًا للنوافذ المربعة.
Inigo
وتؤطر المشهد إطلالات رائعة على الشرفة المواجهة للجنوب والحديقة، من خلال نوافذ كبيرة مزدوجة الارتفاع. وتكتمل اللوحة هنا بالخزائن المطلية بأسطحها الرخامية الموضوعة فوق البلاط المزخرف المميز بالتدفئة الأرضية، مع درج يؤدي إلى القبو الذي يتكون من غرفتين للتخزين ومنطقة مرافق للغلايات وخزان المياه الساخنة. ويؤدي درج متحول من خشب البلوط من الصالة الداخلية إلى الطابق الأول.
من المطبخ تؤدي السلالم إلى غرفة الطعام الرسمية المركزية، مع مدفأة ملتوية بتصميم جذاب. وبجوار غرفة الطعام توجد غرفة جلوس مريحة، بالإضافة إلى مدفأة معلقة مزودة بموقد يعمل بالحطب، فيما يفضي درج ثانوي من هنا إلى حمام وغرفة نوم للضيوف.
تمتد الأرضية الأصلية والعوارض الخشبية القديمة في مختلف أنحاء هذه المساحات، وفي الجانب الغربي توجد غرفة رسم رحبة بها نوافذ حجرية مكسوة بالرصاص تغمر المساحة بالضوء.
وفي الخلف قام المالك الحالي بتعليق الستائر لإنشاء منطقة ألعاب للأطفال، بينما تبرز المدفأة المعلقة الثالثة على محيط منحوت من خشب البلوط. وخارج غرفة الرسم توجد مكتبة مذهلة مغطاة بألواح تزينها وردة تيودور المنحوتة فوق المدخل، ومفتوحة على الشرفة الحجرية المواجهة لأشعة الشمس.
Inigo
أما قاعة المدخل الأصلية، فتقع على الجانب الآخر من المنزل، ويمكن الوصول إليها من الشارع من خلال بابين طويلين منحوتين من خشب البلوط الصلب. وتستخدم هذه المنطقة حاليًا مكتبًا مزدوج الارتفاع يطل على الحدائق الواسعة، ويحتوي على أرضية مدهشة من الحجر، فيما يُعتقد أن الطابق الأول السابق من هذه الغرفة كان مكتبة إعارة عامة، يمكن الوصول إليها عبر الدرج الخارجي للجانب الشرقي من المنزل. وتُفتح هذه الغرفة على غرفة الطعام الرسمية التي سبق الإشارة إليها.
كما تتصل غرفة المكتب بحجرة النوم الرئيسة بين غرف نوم القصر الخمس، وهي غرفة فسيحة بها نافذة كبيرة من خشب البلوط، تحتوي على مدفأة وغرفة لتبديل الملابس وحمام داخلي يتباهى بالتجهيزات العصرية، بما في ذلك الحوض الحجري وحوض الاستحمام القابل للإخفاء.
وعلى الجانب الآخر غرفتا نوم إضافيتان، واحدة بسقف مقبب ومدفأة تخفي مخبأ سريًا، والأخرى يمكن الوصول إليها عبر الدرج في غرفة الطعام، مع حمام مجهز قائم بذاته، ومرحاض منفصل خلف أحد الأبواب. أما الطابق الثاني، فيحتله جناح للضيوف يتكون من غرفة نوم وخزائن وحمام منفصل مجهز بحوض استحمام ومقصورة دش رائعة.
Inigo
حدائق وينغز بلايس الساحرة
في الجزء الخلفي من قصر وينغز بلايس شرفة كبيرة مشجرة مواجهة للجنوب شُيدت من الحجر الرملي بمستوى أعلى من الحديقة الرسمية، ما يوفر واحة ترفيهية رائعة في الهواء الطلق، إذ تطل على الحدائق المنعشة والأشجار والزهور المحيطة.
ويمكن الوصول إلى الشرفة عبر درجات حجرية واسعة وعريضة، تؤدي إلى المسارات المرصوفة، وإلى ممر متعرج عبر أزهار الخزامى والفاوانيا والورود المتنوعة، وكذلك الشجيرات المرصوفة بحدود عشبية معمرة. كما توجد عريشة ذات أعمدة على جانب واحد من الحديقة، يقال إنها جلبت من قصر وستمنستر في القرن التاسع عشر، وتشكل الآن ممشى ساحرًا مغطى.
خارج الحديقة الرسمية ثمة حديقة عشبية محاطة بالأشجار، ما يخلق بيئة هادئة ومظللة خلال أشهر الصيف الحارة. ويمتد جدول مياه على طول الجزء السفلي من العشب، ما يضع حدودًا طبيعية بين الحديقة والحقول الواقعة خارجها، مع إطلالة ساحرة على ساوث داونز.