استيقظ العالم يوم الجمعة الماضية على انقطاع عالمي لكثير من الخدمات التقنية في مختلف القطاعات، بدءًا من المطارات حتى أسواق المال المختلفة حول العالم فضلاً عن المستشفيات والبنوك. 

ويُعزى السبب في ذلك إلى خطأ تقني في أنظمة ويندوز التابعة لشركة مايكروسوفت تسببت فيه أنظمة الأمان التابعة لشركة كراود سترايك الرائدة في الأمن السيبراني.

تأثر قطاع الطيران أكثر من غيره بسبب هذا الانقطاع، ولكن هذا لا يعني أنه كان الضحية الوحيدة. فأسواق المال تأثرت أيضًا بالخلل، وذلك لأنها تعتمد على أنظمة ويندوز والحواسيب لتحديث قيمة الأسهم وتنفيذ عمليات تبادلها، فضلاً عن الاتصال بالبنوك والمؤسسات المالية.

تأثير مركب على أسواق المال

اتسعت رقعة المتأثرين بالأزمة لتضم شركات إدارة الأسهم العالمية مثل جي بي مورغان وفانغارد. كما أن البورصة البريطانية تأثرت بالأزمة وأصبحت غير قادرة على عرض التحديثات المباشرة للمستخدمين. وانضمت البنوك الأسترالية والنيوزلندية إلى قائمة المتضررين بهذا الانقطاع، إذ لم يتمكن عملاؤها من الوصول إلى حساباتهم الشخصية وحسابات الشركات.

لم تقتصر آثار الأزمة في أسواق المال على تعطل الخدمات المباشر مثل بقية القطاعات، بل امتدت لتشمل آثارًا أبعد من ذلك. فقد تسببت الأزمة في زعزعة ثقة المستثمرين في أسواق المال وسحب الكثير من الأموال والأصول المالية، فضلاً عن تلك التي لم يستطع ملاكها الوصول إليها بسبب الانقطاع.

انعكس هذا الأمر على مؤشرات ناسداك وS&P 500 فضلاً عن داو جونز الذي كان الأكثر تأثرًا بينها، إذ انخفضت قيمة التعاملات في الأسواق الثلاثة تباعًا وفق تقرير رويترز حول تبعات الأزمة.

جي بي مورغان وفانغارد في مقدمة ضحايا عطل ويندوز التقني

Unsplash

ولكن الأثر الأوضح لهذه الأزمة كان على أسهم شركة كراود سترايك الأمنية ومايكروسوفت، إذ انخفضت قيمة أسهم الأخيرة بمقدار 1%، بينما كان الأثر على كراود سترايك أوضح عبر انخفاض في قيمة الأسهم وصل إلى 11%، وهذا عقب عام مزدهر شهد نمو الشركة بمقدار 122% وتجاوز قيمتها 74 مليار دولار.

في المقابل، انتعشت أسهم الشركات المنافسة مثل أبل وشركات الأمن السيبراني المنافسة مثل Palo Alto Networks وSentinelOne وCloudFlare، بشكل مباشر أمام كراود سترايك ومايكروسوفت.

لماذا حدث هذ العطل التقني لويندوز؟

فوجئ العالم بظهور شاشات زرقاء في الحواسيب التي تستخدم أنظمة ويندوز وتعتمد على خدمات كراود سترايك الأمنية، وتحديدًا خدمة FalconGO التي تعمل على فحص الحواسيب ضد الهجمات السيبرانية بشكل مستمر وإزالة أي خطر بشكل تلقائي.

بالطبع اتجهت أصابع الاتهام إلى الهجمات السيبرانية وعصابات قراصنة الإنترنت، ولكن هذه المرة كان السبب مجرد تحديث معطوب أرسله أحد موظفي كراود سترايك إلى مختلف حواسيب ويندوز التي تستخدم خدماتها، ومن ثم لم يمتد التأثير إلى الحواسيب التي تعتمد على الأنظمة الأخرى مثل ماك أو لينكس.

يرى وارن بافيت أن بناء الثقة يستغرق سنوات، إلا أن هدمها لا يحتاج إلا لغلطة واحدة في ثوان معدودة، لذا ورغم أن الأزمة التقنية انتهت، إلا أن آثارها قد تمتد لسنوات قادمة.