إنه صوتٌ لن يلحظه أحدٌ في معظم المركبات، ولكنه في هذه المقصورة التي تبدو مغيّبة عن العالم الخارجي أشبه ما يكون بضجيج فرقة موسيقية. وفي هذا دليل على الطابع الأثيري لسيارة سبيكتر Spectre التي تنتج قوة تبلغ 584 حصانًا، وهي أول سيارة كهربائية بالكامل في تاريخ رولز - رويس الممتد 117 عامًا.

يقول تورستن مولر - أوتفوس، الرئيس التنفيذي العالمي لشركة رولز - رويس موتور كارز: "لقد باشرنا دراسة استخدام الطاقة الكهربائية قبل أكثر من 10 سنوات.

أخبَرَنا الزبائن بأنهم يعتقدون أن توظيف المحركات الكهربائية يتناسب تمامًا مع العلامة التي تُطوّر أصلاً سياراتٍ صامتة بعزمِ دوران هائل". بدلاً من إصدار سياراتٍ بمحركاتٍ تتمايز بأصوات محددة، تشتهر العلامة بمحركاتها التي تغيب فيها ضوضاء الاحتراق.

ولكن، عندما حان وقت الشروع في إنتاج المركبات الكهربائية، طالب الزبائن أيضًا بأن تكون هذه الأخيرة "سياراتِ رولز - رويس أولاً، ثم سياراتٍ كهربائية".

أخذ فريق التصميم هذا المطلب على محمل الجد. فمن الناحية الجمالية، تُواصل هذه السيارة، الثنائية الأبواب والرباعية المقاعد، تخليد سيرة أسلافها من السيارات المُجهّزة بمحركات الاحتراق، وتحديدًا سيارة فانتوم كوبيه الصادرة في عام 2008، إذ تتباهى بالمظهر المَهيب نفسه والمقدمة الرأسية نفسها، المستلهمة من اليخوت.

لكن وجه الاختلاف بين السيارتين يَكْمن في أن السيارة الجديدة تتمايز بسطح منحدر من الخلف أكثر بروزًا، ما يُسهم في تقليص معامل السحب إلى 0.25، وهي أقل قيمة يُحققها الصانع البريطاني حتى يومنا هذا.

مع ذلك، تهز مقصورة السيارة شباك التقاليد بوضوح، إذ تزهو بلوحة عدادات رقمية بالكامل، وهي سابقة في تاريخ الصانع، كما تشتمل على نظام "أبواب ستارلايت" Starlight Door، المستخدم لأول مرة والمتألق بضياء 4,796 مصباح LED (يُكمِّل نظامَ Starlight Headliner الذي بات من ميزات العلامة). فضلاً عن ذلك، أضْحت عجلة القيادة أكثر سمكًا.

تشمل السمات اللطيفة الأخرى ميزة الإغلاق التلقائي لباب السائق فور الضغط على دواسة الفرامل، وآلية الانزلاق الانسيابي للأمام عند الضغط برفق على دواسة الوقود والتي تمثّل حصيلة اختباراتٍ امتدت أكثر من 1.5 مليون ميل وأزيد من 50,000 ساعة.

عند القيادة بسرعة، تبرز الرشاقة المذهلة لهذه السيارة التي يزيد وزنها على وزن سيارة كالينان الرياضية متعددة الاستعمالات بنحو 136 كيلوغرامًا.

يرجع الفضل في هذا إلى نظام الدفع الخلفي، وإلى التحسينات المُدخَلة على الهيكل الشبكي المصنوع من الألمنيوم ونظام التعليق المتحكم فيه رقميًا، وكلاهما، أي الهيكل ونظام التعليق، مصدرهما سيارة جوست التي نالت في عام 2021 جائزة السيارة الأشد فخامة في مسابقة سيارة العام التي تنظمها مجلة Robb Report.

وأصبح مفهوم "هندسة الفخامة" يَدمج في تركيبه الآن نظام البطاريات الذي يبلغ وزنه 700 كيلوغرام وتبلغ قدرته 102 كيلو واط/الساعة، إلى جانب دعامات الألمنيوم المَبْثوق التي تُسهم في زيادة الصلابة الالتوائية للسيارة بأكثر من 30% مقارنة بما هو عليه الحال بسيارة السيدان جوست. 

هذه التعزيزات، التي تُضاف إليها قاعدة العجلات الممتدة بطول 126.4 بوصة والإطارات التي يبلغ حجمها 23 بوصة من طراز Pirelli P Zero، تُشعر السائق بأن السيارة مُنغرسة في الأرض على نحو مُطَمئن، حتى عندما تَنْهب الطرقات الملتوية من حول بحيرة بيريسا في وادي نابا بكاليفورنيا.

أما نظام التوجيه، فمزيجٌ من المألوف والجديد، إذ تحتفظ السيارة بالرشاقة الكلاسيكية المعروفة عن طُرز رولز - رويس، ولكنها أسرع من المتوقع. ولا يعني هذا أن موطن قوة طراز الكوبيه يَكْمن في نهب الطرقات - طول السيارة نحو 18 قدمًا وعرضها نحو 7 أقدام - ولكنه يستطيع التراقص إذا اقتضى الأمر.

في الواقع، يَبعث الضغط المُتحمّس على دوّاسة الوقود الحياةَ في سيارة سبيكتر، ويَشِي عزم الدوران الفوري بالمحركيْن الكهربائيين المُنهمكيْن في توليد الطاقة، إذ يدفعان السيارة الضخمة في صمت من صفر إلى 60 ميلاً/الساعة في غضون 4.4 ثانية ويُتيحان لها بلوغ سرعة قصوى محددة عند 155 ميلاً/الساعة.

أما الميزة الأخرى التي تُسهّل رقص السيارة، فهي نظام الكبح المتجدد، الذي يَنشط عند الضغط على زر مستقر على ذراع إشارة الانعطاف. يُتيح هذا النظام قيادة السيارة بدوّاسة واحدة ويُعزز ثقة السائق عند المنحدرات الملتوية، لكنه يَفيض بالعدوانية في مسارات أخرى، ولا وسيلة لضبط عنفوانه إلا بإيقافه.

العيب الآخر الذي يُمكن تَلمُّسه في السيارة هو غياب شاشات المعلومات والترفيه المقترنة بالمقصورة الخلفية، والسبب في ذلك زاويةُ المقاعد، على أن هذه السيارة المنعدمة الانبعاثات مُوجهة قطْعًا إلى السائقين ولن تكون إلا واحدة من مجموعة السيارات التي يمتلكها صاحبها.

ولذلك، تعتقد رولز- رويس أن إعادة شحن البطاريات، التي تُغطّي مدى متواضعًا يُساوي 260 ميلاً (بحسب تقديرات وكالة حماية البيئة)، ستجري أساسًا في المنزل، إذ يُمكن شحنها من 10% إلى 80% في ظرف 34 دقيقة باستخدام شاحن فائق للتيار الثابت بقدرة 195 كيلو واط.

من الجائز القول إن سيارة سبيكتر، التي يبدأ سعرها من 420,000 دولار، والتي يُتوقع أن ينطلق تسليمها في الربع الأخير من هذا العام، تُعدّ أهم سيارة فاخرة تَصْدر في هذه الألفية.

فقد استطاعت إعادة صياغة صورة صانعٍ مُحنّك من دون المساس بِذرّة من هويته. بما أن المركبات الكهربائية تتمايز بالسلاسة والثِّقل والصمت، فإن الإقدام على هذا الانتقال كان سَيَهون دائمًا وأبدًا على رولز – رويس، وهذا ما يُظهر الرؤية التقدمية التي احتضنتها العلامة دائمًا في ابتكاراتها.

وكما لو كنتُ أحاول إثبات هذه النقطة، أسألُ السائق الذي كان يُقلِّني إلى المطار إن كان سيحتاج إلى إعادة شحن البطاريات قريبًا. وبعد أن يرمقني من مرآة الرؤية الخلفية بنظرة متسائلة، يجيب: "إننا في سيارة جوست". وهنا بالتحديد يَكْمن تفوّق سبيكتر: إنها سيارة رولز - رويس أولاً ثم سيارةٌ كهربائية ثانيًا.