بالرغم من الانتشار الواسع للحدائق الداخلية على اليابسة، إلا أن حضورها في العالم البحري شكل ظاهرة نادرة. لكن فيما يتعزز إضفاء طابع سكني على اليخوت ويحظى مفهوم الاستدامة بمزيد من الأهمية، بدأنا نشهد فجأة حبات الطماطم تنضج وأزهار الزنبق تتفتح في عرض البحر.

عندما تُستزرع الحدائق على متن اليخوت بالطريقة الصحيحة، فإنها تحمل منافع عملية وجمالية في آن. فالنباتات قادرة على تنقية الهواء المنبعث من أجهزة التدفئة والتبريد على متن اليخت، إلى جانب المساعدة على استحداث مناخات محلية وإضفاء طابع خاص ومغاير على الفسحات المختلفة عبر كامل أرجائه.

وتبرز ضمن أجمل الأمثلة على ذلك الحديقة الاستوائية على متن اليخت Boadecia، وبيت الدفيئة الذي جُهز به اليخت الاستكشافي Scout، وأحواض النباتات والآنية الذكية المبرمجة على متن اليخت Flying Fox بما يتيح لها أن تضبط تلقائيًا مقدار مياه الريّ والأسمدة التي تتلقاها والضوء الذي تتعرّض له.

عمد أكسيل ماسمان - مؤسس شركة Yacht – Green في هامبورغ، المتخصصة في تشجير الأسطح الخارجية والمساحات الداخلية على متن اليخوت العملاقة، ورئيسها التنفيذي - عمد إلى ابتكار حدائق ليخوت تمتد بطول 300 قدم وأكثر، بما في ذلك اليخت Dilbar. إذا كنت ترغب في تصميم حديقتك الخاصة، فإن ماسمان يوصيك بالابتعاد عن آنية الزهور الصغيرة والاستعاضة عنها بخيار مذهل يتيح استقدام أجواء الغابات إلى متن يختك.

وفي هذا يقول: "تخيل أنك تقف على متن يختك المبحر في المنطقة القطبية الشمالية وتتأمل في جبل جليدي. لا شك في أن المشهد آسر، لكنك ستشعر بالصقيع والانزعاج. لذا تنتقل إلى الفسحات الداخلية حيث حديقتك المتوسطية تزهو بأشجار الزيتون والليمون وتعبق بعبير أزهار الخزامى. يشبه الأمر التقاء مناخين في مشهد تآزري غير مسبوق. أليس ذلك رائعًا؟".

على نطاق أضيق بعض الشيء، ابتكرت شركة بانينبيرغ أند رويل Bannenberg & Rowell في لندن حديقة يابانية ليخت أحد الزبائن بهدف إضفاء طابع يوحي بالسكينة على الفسحة المخصصة للرفاه الصحي.

فضلاً عن ذلك، لا يقتصر دور الحدائق على إثراء الطابع الجمالي لليخت. فعلى متن بعض اليخوت، مثل اليخت Sea Owl، يستنبت الطهاة الأعشاب الطازجة فوق أسطح التشميس أو حدائق عمودية تغطي الجدران في المطبخ. بل ثمة إمكانية أيضًا لزرع أشجار مثمرة.

Yacht-Green
أعمدة معشوشبة وجدران استُنبتت فوقها حدائق عمودية من ابتكار Yacht-Green.

لكن بغض النظر عما إذا كنت بارعًا في أعمال البستنة أم لا، فإن هذه المهمة ليست سهلة. فالحدائق قد تتطلب أنظمة خاصة لرعايتها، وتدريبات إضافية لتمكين طاقم اليخت من الاعتناء بها. يقول ديكي بانينبيرغ، مؤسس الشركة ومديرها: "تتطلب هذه المهمة إجراء بحوث معمقة حول الزراعة المائية لفهم ما يقتضيه تزويد اليخت بسلسلة غذائية ذاتية الدعم".

ويضيف بانينبيرغ قائلاً: "إن حجم اليخت يشكل عنصرًا رئيسًا من عناصر تحديد إمكانية استحداث حديقة حيّة على متنه. وفي هذه الحالة أيضًا، لا بد من دراسة جوانب أخرى مثل متطلبات صيانة الحديقة وديمومتها".

على سبيل المثال، تفرض دول عدة على القوارب القادمة من الخارج إفراغ حمولتها من النباتات والتربة لتفادي انتشار الحشرات الضارة غير المحلية أو الأمراض الزراعية، ما يفرض عقبة إضافية أمام شيوع الحدائق على متن اليخوت. لكن بانينبيرغ يأمل أن "يكون التوجه في عالم السفر نحو شكل حياتي أكثر تماشيًا مع المفاهيم الصديقة للبيئة وتحقيقًا للاكتفاء الذاتي على متن اليخوت".