عند الحديث عن "اليخوت السريعة الفاخرة متعددة الهياكل"، أول ما يتبادر إلى الذهن هو المجالس الفسيحة التي تتمايز بها هذه اليخوت العريضة. على أن المساحة الرحبة تكلّف الصانعين الكثير، إذ إنها تجعل التصميم يبدو رديئًا والمقصورات ضيقة في الهيكلين الخارجيين والقيادة مضطربة في أعالي البحار، فضلاً عن عدم توافق الأبعاد الضخمة لهذه الفئة من اليخوت مع الكثير من منزلقات أحواض السفن. 

ومع ذلك، ينبري عدد من الصانعين لهذه المشاكل من خلال تقليص حجم التصاميم وإدماج الزعانف لتحسين الأداء. لنأخذ على سبيل المثال يخت BGM75 الذي طورته شركة "بلو غايم" Bluegame. يبلغ عرض هذا اليخت 26.7 قدم، أي نحو 25% من طوله الإجمالي، وهي نسبة منخفضة مقارنة بما هو عليه الحال في اليخوت التقليدية متعددة الهياكل التي يساوي عرضها نصف طولها.

وفي هذا يقول لوكا سانتيلا، مؤسس شركة بلو غايم ورئيس قسم استراتيجيات المنتج: "يشبه هذا اليخت يختًا أحادي الهيكل، لكن تَصادف أنه يشتمل على هيكلين". 

إلى ذلك، يتطلب تشغيل هذا اليخت نصف القوة المطلوبة لتشغيل يخت أحادي الهيكل بطول 90 قدمًا وحجم داخلي مماثل، ويعود الفضل في ذلك إلى التصميم الذي أبدعه المهندس البحري فيليب بريان.

بالإضافة إلى ذلك، يعزز التصميم النحيل السلاسة في الإبحار، وفي هذا يقول سانتيلا: "عندما تتعاظم الأمواج، تميل اليخوت السريعة العريضة إلى الاضطراب، ذلك أن الأمواج تلطم الهيكلين في أوقات مختلفة، ما يؤدي إلى الإخلال بحركة اليخت. لذلك، يسهم تقريب المسافة بين الهيكلين إلى الحد من اضطرابات الحركة خلال الإبحار". 

في عام 2018، صارت شركة بلو غايم مملوكة لعلامة سان لورينزو، وبفضل انضوائها تحت مظلة العلامة الرائدة في مجال التصميم، استفادت من خبرات مهندسيها ومصمميها للارتقاء بتصميم يخت BGM75 وشكله. 

يشتمل الجناح الرئيس المنبسط على امتداد العارضة على واجهات زجاجية مهيبة وغرفة جانبية وحمام زجاجي واسع، فيما تتمايز مقصورات الضيوف الأربع بتصميم ممتد إلى الداخل عوضًا عن الخارج. 

يحتوي اليخت أيضًا على مرآب ممتد على كامل العارضة يتيح إطلاق زورق الخدمات آليًا، وفي هذا إشارة إلى أن التناغم المستحدث بين الشكل والوظيفة والتصميم قادر على توسيع إمكانيات اليخوت السريعة متعددة الهياكل. 

تتخذ الشركة البولندية سانريف نهجًا مشابهًا في خط Ultima، ولكن مع تعزيز الفخامة والخطوط المنحنية. يصل طول يخت 66 Ultima إلى 65.9 قدم، فيما يبلغ عرضه 23.9 قدم، أي نحو ثلثي عرض اليخت متعدد الهياكل 70 Sunreef Power. 

يُقرّ نيكولا لاب، المؤسس المشارك في سانريف وكبير المسؤولين التقنيين، بأن هذا النهج يتوخّى "دمج السمات الديناميكية الفضلى للهياكل الأحادية مع المساحات الفسيحة للهياكل المتعددة، بموازاة تقليل قوة السحب". 

تنوي سانريف طرح يخت 66 Ultima بحلول عام 2025، على أن يكون مجهزًا بنظام دفع يعمل بالديزل والكهرباء والألواح الشمسية، مع إمكانية تعزيزه بالزعانف. 

تسهم زعنفة يخت XF60 من شركة فودو لليخوت في بلوغ سرعة قصوى تساوي 52 ميلاً/الساعة، ومدى يصل إلى 1,350 ميلاً بحريًا عند الإبحار بسرعة 34.5 ميل/الساعة.

Voodoo Yachts

تسهم زعنفة يخت XF60 من شركة فودو لليخوت في بلوغ سرعة قصوى تساوي 52 ميلاً/الساعة، ومدى يصل إلى 1,350 ميلاً بحريًا عند الإبحار بسرعة 34.5 ميل/الساعة.

في المقابل، طرحت شركة "فودو لليخوت" Voodoo Yachts يخت XF60، الذي يعد أصغر اليخوت حجمًا في خط Xpedition Foiler. 

يبلغ عرض هذا اليخت 21 قدمًا، ويتمايز بسرعة قصوى تساوي 52 ميلاً/الساعة ومدى مذهل يبلغ 1,350 ميلاً بحريًا عند الإبحار بسرعة 34.5 ميل/الساعة، ويعود الفضل في ذلك إلى محركات الديزل المدمجة في نظام الدفع المحسّن والتي تنتج قوة 1,300 حصان وإلى الزعانف الاختيارية المسماة Xpedition Wing. 

وفي هذا يقول ميتش باشود، المؤسس المشارك في العلامة النيوزيلندية ومديرها، إن الزعانف "ترفع اليخت بمقدار 30 بوصة عن صفحة المياه، وبذلك فإنها تحمل نحو 50% من وزنه. 

وهنا يكمن سر قدرة اليخت على الإبحار بسرعات عالية لمسافات طويلة". قد يتمايز يخت XF60، الذي يحتضن أربع مقصورات، بطابع تقليدي بعيد عن الفخامة الصريحة لمنافسيه، لكن مداه الكبير كفيل بجذب هواة اليخوت الاستكشافية. 

على أن الطراز الذي يجسد النهج التصميمي الرشيق في فئة اليخوت متعددة الهياكل هو T-2000 Voyager الذي طورته الشركة الأيرلندية "سايف هافن" Safehaven. 

يبلغ طول هذا اليخت 70 قدمًا فيما يبلغ عرضه 20 قدمًا، ويتمايز ببنية فوقية مناسبة للتسارع وهياكل ملائمة لاختراق الأمواج. وبفضل محركين من طراز MAN V-12 قادرين على إنتاج قوة 1,550 حصانًا، تبلغ سرعة اليخت القصوى 57.5 ميل/الساعة فيما يبلغ مداه 1,150 ميلاً بحريًا عند الإبحار بسرعة 34.5 ميل/الساعة. 

خضع يخت T-2000 للاختبار فور تطويره، فخاض غمار عاصفة من الدرجة 10 على سلم بوفورت، بلغت سرعة رياحها 55 ميلاً/الساعة وارتفاع أمواجها 20 قدمًا.

بالحفاظ على المساحات الفسيحة المتأتية من تعدد الهياكل وتعزيز سلاسة الإبحار والجماليات الانسيابية، قد تصبح اليخوت السريعة متعددة الهياكل ذات شأن عظيم في قادم الأيام.

مسار تطوري

رحلة القوارب متعددة الهياكل للسيطرة على البحار

يعود أول ظهور للقوارب متعددة الهياكل إلى عام 1,500 قبل الميلاد. فقد كانت الشعوب الأسترونيزية تستخدم سفنًا مؤلفة من قطعتين مربوطتين بإحكام للتنقل بين الجزر. 

لكن هذه القوارب خضعت للعديد من التحسينات على مدار الأعوام المائة والخمسين الأخيرة، إذ إنها تطورت من قوارب شراعية صغيرة للسباق إلى يخوت ضخمة يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي. نستعرض في هذا التقرير كيف أصبحت القوارب متعددة الهياكل مهيمنة على الساحة.

1,500 قبل الميلاد

كانت قوارب "دروا" Drua، بمعنى "الزوارق المقدسة" في لغة فيجي المبكرة، الشكل الأول المعروف عن القوارب المتطورة متعددة الهياكل. لكنها لم تكن مثل غيرها من القوارب التقليدية. 

فقد كانت تمتد بطول 100 قدم وقادرة على استيعاب 200 شخص، كما أنها كانت مخصصة للأرستقراطيين من دون بقية الناس. وقد يكون أكثر ما يثير الدهشة في هذه القوارب الخشبية هو أنها بنيت من دون استخدام المعادن.

1,500 قبل الميلاد

1916

ظهرت القوارب السريعة متعددة الهياكل في أواخر القرن التاسع عشر، لكن قارب Binave الذي ابتكره ليوناردو توريس كيفيدو كان أول قارب سريع متعدد الهياكل. 

ومع أن هذا القارب الفولاذي ذا الهيكل المزدوج قد تمايز بهيئة غريبة - مع مقصورة منتصبة فوق طوافات – إلا أن محركاته الثنائية ودعاماته العالية كانت القالب الذي تشكلت عليه القوارب السريعة متعددة الهياكل الحديثة.

1916

خمسينيات القرن العشرين

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، صمم الصانع راي ليغر، المنحدر من كاليفورنيا، أول قارب PowerCat بطول 18 قدمًا، ليكون قارب صيد بحري وترياقًا ضد دوار البحر الذي يصيب زوجته. 

وعلى مدار العقدين التاليين، اجتذبت قوارب ليغر، التي راوحت أطوالها بين 12 قدمًا و40 قدمًا، هواة القوارب النهارية من الطبقة المتوسطة، لا سيما أولئك الذين أرادوا قوارب أكثر ثباتًا من القوارب أحادية الهيكل. في الحقبة نفسها، جرى تبنّي القوارب ثنائية الهيكل في سباقات السرعة.

خمسينيات القرن العشرين

1998

ظهر أول اليخوت متعددة الهياكل المجهزة بمحركات في التسعينيات وبدايات الألفية الجديدة، وقد كانت في الأساس قوارب شراعية متعددة الهياكل لكن من دون صوارٍ. 

نالت هذه القوارب الطويلة والصندوقية الهيئة إعجاب البحارة التواقين إلى اختراق المياه بثبات لكن من دون العمل الشاق الناتج عن تدبير الأشرعة. كانت الطرز الأولى من هذه اليخوت وظيفية أكثر من كونها فاخرة، كما كانت تصاميمها غريبة بالقياس إلى التصاميم الأنيقة لليخوت أحادية الهيكل.

1998

2021

في بداية العقد الحالي، شرع صناع القوارب متعددة الهياكل في استلهام الرموز التصميمية لليخوت السريعة أحادية الهيكل، مثل الأجزاء العلوية الأنيقة والخطوط المنحنية والطابع الرياضي. 

بذلك، عثر هؤلاء الصناع على زبائن جدد يتطلعون إلى تجارب إبحار لا تستهلك كميات هائلة من الوقود وتحافظ في الوقت نفسه على ميزة المساحات الفسيحة. وباتساع هذه السوق الجديدة، بات من اللازم على الطرز الباهظة أن تتمايز بمساحات داخلية فاخرة ورحبة.

2021

2024

طرحت علامات وايدر وروسينافي وسانريف يخوتًا فاخرة مخصصة متعددة الهياكل تتمايز بهيئة أكثر جرأة وخطوط انسيابية وتكنولوجيا تراعي الاستدامة. 

2024

على سبيل المثال، يستخدم يخت روسينافي Seawolf X، الذي يبلغ طوله 141 قدمًا، تقنيات الذكاء الاصطناعي لإدارة نظام الدفع الهجين وتزويد الطاقم والضيوف بطرق فورية لتقليل استخدام الطاقة.