قبل قرن من الآن، اجتمع أقطاب عالم النشر على رعاية جائزة بوليتزر للسباقات Pulitzer Trophy Race، وهي مسابقة أقيمت في مضمار مغلق طوله 32 ميلاً، وكان الهدف منها أن تتصدر سلسلة سباقات الطيران الوطنية National Air Races وأن تُسلط الضوء على تكنولوجيا الطيران السريعة التطور (فضلاً عن بيع الصحف).

واليوم، تُزمع الرابطة الوطنية للملاحة الجوية، التي تعد أقدم مؤسسة طيران غير ربحية في الولايات المتحدة، إحياء المسابقة على شكل سباق تحمّل عبر البلاد، يدوم أربعة أيام وتشارك فيه مجموعة من الطائرات المُسيرة التي تعمل بالدفع الكهربائي، من الطائرات المروحية إلى الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا eVTOL.

وفي الوقت نفسه، تسعى ثلاث منظمات لسباقات الطيران، تنشط في الجهة المقابلة من الكوكب، إلى إطلاق منافسات باسمها تتسابق فيها الطائرات الكهربائية.

على ما يبدو، لقد دخلنا، إلى حد ما، عصر سباقات الطائرات الكهربائية.

لقد تطورت تقنيات الطيران باستخدام الدفع الكهربائي في السنوات الأخيرة، على ما يتضح من ارتفاع عدد الشركات المصنعة للطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا.

والجدير بالذكر هو أن بعض تلك الشركات تلقّت استثمارات مهمة وأطلقت نماذج أولية قابلة للطيران.

غير أن سباقات الطائرات الكهربائية لم تلق نجاحًا مماثلاً، إذ يكافح منظموها لتأمين الاستثمارات اللازمة لعمليات البحث والتطوير ويتخبطون بين التمويل والتنسيق والتسويق لسلسلة سباقات جديدة بينما جائحة كورونا مستمرة.

يوضح جيف زالتمان، الرئيس التنفيذي لسباق Air Race E الذي تشارك فيه ثماني طائرات تدور حول مسار بيضاوي محكم يرتفع 32 قدمًا فوق الأرض بسرعة متوسطة تبلغ 280 ميلًا/الساعة، يوضح أن "الأمر الحاسم" الذي يحول دون إطلاق سلسلة السباقات الجديدة يتمثل في الوقت الذي يستغرقه تصميم طائرات السباق وبناؤها.

يقول زالتمان: "على غير ما هو عليه الحال في سباقات السيارات، وغيرها من السباقات البرية والبحرية، نحن لا نملك رفاهية اختبار نموذج غير مجرّب لرؤية ما يصلح وما لا يصلح".

ويتابع قائلاً: "في حالة الطائرة، يجدر بك أن تتبع مختلف أطوار العملية بحذافيرها وصولاً إلى بناء النموذج النهائي، وبعدها يأتي الاختبار التجريبي الأول.

فعند التحليق، لا يمكنك أن تتوقف بالطائرة وتخرج منها وتحاول مرة ثانية".

بعد مراجعة الجدولة الزمنية لسباق Air Race E، انتقل عرضه الأول إلى نهاية عام 2023، وفي هذا يقول زالتمان إن السلسلة ستنطلق في عام 2024 بثلاثة سباقات، على أن يزيد عددها في النسخة الثانية.

كما أعلن مسؤولو بطولة العالم للسباقات الجوية، التي ستحل محل سباقات ريد بول الجوية، عن تقديم موعد انطلاق السباق، عكس ما كان مقررًا.

ويقول مدير سلسلة السباقات ويلي كرويكشانك إن جمع الأموال في السوق الحالية أمر "صعب للغاية".

أما بطولة Airspeeder، التي تروّج لنفسها بوصفها أول سلسلة سباقات للمركبات الكهربائية الطائرة في العالم (بالرغم من أن تعريفها للمصطلح يُوضح أنها تقصد الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا، وليس طائرات مُجازة للقيادة على الطرقات)، فستطلق هذا العام طائرتها المسيرة عن بعد من طراز Alauda Mk3 eVTOL ضمن سلسلة سباقات EXA التي تنظمها.

بموازاة ذلك، تواصل Airspeeder إجراء الاختبارات على طائرة Mk4 التي سيقودها طيار. وتقول الشركة إن التسابق بطائرات كهربائية مُسيرة قادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا - وهي طائرات كهربائية ثمانية المراوح طولها 13.5 قدم - سيتحقق "عمّا قريب".

ستتميز انطلاقة سلسلة EXA التي تنظمها Airspeeder بجدول سباقات بين مركبات عدة، عوضًا عن السباقات التقليدية التي كانت ترتكز إلى معيار الوقت الأسرع، وذلك لمنح المشاهدين من مختلف أنحاء العالم جرعة أكبر من الإثارة.

وفي هذا يقول رئيس وحدة الإعلام جيمس وارين: "تمثّل التحدي الرئيس الذي واجهناه في مسعانا لتحقيق هذه الرؤية ببناء التقنيات بأنفسنا، بدلاً من التكيّف وتكرار ما هو موجود أصلاً".

يُعد التصميم ابتداءً من نقطة الصفر أحد أوجه سباقات الطائرات الكهربائية التي تثير حماس جيم شيرمان، مدير التطوير الاستراتيجي في Vertical Flight Society، وهي مجموعة تجارية تدعم عمليات تطوير الطائرات المروحية والطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا وطُرز أخرى من الطائرات.

التسابق بطائرة Alauda Mk3 باستعمال جهاز تحكم عن بعد أعطى Airspeeder الثقة اللازمة لبدء اختبار طائرة Mk4 المُسيّرة بطيار.

Airspeeder
التسابق بطائرة Alauda Mk3 باستعمال جهاز تحكم عن بعد أعطى Airspeeder الثقة اللازمة لبدء اختبار طائرة Mk4 المُسيّرة بطيار.

وفي هذا يقول: "سنشهد تقدمًا كبيرًا في مجال السلامة، إذ إننا سنكتشف الأعطال المفاجئة التي تعرضت لها المركبات، وكيف يمكن تحسين تصميمها للهبوط بأمان".

وستساعد المعلومات التي يجري جمعها عن مزايا الديناميكية الهوائية عند تسابق الطائرات بعضها بقرب بعض على توجيه مسار التصميمات المستقبلية.

تقول مارلين داش، المعلقة القديرة والمتسابقة المتمرسة في سباقات رينو الجوية، إن السرعة والإثارة العظيمة المتصلة بالسباقات الجوية تضاهيان ما هو عليه الحال في سباقات الفورمولا 1.

وتضيف داش: "ما إن تمر الطائرات فوقك بسرعة 500 ميل في الساعة، وتصل طاقتها إلى أذنيك وصدرك، حتى تعقد العزم على الحضور مرة ثانية وثالثة".

وترى داش أن سباقات الطائرات الكهربائية ستلقى استحسان الفئات الشابة التواقة إلى الإثارة، مضيفة: "تراقب جمعية رينو للسباقات الجوية هذه السباقات الجديدة عن كثب.

وأعتقد أنه ما إن يجري اعتماد الطائرات الكهربائية إلا ستكون الجمعية أول من يدفع متسابقيها لتجربتها، وهذا من شأنه أن يجذب جمهورًا جديدًا كليًا".

يتوقع شيرمان أيضًا أن تجذب تلك السباقات مشاهدين ملمّين بالأمور التقنية، ويقول: "يمكنني بالتأكيد أن أتخيل جيلاً أصغر سنًا، لا إلمام له بدقائق مجال الطيران العام، يتطلع إلى هذه الفئة من الطائرات".