منذ عام 1928 حتى اليوم، وما تخلل تلك الأعوام من تحف فنية تتنقل على عجلات، على غرار سيارات لانسيا، وألفا روميو، وجاكوار، وكاديلاك، ومازيراتي، وطبعًا العديد من سيارات الأسطورة الإيطالية الحمراء فيراري حتى عام 2012، لطالما تألق اسم بينينفارينا Pininfarina على هياكل أجمل مركبات العالم وأكثرها جاذبية.
واليوم، ولكي يجد شعار بينينفارينا طريقه إلى غطاء الصندوق الأمامي ليُصبح وحده ما يُزيّن السيارة ويدل على تسميتها الرسمية، اقتضى الأمر أن تُنتج العلامة الإيطالية أوتوموبيلي بينينفارينا سيارتها الخاصة.
وهكذا كانت باتيستا Battista، السيارة الكهربائية الفارهة، القادرة على إنتاج قوة 1,900 حصان، والتي تمكنا من مشاهدتها في الإمارات العربية المتحدة أخيرًا في سياق حدث عُرضت خلاله نسخة منها باللون الأخضر تثريها لمسات ذهبية.
أسرع من سيارة فورمولا 1
تَعد شركة أوتوموبيلي بينينفارينا، المصنّعة لهذه السيارة، بأنّ باتيستا ستكون أسرع بحوالي 100 كيلومتر/ساعة من سيارات الفورمولا 1 الحالية، وأنها ستفتح فصلاً جديدًا في كتاب عشق السيارات الكهربائية في الإمارات العربية المتحدة، أحد أكبر الأسواق العالمية وأهمها للسيارات الفارهة والسيارات الرياضية الفاخرة.
وترى أوتوموبيلي بينينفارينا أنّ هذه السيارة الفائقة الأداء تأتي لتُثبت بأنه يمكن للمركبات الكهربائية أن تشتمل على مختلف مقومات السيارات الرياضية الفارهة الكلاسيكية، كون باتيستا جميلة ومرغوبة وقوية للغاية.
خلال حفل الإطلاق، أكّد لنا باولو ديلاكا، رئيس قسم المنتجات والهندسة لدى أوتوموبيلي بينينفارينا، والذي عمل سابقًا لدى كل من فيراري، ومازيراتي وألفا روميو، أنّ مستويات الأداء التي تتوفر للسيارة مختلفة للغاية عما تتيحه أي سيارة أخرى مزوّدة بمحرك احتراق داخلي، فضلاً عن أنّ متعة قيادتها ستكون محفوظة وبنسبة كبيرة من خلال الشعور الذي تولّده عند تنفيذ مناورة التسارع الجانبي خروجًا من المنعطفات، الأمر الذي يرفع من حماسة السائق للقيادة بسرعةٍ أعلى بفضل مستويات التماسك العالي الذي لا يعمل جهاز التعليق وحده على توفيرها، بل محركات السيارة الكهربائية الأربعة أيضًا.
توزّع هذه المحركات عزمها خلال الانعطاف عبر وحدة التحكم المركزية بشكلٍ يؤمن العزم الأكبر على الإطار المناسب لجهة المنعطف في الوقت الذي يجري فيه خفض العزم عن الإطار الآخر، الأمر الذي يساعد على اجتياز المنعطفات بسرعةٍ أعلى.
وفي هذا يقول ديلاكا أنّ متعة القيادة في السيارات الكهربائية العالية الأداء التي تمهد لها باتيستا ستكون متعة من نوع آخر، متعة تضاهي قيادة سيارة ذات محرك احتراق داخلي هادر وربما تتفوق عليها من خلال التركيز على الأداء الديناميكي العالي.
قد يكفي شاهدًا على ذلك أن بينينفارينا باتيستا، التي تُصنَّع يدويًا في إيطاليا وتُعرض بسعر يبدأ من 2.2 مليون يورو، تُعد أقوى سيارة إيطالية مخصّصة للسير على الطرقات العامة على الإطلاق، مع إنتاجها قوة تصل إلى 1,900 حصان وقوة عزم دوران تبلغ 2,340 نيوتن متر.
فضلاً عن ذلك، تتسارع باتيستا من وضع الثبات إلى سرعة 100 كيلومتر/الساعة في أقل من ثانيتين، مع بلوغ سرعة قصوى قدرها 350 كيلومترًا/الساعة.
تُحقّق بينينفارينا باتيستا هذه الأرقام الهائلة مع إمكانية الاختيار ما بين خمسة أوضاع للقيادة دون إصدار أيّ انبعاث لثاني أكسيد الكربون. كما يمكن لهذه السيارة الكهربائية أن تقطع مدى سفر قدره 476 كيلومترًا بحسب نتائج اختبار المركبات الخفيفة الموحد عالميًا (WLTP).
" ينبغي لأول سيارة تحمل شعار بينينفارينا بوصفها صانعًا وليس بوصفها مصمّمًا فحسب، أن تعكس الإرث العريق لواحدة من أبرز دور التصميم العالمية، ولكن دون أن تبدو السيارة شبيهة بأي مركبة أخرى"
التعقيد المبسّط
في حديث إلى مجلة Robb Report العربية، يقول ديف أمانتيا، رئيس قسم التصميم لدى أوتوموبيلي بينينفارينا، إن سيارة باتيستا مختلفة عن مركبة Ferrari F40 التي يعدها إحدى سياراته المفضّلة والتي تولت تصميمها أيضًا بينينفارينا خلال ثمانينيات القرن الماضي.
ويضيف أمانيتا: "تتيح لك سيارة التجوال الفاخر Battista GT أن تتنقل بكل هدوء وراحة على الطريق وأنت في اجتماع عمل على الهاتف. وعندما تنتهي من هذا الاجتماع، يمكنك وضع قفازات القيادة والانطلاق بأقصى سرعة للانخراط في تجربة قيادة ديناميكية ممتعة".
أما فيما يتعلق بتصميم باتيستا، فيرى ديف أنّ التحدي الذي واجهه مع التصميم كان كبيرًا. فمن جهة، ينبغي لأول سيارة تحمل شعار بينينفارينا بوصفها صانعًا وليس بوصفها مصمّمًا فحسب، أن تعكس الإرث العريق لواحدة من أبرز دور التصميم العالمية، ولكن دون أن تبدو السيارة شبيهة بأي مركبة أخرى.
ويبدو أن رئيس وحدة التصميم، الذي يعرف تمامًا الفلسفة التصميمية لبينينفارينا، والمتمثلة بتوفير خطوط هي مزيج من البساطة من جهة، والتعقيد من جهة أخرى، قد نجح في تحقيق هذه الغاية.
فالتصميم الأنيق والساحر يدور حول فكرة التعقيد المبسّط، وإذا كانت الخطوط المعقدة المتعددة العناصر تعكس تصميمًا مبالغًا فيه قد يصل إلى حد القبح، فإنّ التوازن بين التعقيد والبساطة (مع ترجيح البساطة طبعًا) هو السبيل للوصول إلى تصميم ساحر ينال الرتبة الكلاسيكية ما إن يُبصر النور.
وعن هذا الأمر أكد لنا ديف أنه عندما يرى تصميمًا جميلاً يطلب من فريقه أن يُضيف إليه عنصرًا جديدًا ليتحقق مما إذا كان ثمة حاجة حقيقية لهذا العنصر لتعويض نقص ما أو إن كان فائضًا.
يمتلك ديف، رغم صغر سنّه، باعًا طويلاً في مجال تصميم السيارات، فقد تتلمذ على يد كبار مصممي بينينفارينا في الأكاديمية التابعة لدار التصميم الإيطالية في تورينو، التي غادرها بعد حين ليكتسب خبرة عالمية قبل أن يعود وينضم مجددًا إلى عائلة بينينفارينا ويخوض التحدي الأكبر بتصميم سيارة تحمل إرث العلامة التاريخي في الوقت الذي تنبض فيه بروح الحداثة من خلال منظومة الدفع الكهربائية.
تجمع سيارة باتيستا في تصميمها بين البساطة والتعقيد، ويُصنّع كل نموذج منها يدويًا لتتباهى بمواصفات حصرية يجري تخصيصها بالشراكة مع الزبون.
سيارة حسب الطلب
تُصمم كل نسخة من طراز باتيستا، وتُصنّع يدويًا في مصنع الشركة بمدينة كامبيانو الإيطالية، لتتباهى بمواصفات حصرية يجري تخصيصها بالشراكة مع الزبون إذ يتلقى الأخير دعوة خاصة لزيارة محترف التصميم حسب الطلب في مصنع الشركة. هناك يُضفي الزبون لمساته الشخصية على تصميم السيارة تحت إشراف ديف أمانتيا، وذلك في إطار برنامج أوتوموبيلي بينينفارينا للتصميم والتصنيع حسب الطلب.
تشمل التجهيزات المتاحة للتخصيص 128 خياراً مختلفًا للألوان والمواد والتشطيبات، وخيارات غير متناهية لألوان الهيكل الخارجي والتفاصيل المشغولة من الألمنيوم، وصولاً إلى باقة التصميم الخارجية المخصّصة التي يُطلق عليها اسم "بريق الجواهر"، والتي تشمل تفاصيل من الكروم يمكن للمالك أن يثريها بنقش لاسمه.
الجدير بالذكر أيضًا أن سيارات باتيستا الخارقة مجهّزة قياسيًا بالنظام الصوتي Suono Puro الذي صُمم خصيصًا لتعزيز "صوت" مجموعة الدفع والحركة الكهربائية بالكامل، بما يولّد شعورًا بالارتباط العاطفي بالسيارة.
من المؤكد أنّ باتيستا المرتبطة بتاريخ بينينفارينا تجسّد أيضًا مستقبل السيارات السريعة. ورغم أنها تعتمد على تقنيات توليد القوة نفسها التي تتوفر لريماك نافارا وهندستها الكهربائية، إلا أنّ فريق مهندسي بينينفارينا، وعلى رأسهم باولو ديلاكا، تمكنوا من إثرائها بهوية رياضية خاصة ومختلفة عما هو عليه الحال في نافارا.
أما على صعيد الهيكل الخارجي والتصميم الداخلي، فقد يصح القول إن هذه المركبة الكهربائية الخارقة تفتح صفحة جديدة من صفحات الأناقة الإيطالية التي تقطع الأنفاس، صفحة لا تقل أهمية عن الصفحات التي فتحتها في الماضي طُرز مثل Ferrari F40 وFerrari F50 وCisitalia 202. نعم هي أول سيارة تحمل شعار بينينفارينا.. ونعم هي أقوى سيارة إيطالية على الإطلاق.