يعد الفنان السعودي أحمد ماطر من الأسماء اللامعة في سماء الفن العربي المعاصر. فبعد انتقاله من عالم الطب إلى عالم الفنون، تمكن من ترسيخ اسمه بفضل مجموعة ممتدة من الأعمال التي تتفحص واقع المملكة المعاصر وتستكشف ثنايا تاريخها غير الرسمي. 

قضى ماطر مسيرته الفنية في تتبع التقاطعات بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويأتي معرض "أحمد ماطر: تذروه الرياح" الذي تنظمه دار كريستيز للمزادات بمدينة لندن شاهدًا على هذا التوثيق الذي يتخلل مختلف إبداعاته.

معرض "أحمد ماطر: تذروه الرياح"

يضم المعرض أكثر من مائة عمل فني، تتنوع بين اللوحات والرسومات والصور الفوتوغرافية والتركيبات والمنحوتات وأعمال الفيديو، وتضيء كلها على التحولات الاجتماعية والثقافية في المملكة العربية السعودية وانعكاساتها على التعددية الثقافية في المنطقة.

أشرف الدكتور رضا مومني، رئيس مجلس إدارة قسم الشرق الأوسط وإفريقيا في دار كريستيز، على انتقاء الأعمال المعروضة، وقد اختار إبراز اللوحات التجريدية التي رسمها ماطر في بداية مسيرته الفنية، فضلاً عن سلسلة "إضاءات" الشهيرة، وأعماله الرئيسة في مشروع "صحراء فاران"، ومنحوتاته المنضوية تحت مشروع "أشهب اللال" المزمع إقامته في "وادي الفن" بـمنطقة العلا، وأخيرًا "كتاب المغناطيسية" الذي يماط عنه اللثام لأول مرة في صالات كريستيز بلندن.

تطور الإنسان، عمل يعود إلى عام 2010.

Christie's

تطور الإنسان، عمل يعود إلى عام 2010. 

عودة أحمد ماطر لعرض إبداعاته في لندن بعد نحو عشرين عامًا من معرضه الأول خارج المملكة العربية السعودية يعد محبي الفن بالكثير. فعلى سبيل المثال، يستكشف عمله المعنون "تطور الإنسان" القفزة النوعية التي أعقبت اكتشاف النفط في عام 1938 وتأثيراته على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والدينية للمملكة، كما يستقصي المخاطر البيئية التي ينذر بها المستقبل القريب.

أما عمله المعنون "تعويذة الأشعة السينية (الجذع)"، فإنه يضيء على العلاقة المركبة بين العلم والإيمان، وكذلك التقاطعات بين الماضي والحاضر، من خلال الاستلهام من فن الزخرفة الإسلامية. لجأ ماطر في هذا العمل إلى الأوراق المذهبة والشاي والرمان والقهوة وغيرها من المواد التي كانت تدخل في زخرفة المخطوطات الإسلامية، ثم ناغم بينها في مقاربة مبتكرة بإدماج صورة جذع حقيقية مأخوذة بالأشعة السينية داخل إطار يزخر بإشارات مختلفة إلى فن الزخرفة.

تعويذة الأشعة السينية (الجذع)، يعود العمل إلى عام 2009.

Christie's

تعويذة الأشعة السينية (الجذع)، يعود العمل إلى عام 2009. 

إلى جانب الأعمال الفنية الأخرى التي تستكشف التقابلات القائمة بين التراث والعولمة، والحدود التي باتت عاملاً مؤثرًا في تنقلات الأفراد، والعلاقة المتبادلة بين الواقع والخيال، يتضمن معرض "أحمد ماطر: تذروه الرياح" عملاً جديدًا ضمن سلسلة "المغناطيسية" الشهيرة. 

يستلهم الكتاب الذي يُعرض للمرة الأولى في لندن القرآن الكريم، إذ يحاكي آياته باستخدام برادة الحديد والمغناطيس، في إشارة إلى تأثيرها الروحي الكبير.

كتاب المغناطيسية، يظهر للمرة الأولى في عام 2024.

Christie's

كتاب المغناطيسية، يظهر للمرة الأولى في عام 2024.

يأخذ هذا المعرض ضيوفه في جولة وافية على الممارسات الإبداعية المتنوعة للفنان أحمد ماطر، خصوصًا أسلوبه المتفرد في رصد النواحي المادية والروحية في المملكة العربية السعودية، وتفتح دار كريستيز أبواب المعرض من 17 يوليو إلى 22 أغسطس.