تمثل تجربة السفر إلى الفضاء عبر المناطيد تجربة مختلفة كثيرًا عن استخدام سفن الفضاء المعتادة التي تعتمد على المحركات النفاثة والصواريخ لاختراق طبقات الغلاف الجوي، إذ إنك لن تدخل على متن المنطاد في تجربة التحليق دون وزن في الفضاء الخارجي.
وبخلاف رحلات الصواريخ والمحركات النفاثة التي تمضي عدة دقائق في الفضاء، فإن رحلات المنطاد إلى الفضاء تستغرق وقتًا أطول يصل إلى 12 ساعة متصلة يمضي خلال المنطاد فترة طويلة محلقًا في الفضاء.
من المتوقع أن تبدأ جميع رحلات المناطيد الفضائية في عام 2025، إذ ما زالت الشركات في مرحلة الاختبارات التجريبية ولم تعلن عن موعد محدد.
بالإضافة إلى شركة Space Prespective التي أعلنت استعدادها لإطلاق منطاد نيبتون وان في رحلات إلى حدود الفضاء الخارجي، تبرز اليوم ضمن الأسماء الناشطة في هذا المجال شركة World View التي تخطط لرحلات إلى الفضاء باستخدام منطاد وكبسولة الملحقة.
تنشط شركة World View بشكل رئيس في مجال التقاط الصور عالية الجودة للأرض من الفضاء الخارجي عبر مجموعة من المناطيد التي تحلق على ارتفاعات كبيرة، لذلك تمتلك الشركة خبرة كبيرة في تصميم المناطيد الفضائية وصناعتها. وقد أثمرت مساعي التخطيط للرحلات السياحية إلى الفضاء عن تصميم كبسولة بحجم 1.9 متر في 1.3 متر تتسع لنقل 8 ركاب وفردين من طاقم التشغيل، مع وجود مساحة كافية للتحرك داخل الكبسولة وتخزين الطعام والمشروبات، بالإضافة إلى غرف للنوم وحمامات أيضًا.
وتأتي الكبسولة مزودة بمجموعة من المستشعرات الخارجية والعدسات لبث مشاهد الفضاء الخارجي بشكل واضح، بالإضافة إلى تلسكوب يمكن استخدامه للنظر إلى الفضاء الخارجي أو الأرض.
World View
دُمجت أيضًا في الهيكل الخارجي للكبسولة مجموعة كبيرة من النوافذ التي تسمح للمسافرين على متنها برؤية المناظر الطبيعية المحيطة بهم. ويجري التحكم في مناخ الكبسولة ودرجة حرارتها وضغط الهواء بداخلها بالكامل من قبل طاقمها.
تحلق هذه الكبسولة إلى الفضاء عبر منطاد كبير مملوء بالهليوم بحجم 400 ألف متر مكعب، وتستغرق الرحلة من 6 إلى 12 ساعة متصلة على ارتفاع 30 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض. وبالرغم من أن هذا الارتفاع لا يُعد جزءًا من الفضاء الخارجي، إلا أنك تستطيع رؤية كل ما يراه رواد الفضاء من هذا العلو، إذ تتسنى لك الفرصة لرؤية كروية الأرض وسواد الفضاء الأعظم مع النجوم المحيطة بها والتي تبدو واضحة أمامنا.
وفيما بدأت شركات السياحة الفضائية تستعين بالمشاهير ليكونوا أول الداعمين لها (رأينا ذلك مع شركة بلو أوريجن Blue Origin التي استعانت بويليام شانتر المعروف بدوره في السلسلة الشهيرة ستار تريك Star Trek، بالإضافة إلى الشركات التي أنشأها مشاهير العالم لإطلاق رحلات سياحية إلى الفضاء)، تتبع شركة World View الخطوات نفسها اليوم ولكن بشكل رسمي أكثر.
World View
فقد كشفت الشركة عن تعاونها مع الممثل أدريان غرينر المعروف بدوره في مسلسل Entourage ليكون سفيرًا رسميًا للشركة الناشئة. كما أنه سيتعاون معهم في ترتيب الكثير من الأمور المتعلقة برحلاتهم واستقبال العائدين من الفضاء.
وتختلف شخصية غرينر في الواقع عن شخصيته في مسلسل Entourage كثيرًا، إذ إن الممثل أسس شركة ناشئة تعمل في مجال الطاقة المستدامة والزراعة النظيفة تدعى Shft، ويمتلك أيضًا مجموعة من المزارع المستدامة في تكساس، بالإضافة لكونه أحد أقدم سفراء النوايا الحسنة للأمم المتحدة في مجال البيئة.
ويرى غرينر أن تجربة الرحلات الفضائية قادرة على تغيير المستقبل عبر تغيير وعي الأشخاص من أجل مستقبل أفضل، كما أنها تساعد البشر على النظر للمستقبل بشكل موضوعي من أجل العمل لتحسينه قدر الإمكان.
ويأتي دور غرينر لتعزيز العلاقات مع الشركات الأخرى التي تعمل في مجال الطاقة المستدامة، بالإضافة إلى استقبال المسافرين عندما يعودون إلى الأرض، وذلك في محاولة لتسهيل العمل بين المؤسسات المختلفة والأفراد من أجل الوصول إلى مستقبل أفضل للبشرية.
World View
وبالرغم من أن انبعاثات المنطاد أقل ضررًا على البيئة من الصواريخ والمركبات المزودة بها، إلا أن المنطاد يستخدم لمرة واحدة فقط، ويجري بعد ذلك التخلص منه، ما يتسبب في ضرر كبير للبيئة لأنه مصنوع من البلاستيك بالكامل، ولذا لن يتحلل أو تستفيد منه التربة. لكن غرينر يرى في ذلك فرصة ذهبية لمساعدة الشركات الناشئة والمزارع المستدامة، إذ يمكن إعادة تدوير المنطاد من أجل صناعة صوبات زراعية وحرارية مختلفة لتستفيد منها وتقلل ضرر بقايا المنطاد على كوكب الأرض.
سيكون لغرينر بالطبع دور تسويقي أيضًا، وقد منحته الشركة مجموعة من المقاعد المجانية إلى إلى الفضاء ولم تطلب منه توزيعها بطريقة معينة. لكنه يرغب في استخدام هذه الرحلات مع أشخاص غير متوقعين لا يمتلكون سبل الذهاب في مثل هذه الرحلات.
يمكنك حجز مكانك في الرحلة مقابل 500 دولار حاليًا، ولكن تكلفة الرحلة الكلية تصل إلى 50 ألف دولار، وتستطيع الحصول على تخفيض بنسبة 20٪ عندما تستخدم اسم غرينر في أثناء الحجز، إذ أتاحت الشركة إمكانية حجز الرحلات عبر موقعها الرسمي.
كما تخطط الشركة لإنتاج فيلم وثائقي حول الرحلة وتجارب الركاب فيها، وذلك لتوثيق رحلات الشركة والتأثير الذي تخلفه في نفوس الركاب وعقولهم.