تتجلى في عام 2023 بوضوح مقولة "رأس المال لا يعرف وطنًا"، فهو يتحرك بحرية ويستجيب للفرص الاقتصادية والظروف الملائمة بغض النظر عن الأماكن أو البلدان التي ينشأ فيها. ففي هذا العام، تبدلت مراكز أكبر خمسة ملاذات هاجر إليها أصحاب الثروات، وفق دراسة أجرتها شركة "هنلي أند بارتنرز" لاستشارات الهجرة، التي تتخذ من لندن مقرًا لها.
الدراسة، التي تُعرّف أصحاب الثروات بأنهم الأشخاص الذين يمتلكون أصولاً لا تقل عن مليون دولار، قدرت أن ما يقرب من 128 ألف مليونير هاجروا إلى بلدان جديدة خلال عام 2023.
أستراليا تصعد للصدارة
جاءت أستراليا في صدارة الدول التي استقبلت أكبر عدد من أصحاب الثروات في ذلك العام، إذ بلغ عددهم 5200 مليونير جديد، مقارنة بعدد 3500 احتلت بهم المرتبة الثانية في عام 2022.
تعد أستراليا بيئة جاذبة لرؤوس الأموال بشكل عام، وقد استقبلت حوالي 82 ألفًا من أصحاب الثروات على مدى العقدين الماضيين. وبينما كانت معظم الهجرة إلى أستراليا في تلك الفترة من آسيا وإفريقيا، أصبحت القارة الواعدة أيضًا وجهة للمليونيرات من البلدان ذات الدخل المرتفع مثل المملكة المتحدة.
تعزى جاذبية أستراليا، وفقًا للدراسة، إلى عوامل عدة تتميز بها، بما في ذلك الاقتصاد المتقدم والاستقرار الأمني ومعدلات الضرائب المنخفضة والرعاية الصحية المتميزة. يُضاف إلى ذلك جودة الحياة العالية في هذا البلد، والمساحات الواسعة والجمال الطبيعي البديع.
الإمارات في المرتبة الثانية
في عام 2023، جاءت الإمارات في المرتبة الثانية بوصفها واحدة من أكثر الدول جاذبية لأصحاب رؤوس الأموال، وقد استقبلت حوالي 4500 مليونير. تراجعت بذلك عن المرتبة الأولى التي حققتها في عام 2022 بعد استقبال 4000 مليونير.
قبل ظهور وباء كوفيد-19 في نهاية عام 2019، كانت الإمارات تستقبل سنويًا حوالي 1000 مليونير، لكن الأداء الاقتصادي الجيد الذي حققته الدولة خلال الوباء وتسهيلات الاستثمار التي أقرتها جعلتها وجهة مفضلة للأثرياء. إضافة إلى ذلك، ينجذب العديد من الأثرياء إلى القطاع العقاري الفاخر في الإمارات واستقرارها السياسي ومكانتها كملاذ آمن.
جاء أصحاب الثروات الذين هاجروا إلى الإمارات في عام 2023 بمعظمهم من الهند، كما استقبلت أعدادًا كبيرة، أيضًا، من المملكة المتحدة وروسيا ولبنان وباكستان وتركيا ومصر وجنوب إفريقيا ونيجيريا وهونج كونج والصين.
wam
سنغافورة الثالثة وسويسرا الرابعة
سنغافورة، التي تعد أحد أبرز النمور الآسيوية الصاعدة اقتصاديًا، تمكنت من الحفاظ على المرتبة الثالثة، إذ إنها جذبت حوالي 3200 مليونير، مقارنةً بنحو 2800 في عام 2022. أما سويسرا، فاحتلت المرتبة الرابعة بعد استقبالها حوالي 1800 مليونير، على الرغم من انخفاض حصتها من أصحاب الثروات، إذ بلغ عددهم نحو 2200 في عام 2022 حين احتلت المركز الخامس.
بجانب الاقتصاد القوي، وجودة الحياة، تعد الحزمة الضريبية، التي تُسمى أيضًا "الضريبة بحسب النفقات" المخصصة للأجانب الأثرياء، من أهم عناصر الجذب في سويسرا، إذ يدفع المستفيدون منها ضرائب على أساس حجم نفقاتهم وليس على أساس ثرواتهم.
أمريكا تعود للخمسة الأوائل
في عام 2023، عادت الولايات المتحدة إلى قائمة الوجهات الخمس الأكثر جذبًا للمهاجرين أصحاب الثروات، وقد استقبلت حوالي 2800 مليونير، مقارنةً بنحو 1500 في عام 2022 (احتلت آنذاك المرتبة السادسة في القائمة). ووفقًا للدراسة، ينحدر أصحاب الثروات الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة في عام 2023 بمعظمهم من آسيا ويعملون في قطاعات الترفيه والتمويل والتكنولوجيا.
الدول الخمس الطاردة للمليونيرات
بالمقابل، شهدت بعض الدول مثل المملكة المتحدة والصين والهند وروسيا والبرازيل أكبر نزوح جماعي للمليونيرات في العالم. وفي هذا العام، شهدت المملكة المتحدة انخفاضًا بلغ حوالي 3500 في عدد الأثرياء، بينما كان الانخفاض في الصين طفيفًا مقارنةً بالأعوام السابقة منذ عام 2017.
منهجية الدراسة
تعتمد دراسة "هنلي أند بارتنرز" على بيانات New World Wealth، وهي شركة أبحاث مستقلة تقوم بمتابعة اتجاهات هجرة الأثرياء عالميًا بشكل منهجي.
تتبع New World Wealth تحركات أكثر من 150 ألف فرد ذي ثروة عالية حول العالم في قاعدة بياناتها الداخلية، وتستخدم مصادر متعددة لرصد مواقع عملهم الجديدة، بما في ذلك إحصاءات برامج الهجرة الاستثمارية في البلدان ذات الصلة، ومقابلات منتظمة مع وسطاء الأثرياء، وإحصاءات سوق الأوراق المالية في كل سوق، وغيرها.
وتقتصر الأرقام على أصحاب الثروات الذين انتقلوا حقًا إلى بلد جديد وأقاموا فيه لمدة 6 أشهر على الأقل، ولا تشمل أولئك الذين حصلوا على حقوق الإقامة ولم ينتقلوا بعد. توفر هذه الدراسة بيانات ذات مصداقية وموثوقية عن حركة هجرة الأثرياء وتساعد في فهم اتجاهات الثروة والاستثمار العالمية.