إذا كنا نرى في السيارات الفاخرة إرثًا فنيًا يتخذ شكل وسيلة نقل قادرة بسبب تصميمها الخلاب على خطب ود عدد كبير من العشاق، فالفضل في ذلك يعود إلى مجموعة من صناع الهياكل الخارجية ودور التصميم العالمية التي أبدعت في مجالها، محولةً المركبات في كثير من الأحيان من آلات تتكفل بمهمة نقل الأفراد من نقطة إلى أخرى، إلى مآثر فنية تتنقل على أربع عجلات.
وقد يكون خير دليل على هذا الكلام هو أننا لا نرى اليوم في لامبورغيني ميورا، التي رسم مارسيللو غاندي خطوطها خلال سنوات عمله لدى بيرتوني، مجرّد سيارة رياضية متطرفة تستفيد من هندسة المحرك المثبّت في الوسط، بل سيارة تتمتع بهيكل خارجي قادم من عالم الخيال. هذا ما هو عليه أيضًا حال سيارة Ferrari F50، التي رسم خطوطها كل من لورنزو رامازوتي وبيترو كامارديلا لدى بينينفارينا. فهي ليست مركبة تحمل محركًا مستمدًا من سباقات الفورمولا 1 فحسب، بل سيارة تُحبس الأنفاس لمرأى خطوطها الجذابة.
ولكن في الفترة الأخيرة، وبعد سنوات طويلة عرف فيها العالم العديد من الطرز التي حملت هياكل خارجية أنيقة هي نتيجة لعمل فني وتقني عالي الحرفية تولاه صناع هياكل خارجية متخصصون، بدأت صناعة السيارات تتحوّل وبشكلٍ تدريجي بعيدًا عن هؤلاء الصناع نحو الاعتماد على فريق تصميم خاص يعمل لدى العلامات التجارية الكبرى.
Ferrari
سيارة Ferrari F50 من عام 1995، ابتكرت هيكلها شركة Carrozzeria Pininfarina.
ويعود السبب في ذلك أولاً إلى أن دور تصميم السيارات - التي تأسست على يد مصممين عالميين آثروا العمل بشكلٍ مستقل عن العلامات التجارية الكبيرة - تقاعدت لتترك مهمة التصميم على عاتق موظفين يعملون لديها ويتمتعون بالمواهب الإبداعية نفسها، بالإضافة إلى الدراية العالية في مجال التكيف مع القوانين الجديدة التي فرضت نفسها على تصميم السيارات. وهنا، وجدت شركات السيارات أنه من الأفضل لها أن تؤسس مراكز تصميمها الخاصة وتوظف على رأسها من عمل سابقًا لدى دور التصميم الشهيرة ليكون متفرغًا لها وتحت إشرافها المباشر.
وبذلك وجد صنّاع الهياكل الخارجية ودور التصميم العالمية أنفسهم أمام خيارين، إما الاستمرار بتصميم الهياكل الخارجية لعلامات تجارية ناشئة وبشكلٍ غير معلن غالبًا، أو التحوّل إلى علامات تنتج مركبات تصممها بنفسها لأول مرة، وهكذا ولدت سيارات رياضية مثل Pininfarina Battista، وBertone GB110 وTouring Arese RH95.
Lamborghini
أول سيارة لامبورغيني كونتاش طوّرت هيكلها الخارجي شركة Carrozzeria Bertone.
بينينفارينا تصنع مجدها
بعد أن عمل باتيستا فارينا (المعروف باسم "باتيستا بينينفارينا") مع شقيقه جيوفاني كارلو فارينا في مجال تصميم السيارات، قرر أن يستقل بنفسه ويؤسس بحلول عام 1930 كاروتزيريا بينينفارينا Carrozzeria Pininfarina بتمويل من زوجته وصديقه فنشينزو لانسيا (مؤسس علامة لانسيا).
وخلال ثلاثينيات القرن الفائت، رسم الإيطالي الشاب خطوط العديد من السيارات الأنيقة التي أنتجتها علامات إيطالية وعالمية مثل لانسيا، وألفا روميو، وفيات، وكاديلاك ورولز - رويس.
وبفضل العلاقة الوثيقة مع لانسيا، الرائدة في مجال إنتاج الهياكل الأحادية، أصبحت بينينفارينا أول صانع يوفّر هياكل خارجية تنسجم مع التقنية الجديدة، في الوقت الذي ظن فيه الجميع أنّ هذا التطور في إنتاج السيارات يشكّل بداية النهاية لصانعي الهياكل الخارجية المستقلين.
وبذلك خالفت الأيام أو ربما السنوات تلك الظنون واستمرت بينينفارينا بتوفير سيارات أنيقة المظهر، وصولاً إلى عام 1951 عندما اجتمع باتيستا مع إنزو فيراري في مطعم يتخذ من بلدة صغيرة تدعى تورتونا مقرًا له، وضمن نقطة محايدة تقع في منتصف الطريق بين تورينو مقر بينينفارينا ومودينا مقر فيراري (آنذاك). وعلى مائدة الطعام اتفق الرجلان على أن تعتني شركة بينينفارينا بتصميم هياكل مركبات فيراري الخارجية وهندستها وإنتاجها.
ولا داعي للتذكير بالكم الهائل من السيارات ذات الخطوط الخلابة التي خرجت من تحت أنامل مصممي بينينفارينا وهي تحمل شعار الحصان الجامح على جسمها الخارجي، من مركبات 212 Inter و275 GTB مرورًا بـطُرز F40 وF50، وتيستاروسا، وصولاً إلى 458 Italia وآخر سيارة من تصميم بينينفارينا لصالح فيراري: طراز F12.
استمرت علاقة بينينفارينا بفيراري 61 عامًا، فيما كانت السيارة الوحيدة من فيراري التي لم تنل عناية دار التصميم الشهيرة هي سيارة Dino 308 GTB لعام 1973، أو المركبة التي تُعد اليوم من سيارات فيراري الكلاسيكية الأقل أهميةً.
ولكن قبل الانتقال إلى الحديث عن دخول بينينفارينا عالم إنتاج السيارات مع طراز باتيستا Battista الذي يحمل اسم المؤسس بوصفه نوعًا من التكريم، لا بد من الإشارة إلى حادثة طريفة حصلت مع بينينفارينا خلال عام 1946. فبعد الحرب العالمية الثانية، مُنعت إيطاليا من المشاركة في معرض باريس للسيارات لعام 1946.
ولكن نظرًا للجماهيرية الكبيرة التي تمتع بها المعرض ذلك العام مع أكثر من 800 ألف زائر حضره، أي ضعف الرقم الذي كان يسجّل قبل الحرب، وطوابير انتظار امتدت من البوابة الرئيسة على طول الطريق إلى نهر السين، قرر بينين فارينا وابنه سيرجيو تحدي الحظر، عبر قيادة اثنتين من السيارات التي صمماها وهما Alfa Romeo 6C 2500 S ولانسيا أبريليا كابريوليه، من تورينو إلى باريس، ثم وضعهما عند مدخل المعرض وسط استياء المنظمين وإعجاب كل من الصحافة والجمهور.
Pininfarina
سيارة B95 التي ستنتجها الشركة في 10 نماذج فقط، والمجرّدة من السقف أو الزجاج الأمامي.
وبعد أن أوقفت فيراري الشراكة الطويلة مع بينينفارينا، واعتماد علامات السيارات الأخرى على فرق تصميمها بشكلٍ كامل وحصري، على ما حدث مع بيجو التي صممت لها بينينفارينا أيضًا العديد من السيارات الجميلة، والتي كان أبرزها طراز 406 كوبيه، قررت الدار الإيطالية الدخول في مجال الإنتاج والتحوّل في 27 نوفمبر 2018 إلى شركة أوتوموبيلي بينينفارينا Automobili Pininfarina التي تُنتج اليوم طراز باتيستا الذي يحمل بكل فخر فلسفة بينينفارينا في مجال التصميم، وهي فلسفة تقوم على مبادئ البساطة، والنقاء، والابتكار والأهم الجمال، ثم يُضاف إليها تجربة قيادة سيارة رياضية كهربائية متفوقة الأداء.
مع قوة تصل إلى 1,900 حصان وقوة عزم دوران قدرها 2,340 نيوتن متر، وقدرة على التسارع من وضع الثبات إلى سرعة 100 كيلومتر/الساعة خلال زمن لا يتجاوز ثانيتين، تُعد باتيستا، التي يبدأ سعرها من 8.8 مليون ريال سعودي، والتي تُصنَّع يدويًا في إيطاليا، أقوى سيارة إيطالية مخصّصة للسير على الطرقات العامة، علمًا أنها تُحقّق هذه الأرقام المبهرة كلها مع إمكانية الاختيار ما بين خمسة أوضاع قيادة مختلفة. كما يمكن لهذه السيارة الكهربائية قطع مدى قدره 476 كيلومترًا بحسب نتائج اختبار المركبات الخفيفة الموحد عالميًا (WLTP).
وتأتي كل نسخة من سيارة باتيستا مصمّمة ومصنّعة يدويًا مع مواصفات حصرية يجري صياغة تفاصيلها في مصنع الشركة بمدينة كامبيانو في إيطاليا بالتعاون مع المالك، بعد أن يكون الأخير قد تلقى دعوة خاصة للحضور إلى قاعة مخصّصة للتصميم حسب الطلب في مصنع الشركة لإضفاء لمساته الشخصية على سيارته.
بعد باتيستا، كشفت بينينفارينا أخيرًا عن طراز B95 الذي ستوفر منه الشركة 10 نماذج فقط، وهو يقوم على أساس باتيستا ولكن مع هيكل خارجي مختلف تمامًا وبدون سقف أو زجاج أمامي لتوفير تجربة قيادة شبيهة بتجربة قيادة سيارات الفورمولا إي.
وتتميز سيارة B95 التي يراوح سعر النسخة الواحدة منها بين 17 مليون و18 مليون ريال سعودي، بتصميم رائع مع خطوط تبدو بسيطة نسبيًا مقارنةً بخطوط باتيستا، فيما تهيمن الإطلالة الهجومية على الواجهة الأمامية والمصابيح الأمامية الرفيعة.
ورغم السعي لتوفير تجربة قيادة مثيرة في الهواء الطلق من دون أي حاجز بين الريح ووجهي السائق والراكب الأمامي، إلا أنّ بينينفارينا وفّرت لطراز B95 حلاً فريدًا من نوعه يميزها عن السيارات الأخرى التي تعتمد النمط التصميمي نفسه والتي شهدنا إطلاقها في السنوات الأخيرة. تمثل هذا الحل بواجهات صغيرة مصنوعة من البولي كربونات الشفاف، مستوحاة من الطائرات المقاتلة القديمة والقابلة للتعديل إلكترونيًا بما يتيح رفعها وخفضها بسهولة لتحسين مستويات الراحة.
ومن الداخل، حرصت أوتوموبيلي بينينفارينا على أن تأتي المقصورة الداخلية مميزة تمامًا مثل الخطوط الخارجية، مع لوحة عدادات منحوتة من ألياف الكربون وتصميم جناح عائم يجذب الأنظار على الفور. هذا وتدثرت المقصورة بكسوة من الجلد الفاخر باللون البني، وازدانت المقاعد باللمسات الجلدية نفسها ولكن مع مساند رأس مكسوة بنسيج قماشي فاخر باللونين الأبيض والأسود.
Pininfarina
تُعد سيارة Battista أقوى سيارة إيطالية مخصّصة للسير على الطرقات العامة.
بيرتوني من لوائح التصميم إلى الطريق
منذ أن تأسست كاروتزيريا بيرتوني Carrozzeria Bertone في عام 1912 على يد جيوفاني بيرتوني حتى إفلاسها في عام 2014، قدمت العديد من التصاميم الساحرة لسيارات دخلت التاريخ من بابه العريض. وإذا كانت سيارتا لامبورغيني ميورا وكونتاش هما أبرز الأمثلة التي رفعت قيمة بيرتوني وجعلتها واحدة من أبرز دور تصميم الهياكل الخارجية وصناعتها، فإنّ لائحة التصاميم الرائعة التي خرجت من تحت أنامل المجموعة الإيطالية تضم أيضًا كلاً من Abarth 1000 GT Coupé، وألفا روميو موريال، ولانسيا ستراتوس، ومازيراتي خماسين، فضلاً عن العديد من السيارات الاقتصادية الأخرى التي تمكّنت عبقرية بيرتوني من جعلها مميزة رغم الصعوبات التي تفرضها ضرورات المنافسة في القطاع المنخفض الكلفة على عملية التصميم.
وتألفت مجموعة بيرتوني، التي اتخذت من بلدة جروجلياسكو في شمال إيطاليا مقرًا لها، من كاروتزيريا بيرتوني التي تُعنى بإنتاج الهياكل الخارجية لحساب العلامات المتخصّصة في صناعة السيارات.
ويترأسها جيوفاني بيرتوني بنفسه، وستايل بيرتوني التي تهتم بالتصميم ويترأسها شقيق جيوفاني، جوزيبي بيرتوني المعروف أيضًا باسم نوتشيو.
وبعد الحرب العالمية الثانية، تولى الأخير مسؤولية الشركة حتى وافته المنية في عام 1997، لتخلفه زوجته ليلي بيرتوني حتى إفلاس الشركة في عام 2014.
انتقلت ملكية اسم بيرتوني إلى عدد من الموظفين السابقين في الشركة، الذين استمروا من خلال مكتب تصميم خارجي صغير مقره ميلانو حمل اسم "بيرتوني ديزاين" وركّز بشكلٍ أكبر على التصميم الصناعي والهندسة المعمارية.
Bertone
تمزج سيارة GB110 في تصميمها بين الروح الرياضية الهجومية واللمسات الناعمة.
في عام 2016، بيعت بيرتوني ديزاين لمجموعة AKKA Technologies التي لم تلبث أن تنازلت عنها في عام 2020 لصالح الأخوين ماورو وجان فرانك ريشي اللذين أعادا إحياء العلامة في عام 2022 بوصفها صانعة سيارات تحمل اسم بيرتوني، مع الإعلان عن طراز GB110 محدود الإصدار للاحتفال بذكرى مرور 110 سنوات على تأسيس بيرتوني.
من خلال سيارة GB110 التي ستتوفر في 33 نسخة حصرية فقط، تبني بيرتوني - بصيغتها الجديدة بوصفها علامة تُنتج السيارات الحصرية وتسوقها تحت اسمها - على إرث يمتد لما يزيد على قرن من تاريخ صناعة السيارات الإيطالية.
ورغم القدرة على استخدام الوقود المصنوع من النفايات البلاستيكية، مستجيبةً بذلك لأبرز تحد يواجه صناعة السيارات الرياضية في الحاضر والمستقبل القريب، إلا أن الشركة لم تكتف بذلك، ولا حتى بالوفاء لإرث بيرتوني عبر هيكل خارجي أنيق ليس غريبًا على شركة إيطالية، بل قدمت تصميمًا مختلفًا بشكلٍ واضح عما توفره صناعة السيارات الرياضية حاليًا. فسيارة GB110 لا تشبه أي سيارة أخرى، خصوصًا على مستوى مقدمتها التي تمزج بين الروح الهجومية الرياضية واللمسات الناعمة، ومقطعها الجانبي الذي يتألق من خلال فتحة تهوية تمتد من السقف إلى القسم السفلي من الأبواب.
على الصعيد الميكانيكي، لمّا تفصح بيرتوني بعد عن مصدر المحرك الذي سيتوفر لسيارة GB110، إلا أنها كشفت على هامش التجارب التي أجرتها للسيارة على الحلبة، أنها ستُجهّز بمحرك من عشر أسطوانات سعة 5.0 لترات، يعمل – في سابقة هي الأولى في القطاع - بالوقود الصناعي المستخرج من نفايات البلاستيك ومعزز بشاحن هواء توربيني مزدوج. وتتعاون بيرتوني مع شركة سيليكت فيول التي طورت تقنية حاصلة على براءة اختراع ستتمكن معها من تحويل مواد البولي كربونات إلى وقود متجدد صديق للبيئة.
تتسارع سيارة GB110 من 0 إلى 100 كيلومتر/الساعة خلال 2.8 ثانية وتصل إلى سرعة 300 كيلومتر/الساعة بأقل من 13 ثانية. أما سرعتها القصوى فمحددة إلكترونيًا عند 350 كيلومترًا في الساعة. على الرغم من الأداء الذي يركّز على الحلبات، إلا أن سيارة GB110 تُعد مجازة للقيادة على الطريق، ما يوفّر لها ولمالكها انتقالاً سلسًا من مضمار السباق إلى الطرقات.
Bertone
تتسارع سيارة GB110 إلى 100 كيلومتر/الساعة خلال 2.8 ثانية.
تورينغ سوبر ليجيرا تعود بسيارة تحمل اسمها
لا تكمن أهمية كاروزريا تورينغ سوبر ليجيرا Carrozzeria Touring Superleggera، التي تأسست في 25 مارس من عام 1926 على يد كل من فيليس بيانكي أندرلوني وغايتانو بونزوني، في كونها صممت عددًا من أجمل الهياكل الخارجية لسيارات من مختلف العلامات فحسب، بل لأنها ابتكرت أيضًا هندسة بناء أطلقت عليها اسم "سوبر ليجيرا"، وهي هندسة تعتمد على إطار هيكلي من أنابيب فولاذية ذات قطر صغير تتوافق مع شكل جسم السيارة، وتكتسب المزيد من الصلابة بعد تغطيتها بألواح رقيقة مصنوعة من خليط معادن. وبالإضافة إلى الوزن الخفيف الذي توفره، تضمن هذه الهندسة مرونة في التصنيع، الأمر الذي يتيح حرية أكبر للمصممين خلال رسم خطوط السيارة.
شهد عام 1937 الظهور الأول لسيارة مصنوعة استنادًا لهندسة سوبر ليجيرا، وهي من طراز Alfa Romeo 6C 2300B ضمن سباق الألف ميل الشهير. ومن بعدها اكتسبت تورينغ سوبر ليجيرا شهرة كبيرة بسبب هياكلها وتصاميمها التي اعتُمدت في سيارات مثل Alfa Romes 8C 2900 وBMW 328.
CARROZZERIA TOURING SUPERLEGGERA
في إصدار Grigio Artico الأكثر حصرية، تعيد الشركة ابتكار إرثها العريق في نسخة من ألياف الكربون.
وبعد الحرب العالمية الثانية، استعادت الشركة نشاطها مع تسجيل هندسة سوبر ليجيرا بشكلٍ رسمي وتطبيقها على نطاق واسع. ثم تولى كارلو بيانكي أندرلوني ابن فليس بيانكي إدارة الشركة بتوجيه من غايتانو بونزوني، وظل الاثنان مسؤولين عن الشركة حتى توقفت خطوط إنتاجها في عام 1966.
ولكن قبل ذلك، وخلال عام 1948، استلم فيديريكو فورمينتي رئاسة قسم التصميم لدى تورينغ، وكان أول مشروع كبير له هو ابتكار هيكل لسيارة Ferrari 166 MM Touring Barchetta، التي وصفها روبرت كمبرفورد، أحد أهم نقاد تصميم السيارات، بأنها تتباهى بأحد أكثر الأشكال جاذبيةً على الإطلاق. وبعدها أصبح تصميم شبكة تهوية السيارة سمة مميزة من سمات سيارات فيراري التي لا تزال تُستخدم حتى اليوم من قبل الصانع الإيطالي.
ومن السيارات الأخرى التي تباهت بتوقيع تورينغ سوبر ليجيرا، نذكر طرازي DB4 و DB5 من أستون مارتن، اللذين تألقا في أفلام العميل السري جيمس بوند.
وعلى ما ذكرنا، توقفت أعمال الشركة في عام 1966 بعد أن آثر صانعو السيارات اعتماد الهياكل الأحادية في مركباتهم وفرق التصميم الخاصة بهم. وبذلك غابت تورينغ سوبر ليجيرا عن الساحة، حتى عادت بأشكال مختلفة ضمن محاولات لاستعادة المجد بعد أن قامت مجموعة من مستثمري القطاع الخاص المتخصصين في صناعة السيارات الفاخرة بشراء العلامة وتأسيس شركة جديدة حملت اسم كاروتزيريا تورينغ سوبر ليجيرا، وأنتجت في عام 2020 أول سيارة تُسوّق تحت اسمها وهي تورينغ سوبر ليجيرا أيرو 3، التي أتبعتها بطراز Arese RH95، مجسّدة فيه فلسفة التصميم المبسّطة التي لطالما ميزت تصاميم الشركة.
CARROZZERIA TOURING SUPERLEGGERA
يضمن شكل الهيكل توليد قوة ضغط هوائي من أعلى إلى أسفل من دون الحاجة إلى جناح.
جرى بناء سيارة Arese RH95 على هيكل يحمل محركًا يتألف من ثماني أسطوانات سعة 3.9 لتر ومعزز بشاحن هواء توربيني مزدوج لإنتاج قوة 711 حصانًا تنتقل إلى العجلات الخلفية عبر علبة تروس أوتوماتيكية من سبع نسب، الأمر الذي يسمح للسيارة بأن تنطلق إلى سرعة 100 كيلومتر/الساعة خلال 3.0 ثوانٍ، ثم الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 340 كيلومترًا في الساعة.
وتستحضر سيارة Arese RH95، التي تتوفر أيضًا بفئة أكثر حصرية تحمل اسم غريجيو أرتيكو Grigio Artico، الإرث العريق لتصاميم سوبر ليجيرا ولكن بصيغة عصرية، إذ تزهو بهيكل خارجي مصنوع من ألياف الكربون، صمم على نحو يعزّز مستويات الديناميكية الهوائية.
ولكن بعيدًا عن الكفاءة التقنية التي يتمتع بها هيكل السيارة الخارجي، والتي لا يسعنا سوى أن نقدرها ونقدر أهميتها، فإنّ تصميم Arese RH95 من وجهة نظر شكلية حصرًا يُعد بغاية الأهمية، كونه ينبض بمعالم أناقة متفردة تستحضرها خطوط ناعمة إلى أقصى الدرجات رغم اشتمال المركبة على بعض العناصر الرياضية الهجومية، مثل فتحة السقف التي تمرر الهواء بشكلٍ مباشر إلى حجرة المحرك، فضلاً عن قدرة الهيكل على توليد قوة ضغط هوائي من أعلى إلى أسفل من دون الحاجة إلى جناح خلفي كان من شأنه أن يفسد نعومة خطوط السيارة ويؤثر سلبًا على شخصيتها الراقية.