تركز العديد من الأبحاث حاليًا على استكشاف قدرات الفطر في مكافحة تغير المناخ والتخفيف من آثاره على المدن السكنية والبيئات الطبيعية، وذلك من خلال ما يسمى "المعالجة الفطرية" التي أثبتت نجاحها في قطاعات مثل تنقية المياه والتعامل مع المنازل المهجورة ومعالجة المناطق المعرضة لحرائق الغابات حول العالم.
فوائد الفطر في مكافحة تغير المناخ.. وكيف يستخدم؟
وجدت دراسة أجراها باحثون من جامعة أوتريخت في هولندا أنه يمكن استخدام ركيزة فطر الزر الأبيض (وهي البيئة حيث ينمو الفطر، وقد تكون من القش أو نشارة الخشب أو ثفل القهوة) في تنقية المياه، وذلك بفضل ما ينتجه هذا الفطر من إنزيمات تحلل المركبات العضوية، مثل اللجنين، وهو المكون الأساسي في الخشب وجدران الخلايا النباتية الأخرى.
وتمثلت الدراسة في دمج ثماني مواد، تضمنت مبيدات وكافيين وأدوية، مع أجزاء من ركيزة فطر الزر الأبيض، وكانت النتيجة تخلص المياه من نحو 90% من هذه الملوثات العضوية الدقيقة، خلال فترة سبعة أيام.
لم تتوقف فوائد ركيزة الفطر عند هذا الحد، بل أثبتت كفاءتها في بضع تجارب، أبرزها في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية حيث قررت الشركة المعمارية Redhouse Studio تطبيق برنامج Redhouse's Biocycler للتعامل مع آلاف المنازل المهجورة في المدينة.
ويتمثل البرنامج في زراعة الفطر في هذه المنازل، واستغلال قدرته على التهام المعادن الثقيلة والسموم الأخرى، ثم ضغط بقايا الركيزة لإنشاء طوب نظيف يُستخدم في عمليات بناء جديدة. وتشير الشركة إلى أن قوالب الركيزة تشبه في بنيتها الخشب الصلب، وقد ثبت أنها أقوى بكثير من الخرسانة.
وفي الوقت نفسه، نجحت المنظمة الأمريكية غير الربحية CoRenewal في تطوير أساليب تعتمد على المعالجة الفطرية بهدف تحسين النظم البيئية المتضررة مثل الغابات المحترقة، والمسطحات المائية الملوثة بالانسكابات النفطية.
وقد استخدمت المنظمة فطر المحار، المعروف بقدرته على تفكيك البترول والهيدروكربونات، في معالجة مياه نهر الأمازون الملوثة بالانسكابات النفطية. وفي الغابات المحترقة في شمال كاليفورنيا، استخدمت مواد فطرية لمنع وصول الرماد السام إلى الممرات المائية العذبة وتجديد النظم البيئية التي تضررت بسبب الحرائق.