في أوائل القرن العشرين، خطط أخ وأخت، يتّشحان بلباس الفقر والجمال، للهرب من مسقط رأسهما باري، عاصمة منطقة بوليا الإيطالية.
كان الأخ يميل إلى الرياضة، فيما كانت الأخت المبدعة العنيدة تَعلم في قرارة نفسها أن مستقبلها لا يقتصر على الأمومة داخل كوخ متهالك مثل غيرها من النساء. أصبح الأخ إنزو فيرمونتي بطلاً في الملاكمة، وبعدما انتقل إلى أمريكا، تكنّى باسم ويليام بيرد، تحاشيًا لأن يجري تعييره بأصوله الإيطالية.
قاده هذا إلى هوليوود، حيث أدى دور البطولة في كثير من الأفلام وتزوج واحدة من أغنى النساء آنذاك، الأرملة مادلين أستور، الناجية من غرق سفينة تيتانيك، وهذا ما جعله ذائع الصيت. انتهى الأمر بالأخت أنطونيا في باريس، حيث فتنت الساحة الثقافية التي استبدّ بها السرياليون.
وعلى الرغم من موهبتها في الرسم، إلا أن أنطونيا اشتهرت أكثر بوصفها عارضة أزياء وملهِمة الفنانَين المقربَين رينيه لوتورنور وجاك زفوبادا. كلاهما أحبها، فتزوجتهما تباعًا، ثم سكنوا في ما بعد منازل متجاورة جنوب باريس. لكن أنطونيا توفيت شابة عن عمر يناهز الثانية والأربعين، محرومة من البصمة التي تاقت إلى تركها.
La Fiermontina
ألْقت المناظر الطبيعية البِكر لمنطقة العرائش المغربية فتنتها على ياسمينة وفؤاد الفيلالي عندما طالعاها لأول مرة قبل 30 عامًا.
بعد نحو قرن من الزمان، يُكابد شقيقان آخران، من أحفاد أنطونيا الأثرياء المتنفذين، في سبيل إرساء قواعد إرثها الذي انقطع قبل الأوان.
كان الأخ، فؤاد الفيلالي، يشغل سابقًا منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة "أونا" التي تعد أكبر تكتل شركات في المغرب، وقد أدارها على امتداد 13 عامًا حتى عام 1999.
Valentina Rosati
يرى الشقيقان الستينيّان في هذا الفندق مشروعًا غايته تنمية المجتمع.
كذلك كان فؤاد الصهر السابق للملك محمد السادس، إذ ظل متزوجًا من أخته الكبرى الأميرة للا مريم طيلة 15 عامًا. أما شقيقته ياسمينة أنطونيا الفيلالي، التي تكنّت باسم جدتهما، فإنها تعشق الأعمال الخيرية وقد قضت قسمًا مهمًا من حياتها في تسيير مؤسسة شرق غرب، وهي مؤسسة غير ربحية تُعين النساء محدودات الدخل واللاجئين على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
يوقّر الشقيقان جدتهما، وبالرغم من وفاتها قبل ولادتهما، إلا أنهما على يقين تام من أنها أهل للتقدير والاحتفاء. وفي هذا تقول ياسمينة: "في صغري، ذكر الجميع أنني أشبه جدتي وأمتلك الكثير من سماتها الشخصية، ولهذا تجمعني بها صلة وثيقة".
La Fiermontina
فيلا جاثمة على تلة عالية، تتمايز بإطلالة بانورامية.
بلغت هذه الصلة درجة رفيعة دفعت بالشقيقين إلى إطلاق مجموعة فنادق "لا فيرمونتينا" La Fiermontina تكريمًا لجدتهما، وقد نالت مجلة Robb Report إذنًا حصريًا لاستكشاف أحدث إضافة إلى المجموعة في مدينة العرائش المغربية.
فندق "لا فيرمونتينا أوشن" على ساحل المحيط الأطلسي في المغرب
ينضمّ فندق "لا فيرمونتينا أوشن" La Fiermontina Ocean، بعد افتتاحه في عام 2023، إلى فندقين آخرين، أحدهما في باريس ويتضمن شقة أنيقة متاحة للإيجار في ساحة فاندوم، والثاني في ليتشي بإيطاليا ويشتمل على ثلاث واحات منفصلة قريبة من البحر الأدرياتيكي. وتقوم فكرة هذه المجموعة، بحسب ياسمينة، على "سرد حكاية أنطونيا من خلال فنادق تتوزع على المدن التي نزلت بها قيد حياتها".
La Fiermontina
أنطونيا فيرمونتي وهي تحمل آن، والدة ياسمينة وفؤاد، في عام 1936.
ما بين الضيافة والعمل الخيري
على أن إطلاق علامة الفنادق هذه لا يبتغي التذكير بإرث جدتهما في سياق فاخر فحسب، بل يلتمس السير على نهجها في مساعدة النساء الفقيرات على تحسين حياتهن. وفي هذا تقول ياسمينة: "تندرج فكرة المشروع بين الضيافة والعمل الخيري، وفي هذا التقاطع خصوصًا تتجسد فلسفتنا".
يُعبّر فندق لا فيرمونتينا أوشن عن هذه الرؤية أكثر من غيره، إذ يتضمن 14 فيلا فاخرة على ساحل المحيط الأطلسي في المغرب، تتمايز 11 منها بإطلالات على البحر ومسابح خاصة.
بُنيت هذه الفيلات كلها بزاوية تحول دون استراق النظر إلى المساكن القريبة، فيما أثثها المصممون بمفروشات غير متكلفة مستلهمة من الأثاث الذي ساد في منتصف القرن العشرين.
فضلاً عن ذلك، تشتمل الغرف والحمامات على مفارش مطرزة من تصميم جمعية تعاونية غير ربحية تنضوي تحت لواء مؤسسة ياسمينة. تتخلل بساتين الزيتون المعمّر، المستقدم بمعظمه من مدينة مراكش، أراضي الفندق الشاسعة، التي تُحاذي ناديًا شاطئيًا مستقلاً يحتجب خلف الكثبان الرملية ويمكن بلوغه عبر ممر مثير يقتضي اجتيازه التيقّظ والانتباه.
لكن المنتجع ليس بأي حال من الأحوال فقاعة معزولة من الفخامة، إذ تقع الفيلات بمحاذاة بلدة الدشير، حيث تعمّد الشقيقان تشييد غرف العلاج والحمام التقليدي لتشجيع الضيوف الأجانب على تجاذب أطراف الحديث مع السكان المحليين.
Eric Martin
يتيح برنامج الفطور في المنزل فرصة لاختبار الثقافة المحلية ومذاقاتها عن قرب.
ملتفتًا إلى طريق البلدة المغبّر من سيارته طراز جيب، يقول فؤاد إنه يسعى إلى إنعاش الحياة في هذه المنطقة التي تعد من أفقر المناطق في المغرب. ركّز الملك الراحل، الحسن الثاني، اهتمامه واستثماراته على الجنوب، ما أسهم في ازدهار القطب التجاري في الدار البيضاء والمركز السياحي في مراكش.
لذلك، عندما شرع فؤاد في شراء الأراضي بالمنطقة قبل 21 عامًا، كانت العديد من القرى تفتقر إلى أنابيب جرّ المياه. وقتها، كان فؤاد يتأمل حال النساء اللواتي يحملن دلاء المياه إلى منازلهن، ثم يتساءل: "كيف أستطيع بناء منزل يضم حوض سباحة في هذه المنطقة ما دامت المياه الجارية معدومة؟".
بمرور السنوات، أقام فؤاد منشآت أخرى في بلدة الدشير والبلدات المجاورة، ما ضاعف عدد الفصول الدراسية فيها جميعًا. بالإضافة إلى الفيلات المطلة على المحيط، يحتضن الفندق أكواخًا بسيطة للإيجار تستهدف شريحة أوسع من الزبائن، ومقهى، وحدائق متدرّجة يُشرف عليها فريق من العمال الحريصين على جودة أعشابها المستخدمة في إعداد الشاي المقدّم في الحمام التقليدي، وفي غير ذلك من المآرب.
وقبل وقت غير بعيد، أعاد فؤاد تشييد مبنى صغير في وسط البلدة، ينوي تأجيره لأحد سكان المنطقة بهدف افتتاح محل بقالة في القريب العاجل، ليكون بذلك بديلاً عن السوق الذي يتعيّن على السكان المشي لمسافات طويلة قبل الوصول إليه.
فطور في المنزل
لقد أمضى الشقيقان عامين في تدريب المقيمين على العمل في الفندق، لضمان استفادتهم المباشِرة من انتعاش السياحة. ومن هذا التدريب انبثقت فكرة برنامج الفطور في المنزل، الذي يكلف 450 درهمًا مغربيًا (نحو 45 دولارًا) للشخص الواحد.
تذهب الأموال إلى السيدة التي تدعو الضيف إلى منزلها لتناول وجبة الفطور، وعادة ما يكون مصحوبًا بمترجم من موظفي الفندق لتسهيل المحادثة.
La Fiermontina
تستلهم قائمة الطعام في الفندق جذور الشقيقين المختلطة على ما يشهد هذا الطبق الإيطالي المعد من الروبيان المشوي.
قدمت لي مضيفتي رَحمة مائدة عامرة تتضمن معجنات محلية ليّنة مغطاة بالسكر، وطبقًا عطريًا من الزيتون المحلي، وقطعة من كعكة الشوكولاته، وفطائر متنوعة خارجة توًا من الفرن. وكان ثمة زبدية تحتوي على سائل أملو المصنوع من اللوز وزيت الأرغان، ومع أن مذاقه لا يختلف كثيرًا عن زبدة الفول السوداني، لكن دهنه على الخبز يستثير نكهة خاصة.
وسط هذه الأطباق، تبرز "البيصارة"، حساء الفاصوليا السميكة الذي يعد وجبة فطور محلية أساسية ممزوجة بزيت الزيتون البلدي.
أتناول الوجبة بأكملها في فناء منزل رحمة فيما الدجاج ينقر الأرض بجواري وبعض القطط تنسلّ بعيدًا، متطلعة بفتور إلى الوليمة.
يجلس أربعة أطفال جانبًا، يضحكون ويختلسون النظر إلى الطعام فيما تواصل أمهم الطهي. وكلما لمح أحدهم فراغ كأس الشاي بالنعناع، تمايل تجاه الطاولة ليصب لي المزيد.
وفي هذا تقول ياسمينة: "عندما يستقبل السكان ضيفًا في بيوتهم، فإن ذلك يُكسبهم اعتزازًا بالنفس ويُشعرهم بالمساواة".
تلاقح ثقافي
على ما هو عليه حال الجدة، الفتاة القروية القادمة من الجنوب الإيطالي البائس والتي أصبحت ملهِمة باريسية راقية، يصعب حصر هوية الشقيقين.
Eric Martin
بزيارة خاطفة إلى الشاطئ، يتسنى للضيوف الاستمتاع بمساحاته الخاوية على صهوة الأحصنة.
والدتهما آن، التي تخطّت التسعين والتي تقطن في باريس، هي ابنة أنطونيا الوحيدة الباقية على قيد الحياة. تزوجت آن من عبد اللطيف الفيلالي، الطالب المغربي الذي قصد فرنسا للهرب من القلاقل التي عمّت وطنه أوائل خمسينيات القرن العشرين.
في البداية، انتصب أمامهما حاجز اللغة، "لكن التفاهم نشأ بينهما من دون الحاجة إلى الكلام"، على ما يقول فؤاد بابتسامة خجولة. في ما بعد، أصبح الفيلالي دبلوماسيًا، وفي عام 1994 جرى تعيينه رئيسًا للوزراء بعد نحو أربعة عقود من استقلال المغرب.
إن هذه الجذور الإيطالية الفرنسية المغربية تتيح لفؤاد وشقيقته التنقل بحرية بين الثقافات والأسماء واللغات. تُبدّل ياسمينة بين اسمها الأول والأوسط حسب المكان الذي تكون فيه.
أما فؤاد، فإن اسمه الرسمي الكامل هو فؤاد جياكومو الفيلالي، لذلك يتخذ اسم جاك عندما يكون في فرنسا. بل إن الصحافة أشارت إليه خطأً باسم جياكومو فيرمونتي. يؤكد فؤاد أنه يفضّل هذا الاسم الدارج في الشرق الأوسط حين يكون في المغرب، وفي هذا إقرار برغبته المعلَنة، هو وشقيقته، في الانتماء حيثما يكونان.
لا غرابة إذًا في أن يتكلم فؤاد بالعربية عند الحديث مع عاملي الفندق، ثم يتكلم بالإيطالية مع الطاهي العشريني المرح والملتحي أنطونيو جيانفريدا، الذي وصل لتوه من إيطاليا.
في الحقيقة، يتبدى هذا الاختلاط الثقافي في قائمة طعام فندق لا فيرمونتينا أوشن، إذ تشتمل على طاجن سمك غني بحبات الزيتون الأخضر المحلي، كما تحتوي على بيتزا مقرمشة طازجة مغطاة بسمك الأنشوفة ومطهوة في فرن يشتعل بالحطب.
في بادئ الأمر رأى الشقيقان في المنطقة ملاذًا خاصًا بهما. فبعد الإقامة في عِزبة على الساحل مع صديقهما باتريك جيراند هيرميس، عاشق البولو وسليل مؤسس الدار الفرنسية الفاخرة، شُغفا بالمكان إلى حد أنهما شرعا في شراء الأراضي القريبة.
في البداية كانا يقصدان المنطقة ليوم أو يومين للاختلاء والتنزه في الكثبان الرملية رفقة الأصدقاء.
تقول ياسمينة: "لقد كان الملجأ الذي نعتزل فيه عن الجميع". من السهل الاختلاء بالنفس هنا، فالشواطئ تظل فارغة حتى في الأيام الربيعية الدافئة. وفي بعض المناطق لا دليل على وجود البشر سوى الأكواخ المتهالكة المتناثرة على خط المياه. (يقول أحد السكان مازحًا: "إن هذه الأكواخ تعود للمهرّبين").
Patrick Locqueneux
فيلا حديثة باسم "آيري" تزدان بالقطع المحلية المصنوعة يدويًا.
متحف في إيطاليا
على ما هو عليه الحال مع الشقة الباريسية والملاذ العرائشي، أطلق الشقيقان الفندق الإيطالي بواعز شخصي. لقد افتُتنا بمدينة ليتشي، حيث تمتلك عائلة هيرميس أيضًا فيلا تبعد نحو ساعتين عن جنوب مدينة باري، مسقط رأس جدتهما.
تأثر الشقيقان بهذه التجربة كثيرًا، ما دفعهما إلى اقتناص الأراضي الزراعية القريبة من ليتشي بداية، على ما يقول فؤاد مضيفًا: "لقد اقتنيت قطعة الأرض الأولى بسبب أشجار الزيتون، لكنني لم أُقم عليها منزلاً قطّ. احتفظت فيها بكرسي صغير، ومن حين لآخر كنت أنزل بالمكان، ثم أجلس متطلعًا إلى أشجار الزيتون".
انتهى الأمر بفؤاد إلى ابتياع مبنى قريب من أسوار المدينة. وفي هذا يقول: "أمّلت أن يكون المبنى بيتًا أقيم فيه، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن".
بعد قضاء عامين في إصلاح المبنى، اكتشف المقاولون الذين تعاقد معهم فؤاد غرفًا تحت الأرض، لهذا رأى أن المساحة الزائدة تجعله غير صالح لأن يكون منزلاً خاصًا.
La Fiermontina
يولي تصميم الفندق أهمية شديدة للخصوصية، لذلك بُنيت الفيلات كلها بزاوية تحول دون استراق النظر إلى الفيلات المجاورة.
بعدها، طلب بمعيّة أخته ياسمينة المشورة من صديقهما تييري تيسييه، الممثل الذي صار مالك فنادق معروفًا بتأسيس شركة الضيافة التجديدية 700,000 Heures. أدركت ياسمينة أن بالإمكان توظيف السياحة لاستقطاب الاستثمارات إلى المنطقة، التي توسعت رقعتها منذ طفولة جدتها ولكنها تظل مع ذلك من أفقر المناطق في شبه الجزيرة الإيطالية.
وعلى ما فعلت لاحقًا في المغرب، أطلقت ياسمينة برنامجًا لتشغيل النساء واللاجئين المحتاجين وتدريب السكان المحليين على فن الضيافة الراقية.
حاليًا، تدير عائلة الفيلالي قصر "لا فيرمونتينا بالاتزو بوسي كورسو" La Fiermontina Palazzo Bossi Corso، وهو قصر باروكي قديم يضم مسبحًا على السطح وعشرة أجنحة، بالإضافة إلى فندق "لا فيرمونتينا لاكشري هوم" La Fiermontina Luxury Home الذي يحتوي على 19 غرفة.
فضلاً عن ذلك، أعاد الشقيقان افتتاح متحف فيرمونتي Fiermonte Museum الذي تركز معارضه على جدتهما وزوجيها رينيه لوتورنور وجاك زفوبادا. يستطيع الضيوف الإقامة في هذا المتحف أيضًا، إذ أسهمت أعمال ترميم المبنى في إضافة أربع غرف تتوهج بفوانيس يمكن حملها لاستكشاف صالات العرض على انفراد في آناء الليل.
سافرت آن، والدة ياسمينة وفؤاد، إلى بوليا خصوصًا لحضور الافتتاح. وإذ تستذكر ياسمينة انطباعها آنذاك، تقول: "لقد جلّلها الصمت، إذ فوجئت من تكريس طفلين بمثل سننا حياتهما لجدتهما".
تُخطط ياسمينة للبقاء في إيطاليا إلى أن يستتبّ أمر المتحف الجديد، في حين يركز فؤاد على مشروعهما في المغرب. ولكن المطامح التي تشغل الشقيقين بعيدة، إذ ثمة قطعة مفقودة في حكاية جدتهما، هي قصة شقيقها إنزو الذي جاب العالم ثم أقام في أمريكا بعد طلاقه من مادلين أستور، مؤديًا دور البطولة في أفلام كثيرة من أواخر الثلاثينيات إلى السبعينيات. تقول ياسمينة: "ربما نتمكن يومًا ما من إطلاق مشروع في نيويورك أو لوس أنجليس، وبذلك نُحيي ذكرى عمنا الأكبر".
Eric Martin
يتيح الحمام التقليدي في قرية الدشير علاجات مغربية تقليدية وأخرى حديثة.
قريبًا من البحر الأبيض المتوسط
أقرب مدينة كبيرة إلى فندق لا فيرمونتينا أوشن هي طنجة التي ظلت دائمًا متمايزة عن المراكز الحضرية الأخرى. تقع المدينة أقصى شمال المغرب، بقدم في أوروبا وقدم في إفريقيا، وقد كانت لعقود طويلة خلال القرن العشرين منطقة عالمية، تديرها دول عدة منها إيطاليا وإسبانيا، وهذا ما أسبغ عليها طابعًا فنيًا جريئًا لا يزال صداه يتردد حتى اليوم.
إن ثمة الكثير من العناصر الحديثة التي تجعل المدينة جديرة بالزيارة، بحسب وكالة Plan It Morocco المحلية المتخصصة في السفر الفاخر.
تقول كلوي زارب، مديرة المبيعات في الوكالة والمغتربة الاسكتلندية التي تقيم وتعمل في المغرب: "تستعيد طنجة الطابع الذي ميّزها خلال السبعينيات والثمانينيات، عندما كانت مدينة عصرية مقصودة. لقد أصبحت جريئة أكثر، وزاخرة بالإثارة والعمران، ذلك أن الملك محمد السادس يريد المضي قدمًا على طريق تحديث البلاد".
تأخذ زارب الضيوف بانتظام إلى فندق "فيلا مبروكة"، الحائز جائزة أفضل الأفضل التي تنظمها مجلة Robb Report. لقد افتتح مصمم الأزياء جاسبر كونران هذا الفندق في فيلا كانت مملوكة سابقًا للمصمم إيف سان لوران ورجل الأعمال بيار بيرجي.
لا غنى للمقيمين في الفندق عن حجز عشاء في السقيفة الشاعرية الطابع، المستلهمة من ابتكارات مصمم الحدائق ماديسون كوكس، والتي تستوعب ثمانية أشخاص في أجواء خاصة.
فيما كشفت علامة والدورف أستوريا عن نيتها افتتاح فندق في المدينة، ابتاع المعماري جان لويس دينيو أحد المباني الحديثة القريبة من الساحل وينوي تحويله إلى فندق فاخر.
ثمة الكثير من الأنشطة التي يستطيع الزوار الاستمتاع بها داخل القصور الخاصة الفسيحة في مدينة طنجة، وقد يكون أكثرها استثارةً للاهتمام "دار سنكلير"، المنزل العائلي القديم لعارضة الأزياء البارزة جاكيتا ويلر التي أمضت قسمًا كبيرًا من طفولتها هنا.
تستطيع وكالة Plan It Morocco تيسير استئجار القصر للاستمتاع بإطلالاته الرائعة على المياه وحدائقه التلالية المتدرجة التي تقود إلى حوض سباحة ضخم. بإمكان الراغبين أيضًا تكليف أحد الطهاة بإعداد العشاء وسط المساحات الخضراء.
على غير ما هو عليه الحال في مراكش، قد لا تتوفر العديد من المتاجر الفاخرة في طنجة، ولكن المدينة تزخر بمحترفات النسيج لأسباب وجيهة. تشير هادية تملي، التي ترعرعت في طنجة حيث تدير صالة فنية، إلى أن "البركة تتأتى من العمل اليدوي، لذلك تحظى الحرف التقليدية بالكثير من التقدير".
لا بد أيضًا للضيوف من زيادة متجر "لاس تشيكاس" Las Chicas المرتفع في ثلاثة طوابق خارج أسوار القصبة، والذي يتيح مجموعة واسعة من الملابس والجواهر والأدوات المنزلية.
كذلك يُزمع مصمم الأزياء جين ماير بمعية مصمم المساحات الداخلية فرانك دي بياسي إطلاق متجر "حبيبي بورتون" Habibi Burton الذي يتخصص في بيع الأدوات المنزلية القديمة والقطع المنزلية العصرية والملابس المصنوعة محليًا.
ولا مندوحة من التعريج أيضًا على غوردون واتسون، تاجر التحف البريطاني الذي أمضى ثلاثين عامًا من عمره بين لندن وطنجة، حيث استقر أخيرًا. في حديثه عن طنجة، يقول: "ثمة طاقة كثيفة تنساب في هواء هذه المدينة، وهو ما قد يفسّر التباينات الشديدة بين الوافدين إليها".
يقيم واتسون في المبنى الذي يحتضن معروضاته، ويقول إن حديقته التي تشبه الغابة مفتوحة دومًا في وجه الضيوف.