حرصت دار جيرلان Guerlain منذ أن تأسست عام 1828 على وضع بصمتها الخاصة في عالم العطور. وخلال نحو قرنين من الزمان قدمت العلامة الباريسية العريقة مجموعة ضخمة من الإبداعات التي يتضوع عبقها بمعاني الفخامة والرقي.
واليوم تحتفل جيرلان بهذا الإرث الإبداعي عبر تقديم إصدارات جديدة من مجموعة L’Art et La Matière (الفن والمادة) تحمل هذه المرة اسم Les Ouds وتتكوّن من ثلاثة عطور جديدة بطلها خشب العود، وبذلك باتت المجموعة تضمن واحداً وعشرين عطراً.
إبداعات جريئة
تستمد عطور L’Art et La Matière الإلهام من مصدرين يمنحان المجموعة اسمها، وهما: الفن من خلال موهبة صنّاع العطور، والمادة أو المكوّنات التي تُعالج بدقة وحرفية لإبراز أعماق جوهرها العطري.
فكل إبداعٍ عطريٍ ضمن المجموعة كان وليداً لأحاسيس راقية مجسدة في عملٍ فني ترجمه مبدعو العطور لدى جيرلان بابتكار تركيبات متفردة، معيدين استكشاف الخلاصات العطرية بطريقة جريئة وغير مسبوقة، كأنهم يجمعون العناصر والنفحات كما يجمع الكاتب كلماته، وكما يرتب الملحن نغماته، وكما يبدع الرسام لوحاته.
هذا ما هو عليه حال ثلاثية العطور الجديدة من جيرلان Guerlain التي تجسّد إبداعات مختبرات العلامة الرائدة، والعاطفة الفنية التي رافقتها منذ أن تأسست للإتيان بابتكارات يرتقي معها شذا العطر ليصبح شكلاً مميزاً من أشكال الفن.
الغموض الساحر
في ثلاثية Les Ouds، ركّز صنّاع العطور الفاخرة في Guerlain على خشب العود، هذه المادة الثمينة التي عُرفت على مر القرون وفي الثقافات المختلفة بأسماء عدة مثل خشب الصبر، وخشب النسر، والجهارو أو الجنكو، والتي تستمد رائحتها القوية من مادة الراتنج الموجودة في قلب خشب شجرة Aquilaria.
وقد اختار مبدعو غيرلان خشب العود من غابات بنغلاديش، على حدود ولاية آسام، لاستخراج "عود آسام" ذي الجودة الفائقة، ومن مصادر مستدامة للتوريد: تُزرع عشرون شجرة مقابل كل شجرة تُقطع، كبديل عنها للأجيال المقبلة، ويُحصد الخشب يدوياً بالطرق التقليدية القديمة، ويُقطع إلى شرائح تُقطر بالبخار للحصول على مادة الراتنج الأسود ذات الغموض الساحر.
Oud Nude
تقول دلفين جيلك، مبدعة العطور لدى غيرلان: "ابتكرت عطر Oud Nude وكأنه حكاية خرافية يعبّر عبقها عن الطابع الحسي لأجسادنا وبشرتنا". وقد عملت دلفين جيلك على ابتكار صيغة مميزة لإبراز نعومة خشب العود، وحسب كلماتها يمكن لعطر Oud Nude أن يستحضر الخطوط الحسية لإحدى منحوتات الفنان كونستانتين برانكوسي.
فكما يؤكد عمل برانكوسي تموجات الخشب، يكشف العطر عن خشب عود تجريدي مبسّط ولكن حسي في العمق.
تنسجم مكوّنات هذا العطر وتتناغم لتستثير الأحاسيس، فيختلط خشب العود مع خشب الأرز، وينسجم مع النسغ الكريمي لخشب الصندل وصبغة الفانيليا التي جيء بها من مدغشقر، وهي مكوّن خاص بدار جيرلان، وينتج من القرون المزروعة عضوياً والمنقوعة في الكحول العضوي في سياق عملية حرصت الدار على صونها منذ أكثر من قرن.
Guerlain
Cherry Oud
تتجسد لمسات جيرلان الساحرة في هذا العطر من خلال التناغم المتقن بين العبير المبهج لأزهار الفاكهة وغموض عبق الأخشاب، فيعانق اللون الأسود الداكن رهافة اللون الأحمر الغني. وفي هذا تقول صانعة العطر دلفين جيلك: "أردت أن ألعب على التناقض بين ما هو نادر وغامض، من خلال صرامة خشب العود الداكن، والبهجة الضاحكة للكرز".
في عطر Cherry Oud، تتصادم التوابل كالقرفة المحترقة والهيل البارد مع الكرز، وخلاصة الورد التركي والعسل، وخلاصة الورد البلغاري، وخشب العود الأسود الذي تم تشريبه بلون الكرز الأحمر الزاهي. وحسب مصممة العطر، فإن لون الكرز الأحمر النابض بالحياة في العطر يذكر باللون الذي استخدمه جيف كونز في بعض منحوتاته المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ والمصقول كالمرآة.
Guerlain
Oud Khol
يقول تييري واسر مبدع العطور الرئيس لدى جيرلان: "من خلال رؤيتي وعملي على خشب العود، أردت التقاط بريق البخور، هذا البخور الآسر الذي جرى حرقه لقرون في الشرق الأوسط"، وهو توصيف يستحضره اسم عطره الجديد Oud Kohl. وإذ اختار هذا الصانع إبراز كلمات أنيش كابور: "لو كان هذا العطر لوناً، لكان الأسود المطلق"، حاول إبراز نفحات العود الأكثر سواداً، ليجعله مثل الكحل الذي ينقي العين بقدر ما يكثف النظرة، ما أتاح تحقيق رؤية واسر حول الأسود المطلق.
عندما يتفتح عبق العطر، يضيء اللمعان المعدني للألديهايد هذا السواد ليكشف عن عمقه، ويتحول عطر خشب العود إلى مزيج من نفحات جلدية ودخانية، فيما تلاحم الطحالب مع تأثيرات الكربون يضيف ظلالاً ساحرة على لوحة الألوان الداكنة. وبعد ذلك تتيح البهجة غير المتوقعة لحلوى البرالين بالكراميل تلطيف حدة العود.
ولابتكار هذا العطر الأكثر سواداً، عمل تييري واسر على إغراق خشب العود باللون الأسود بمكوناته الخشبية المدخنة والمشوية والمعدنية، ما يجعله كثيفاً وعميقاً مثل الكحل، وهنا يمكن مقارنة هذا الجوهر العطري الشديد السواد بالصباغ الأسود للوحات كابور، ولكن بعبق متفرد.
Guerlain
القارورة المبتكرة
تستلهم التصميمات الأنيقة لقارورة عطور L’Art et La Matière المثمنة الأضلاع من القارورة المربعة المستمدة من تراث جيرلان العريق.
وقد صنعت القارورة الجديدة بحرفية من قبل بوشيه دو كورڤال، صانع الزجاج التاريخي للدار منذ عام 1853، وهي قابلة للتخصيص، ما يحولها إلى ابتكار أصيل وشخصي للغاية، إذ يمكن اختيار اللوحة التي تتوج الغطاء من مجموعة متنوعة من المواد والألوان، كما يمكن تغيير لون السلك والشرابة، وكذلك يمكن إعادة تعبئتها مراراً وتكراراً من فروع مختارة لجيرلان لتتكامل مقومات الرقي.