في قاعة العرض الافتراضية على موقع دار ستيفانو ريتشي، يتسنى لعشاق الأناقة الرجالية اختيار ما يرضي ذائقتهم ويعبر عن تفردهم. كان هذا الإجراء وسيلة اتخذتها الدار لمجابهة وباء كورونا الذي حكم على كثير من العلامات الفاخرة بتغيير استراتيجياتها حتى تصمد في وجه الإغلاق الذي طال العالم وحتى تخرج منه بسلام.

مرّ عامان ثم عادت الدار إلى افتتاح متاجرها وإرسال آخر إبداعاتها إلى جهات الأرض الأربعة، لكن لا يزال بمقدور الباحثين عن الأناقة تفقد قاعة العرض تلك وتنسيق ملابسهم بناء على الطرز المتاحة فيها.

تزامنت عودة الأوضاع إلى نصابها مع الذكرى الخمسين للدار التي نظمت للاحتفاء بهذه المناسبة حدثًا حصريًا في مكان يضوع بعبق التاريخ، في معابد الأقصر الشاهدة على مجد الحضارة الفرعونية الباهر. تميز الموقع لم يكن ليكتمل إلا بتميز الحاضرين، الذين انحصر عددهم في 400 ضيف من حول العالم، حجّوا إلى المكان ليشهدوا آخر إبداعات ستيفانو ريتشي.

لكن فلنعد قليلاً بالزمن إلى الوراء، إلى لحظة التأسيس، قبل أن تصبح دار ستيفانو ريتشي دارًا عالمية لا تقتصر إبداعاتها على رابطات العنق فحسب، بل تقدم مجموعات متنوعة ومتفردة من كل ما يحتاج إليه الرجال ليتدثروا بالأناقة، سواء من ناحية الأزياء أو من ناحية العطور والساعات الفاخرة.

تاريخ مجيد

بدأت الحكاية في عام 1972، عندما قرر شاب شغوف بتصميم رابطات العنق إطلاق مجموعته الأولى التي تحمل اسمه. كانت رؤيته التصميمية عندئذ، والتي لازمته إلى يومنا هذا، ترتكز على تقديم منتجات عالية الجودة مصممة بالاعتماد على أجود التقنيات الحرفية المعروفة.

وما إن انتصف عقد السبعينيات حتى كانت الدار تتلقى الطلبات من علامات عدة، وهذا ما دفع ستيفانو ريتشي إلى إطلاق مجموعة قمصان خاصة بعلامته، وحثه أيضًا على توسيع نطاق أعماله والتوجه بها إلى العالم.

ستيفانو ريتشي تحتفل بالذكرى الخمسين لتأسيسها في الأقصر

Stefano Ricci S.p.A©Massimo Sestini

في التسعينيات، وسعت الدار مجموعة الأزياء الرجالية التي تنتجها، فأصبحت تشمل البدلات والملابس الرياضية والأحذية. كما اتجهت الدار خلال هذا العقد إلى إنتاج قطع جلدية حصرية، ثم أتبعتها بأزرار الأكمام والمشابك، مستعيدة فيها تقاليد الصياغة الفلورنسية القديمة، إذ إنها شكلت هذه العناصر المُغْفلة كثيرًا حليًا ثمينة من الذهب والبلاتين والألماس والياقوت وغيرها من الأحجار الكريمة.

وبحلول بداية الألفية الثالثة انضم الأبناء إلى الأب ستيفانو ريتشي. وتبع إبقاء العلامة في عهدة العائلة الإيطالية توسعٌ إلى بلدان أخرى وافتتاح متاجر في أنحاء العالم المختلفة، بعد أن كانت مقتصرة على الولايات المتحدة والصين.

وبالموازاة مع هذا الانفتاح العالمي توسعت أيضًا دائرة إبداعات الدار، إذ إنها لم تعد محصورة في الأزياء متقنة الحياكة، وامتدت إلى المفروشات والإكسسوارات المنزلية الجلدية والأواني الفضية الفاخرة.

وفي الذكرى الأربعين لتأسيس الدار، نظمت عرض أزياء آسرًا في أوفيتزي غاليري بفلورنسة، وكان عرض الأزياء الأول والوحيد في تاريخ هذا المتحف. كما فتحت العلامة صفحة جديدة في تاريخها ذلك العام بإنشائها قسم اليخوت الفاخرة، وهو ما أتاح لها استقطاب مزيد من الزبائن الباحثين عن كل ما له صلة بالأناقة والفخامة.

وأما في ذكرى تأسيسها الخمسين، فقد اختارت دار ستيفانو ريتشي معبد حتشبسوت في الأقصر ليكون موقعًا لعرض أزيائها، في حدث هو الأول من نوعه في تاريخ مصر وفي تاريخ عالم الأزياء الفاخرة.

عرض مبهر في معبد حتشبسوت

افتتح العرض على أنغام مغني الأوبرا الشهير أندريا بوتشيلي، الذي أبهر الحاضرين بغنائه مقطوعة "Celeste Aida" التي جاءت ملائمة لمكان إقامة الحدث. وبعدها تقدم العارضون الخمسة والأربعون واحدًا تلو الآخر، كاشفين عن مجموعة الأزياء الحصرية التي صممها ستيفانو ريتشي خصيصًا لهذه الليلة المليئة بالأناقة والعواطف.

أبرز ما امتاز به هذا العرض أنه كان تكريمًا للأناقة الرجالية واحتفاء بالمستقبل، بالرغم من أن الفخامة الفرعونية القديمة كانت في صميمه. وقد تفتق العرض عن تسعين إطلالة حصرية، من أزياء السهرات الأنيقة، والبدلات الرسمية التي حيكا من قماش الجاكار وازدانت بتصاوير هيروغليفية، والسترات التي تليق بفراعنة العصر الحديث.

ستيفانو ريتشي تحتفل بالذكرى الخمسين لتأسيسها في الأقصر

Stefano Ricci S.p.A©Massimo Sestini

وتلونت هذه الأزياء الأنيقة بألوان ذهبية وزرقاء مستوحاة من وادي الملوك، فيما غلب اللون الأبيض على ملابس النوم. وأشادت الدار أيضًا في أحد تصاميمها بنيلسون مانديلا، مع قمصان الحرير المبتكرة التي صممها ستيفانو ريتشي في أوائل التسعينيات.

وفي سياق الحديث عن هذا العرض، قال المدير الإبداعي للدار فيليبو ريتشي: "هذه تجربة تحدث في العمر مرة واحدة". وأضاف: "قدمنا لضيوفنا رحلة تتجاوز الزمن إلى الأرض التي شهدت مولد أسلوب الحياة الفاخر".

ومثلما غازل صوت أندريا بوتشيلي جنبات معبد حتشبسوت في مطلع العرض، كذلك فعل ثانية في نهاية العرض، محتفيًا بستيفانو ريتشي وابنه فيليبو اللذين نزلا درجات المعبد تحت وابل من التصفيقات.