صنع الأمريكي إيلون ماسك لنفسه مكانة خاصة في عالم رجال الأعمال وبات في غضون سنوات واحدًا من أغنى الأثرياء. ورغم بداياته المتواضعة التي لم تكن تنذر بشيء وقتها، إلا أن طموحه وعمله الدؤوب قاداه في رحلة مبهرة بمختلف المقاييس.
وتتميز رحلة صعود إيلون للقمة بالابتكار الدائم والطموح المتجدد والالتزام بتشكيل مستقبل أفضل، من خلال مشاريع مثل تسلا Tesla وسبيس إكس SpaceX ونيورالينك Neuralink وبورينغ Boring، ليقدم إسهامات ضخمة في مجالات النقل والفضاء والطاقة النظيفة وعلم الأعصاب وغيرها.
الآن، بات رجل الأعمال الأمريكي من أكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم، وصوتًا مسموعًا لملايين البشر ممن يؤمنون بتجربته المتفردة ويسيرون على دربه أملاً في تحقيق ذواتهم وترك أثر لا يمحى في مختلف الصناعات.
نشأة إيلون ماسك مفتاح نجاحه
محطات عديدة يمكن التوقف عندها في حياة ماسك، بداية من طفولته في جنوب إفريقيا، وسنوات تعليمه في كندا، والشركات الأولى التي أطلقها في الولايات المتحدة الأمريكية. ولد ماسك يوم 28 يونيو من عام 1971 في بريتوريا، جنوب إفريقيا، وهناك قضى سنواته الأولى ليعاصر نظام الفصل العنصري والقضايا الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وهي القضايا التي شكلت في ما بعد نظرته للعالم.
عند بلوغه سن السابعة عشرة، انتقل ماسك إلى كندا لتجنب التجنيد الإجباري في جيش جنوب إفريقيا، والتحق بجامعة كوينز في كينغستون، أونتاريو، ثم انتقل إلى جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية. وغني عن القول إن تلك البدايات في حياة ماسك أثّرت في تطوره الشخصي والمهني، وزودته بخبرات ومهارات متفردة اعتمد عليها طيلة حياته المهنية وفي سعيه لتحقيق رؤى عظيمة لمستقبل البشرية.
مشروعات مبكّرة في رحلة صعوده
استحوذ إيلون ماسك، صاحب الرؤية الفذة، على خيال العالم بطموحاته الجريئة وسعيه المستمر نحو تحقيق التقدم التكنولوجي الرائد، بداية من مشاركته في تأسيس موقع "باي بال" PayPal إلى قيادة "تسلا" وتأسيس "سبيس إكس" والاستحواذ على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، و"نيورالينك" و"بورينغ"، حتى أصبح اسمه مرادفًا للابتكار والنجاح بثروة تُقدّر بنحو 197 مليار دولار وفقًا لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات. ولكن قبل الإنجازات الكبرى لعملاق التكنولوجيا، كان لدى ماسك العديد من المشروعات المبكرة التي أسهمت في تأسيس إمبراطوريته الرائدة، مثل شركة Zip2، وهي شركة برمجيات شارك في تأسيسها عام 1995، وركزت على توفير أدلة الأعمال والخرائط للصحف، وحققت نجاحًا كبيرًا قبل أن يجري بيعها مقابل 300 مليون دولار تقريبًا.
سبيس إكس واستكشاف الفضاء
في عام 2002، أسس ماسك شركة "سبيس إكس" بهدف إحداث ثورة في عالم الفضاء وتسهيل فرص الحياة على كواكب أخرى. ورغم أن الشركة كانت في البداية موضع التشكيك، إلا أنها واصلت تحقيق العديد من الإنجازات غير المسبوقة، بما في ذلك كونها أول شركة ممولة من القطاع الخاص ترسل مركبة فضائية إلى محطة الفضاء الدولية. وقد حملت هذه المركبة اسم "سبيس إكس دراغون" SpaceX Dragon.
وقد أدت مساعي ماسك لتقليل تكلفة السفر إلى الفضاء وتطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام إلى توسيع حدود تكنولوجيا الفضاء، إذ تهدف المركبة الفضائية التابعة لشركة "سبيس إكس" إلى تمكين السفر التجاري إلى الفضاء في المستقبل.
تسلا موتورز
انضم ماسك إلى شركة تسلا موتورز في عام 2004، وعمل على تحويل الشركة إلى مجموعة رائدة في تصنيع السيارات الكهربائية، إذ قدم إسهامات كبيرة باعتباره رئيسًا تنفيذيًا ومهندسًا للمنتجات.
وبدون أدنى شك، كان لرؤية ماسك الهادفة إلى تحقيق مستقبل مستدام، والتزامه بتنفيذ مشروعات تعمل بالطاقة النظيفة، دور مهم في تسريع اعتماد السيارات الكهربائية في مختلف أنحاء العالم، إذ قدمت تسلا موتورز مركبات كهربائية أنيقة عالية الأداء، مثل طُرز Model S، وModel 3، وModel X، وجميعها حققت ثورة هائلة في قطاع صناعة السيارات.
جدير بالذكر أيضًا أن شركة تسلا بدأت العمل منذ سنوات على تطوير روبوتات أوبتيموس Optimus التي تحاكي حركة الإنسان بهدف تلبية مجموعة من الاستخدامات المختلفة.
إيلون ماسك يقتحم مجال علم الأعصاب
بعد النجاح الواسع في مجالات النقل والفضاء، أولى ماسك اهتمامًا كبيرًا بعلم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، ما قاده إلى تأسيس شركة نيورالينك للتكنولوجيا العصبية في عام 2016. تهدف الشركة إلى تطوير تقنية واجهة الدماغ والآلة لتعزيز القدرات البشرية وعلاج الاضطرابات العصبية، من خلال زرع أقطاب كهربائية في أدمغة الناس تعمل على تنفيذ اتصال مباشر بين الدماغ البشري وأجهزة الحاسب، ما قد يؤدي إلى إحداث ثورة في الرعاية الصحية والقدرات المعرفية.
إيلون ماسك ومجال النقل
كان شعور ماسك بالإحباط بسبب الازدحام المروري الدافع إلى إنشاء شركة "بورينغ" في عام 2016، وهي شركة متخصصة في مجال الأنفاق والبنى التحتية، هدفها تخفيف حركة المرور في المناطق الحضرية عبر إنشاء أنفاق النقل تحت الأرض.
ليس هذا فحسب، إذ تعمل الشركة أيضًا على اقتراح أنظمة نقل مبتكرة، مثل شبكة هايبرلوب التي تستخدم السيارات الكهربائية لنقل الركاب بسرعات عالية. ولأن "بورينغ" تركز في المقام الأول على حل تحديات النقل، فإنها تقدم مفاهيم تصورية لتجارب نقل متفردة وحصرية.
الوصول إلى القمة
اعتبارًا من شهر سبتمبر 2022، أصبح إيلون ماسك واحدًا من أغنى الأثرياء في العالم، ومع ذلك من المهم ملاحظة أن قيمة الثروة يمكن أن تتغير بسبب عوامل مختلفة، أبرزها تحركات سوق الأوراق المالية، والمشروعات التجارية، وعمليات الاستحواذ.
لكن في أحدث مؤشر نشرته وكالة "بلومبرغ" للمليارديرات حول العالم، وتحديدًا في 15 مارس من عام 2024، احتل إيلون ماسك المرتبة الثالثة بثروة تقدر بنحو 197 مليار دولار، بعد كل من برنارد جان أرنو، رجل الأعمال الفرنسي، ورئيس مجلس إدارة شركة "أل في أم أش" LVMH للمنتجات الفاخرة في العالم بثروة تبلغ 204 مليارات دولار، والأمريكي جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة أمازون بثروة تقدر بـحوالي 201 مليار دولار.
ملامح من حياة الثري إيلون ماسك
يشتهر إيلون ماسك بأسلوب حياته الفاخر الذي يتضمن العديد من الممتلكات الباهظة والمقتنيات الثمينة للغاية. وباعتباره الرئيس التنفيذي لشركات مثل تيسلا وسبيس إكس، فقد جمع ثروة طائلة سمحت له بإتمام صفقات شراء ضخمة. إليكم بعض الأمثلة على ذلك:
- القصور: يمتلك إيلون ماسك العديد من القصور التي تقدر قيمتها بملايين الدولارات، منها أربعة قصور في منطقة Bel Air في لوس أنجليس والتي يقال إن قيمتها مجتمعة تبلغ 70 مليون دولار وتوفر مساحات معيشة مهيبة وفاخرة.
- الطائرات الخاصة: من المعروف أن ماسك يسافر بأناقة على متن طائراته الخاصة، ما يسمح له بالاستمتاع بالطيران وفقًا لشروطه التي يحددها لنفسه.
ويمتلك الملياردير طائرتين خاصتين من طراز غلفستريم Gulfstream مسجلتين في شركة فالكون لاندينغ Falcon Landing، وهي شركة مرتبطة بشركتي تسلا وإكس سبيس. وتعد طائرة G550 من غلفستريم التي تستوعب 17 راكبًا أحدث إضافة إلى أسطوله. أما الطائرة الأخرى، فهي من طراز G650 الأكبر حجمًا الذي يحقق مدى سفر أطول.
- السيارات: لدى إيلون ولع بالسيارات، وقد جرى رصده وهو يقود العديد من المركبات الفارهة، بما في ذلك سيارة الغوّاصة لوتس اسبريت Lotus Esprit التي اشتهرت في فيلم جيمس بوند The Spy Who Loved Me (الجاسوس الذي أحبني).
يتنقل ماسك أيضًا على متن مركبات أخرى تشمل نموذجًا من طراز Audi Q7 وسيارة من طراز بورشه 911 وأخرى من طراز BMW M5 الرياضي.
OMEGA Watches
- الساعات الفاخرة: من المعروف أن إيلون ماسك يمتلك أيضًا مجموعة من الساعات الفاخرة، وقد شوهد وهو يرتدي ساعات من طُرز Omega Seamaster Aqua Terra 12، وTAG Heuer Carrera Caliber 1887 SpaceX Chronograph12 ذات الإصدار المحدود، و RM 029 Rose Gold من ريتشارد ميل.
خدمات إيلون ماسك للأثرياء
على الرغم من سعي مشاريع ماسك إلى إحداث تأثير واسع المدى يصل لمختلف الأفراد في العالم، إلا أن بعض شركاته ومشروعاته تقدم منتجات وخدمات تجذب الأثرياء فحسب.
لدى سبيس إكس على سبيل المثال خطط لتوفير تجارب السفر التجاري إلى الفضاء للراغبين في استثمار مبالغ كبيرة من المال. ومع ذلك من المهم الإشارة إلى أن هذه المشاريع تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك وتشمل أهدافًا أوسع لتطوير التكنولوجيا والاستدامة والاستكشاف.