بناءً على احتمال أن تصبح الأرض غير صالحة للسكن في المستقبل القريب بسبب تغير المناخ أو الزيادة السكانية، أو قلة الموارد الطبيعية، ما سيضطر البشر إلى البحث عنها في مستعمرات أخرى، تبادرت إلى ذهن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، الفكرة لإنشاء مستعمرة دائمة على المريخ في عام 2021.

وفي عام 2022 عاد ماسك ليعلن عن رؤيته الكاملة لما ستبدو عليه الرحلة الطويلة إلى المريخ على متن مركبة شركته الفضائية SpaceX Starship، كاشفًا أن المركبة ستهبط بالبشر على الكوكب الأحمر في أحسن الأحوال خلال 5 أعوام، وفي أسوأ سيناريو متوقع بعد 10 سنوات.

في هذا السياق يذكر أن رجل الأعمال الأمريكي دينيس هوب، باع عام 1980، 600 مليون فدان على سطح القمر، بسعر 24 دولاراً للفدان، شاملة الضرائب القمرية، أو الفضائية.

وقد أسس هوب موقعًا خاصًا بسفارة القمر للتواصل مع سكان الأرض المهتمين بشراء عقارات خارج كوكبهم.

وتدعي سفارة القمر أنها باعت ما يقرب من مليار فدان من الممتلكات القمرية، أي حوالي 10% من مساحة سطح القمر المقدرة، بما لا يقل عن 11 مليون دولار أمريكي منذ عام 1980.

وقد ورد على موقع سفارة القمر "منذ أكثر من 35 عامًا، كان دينيس هوب يبيع أرضًا على سطح القمر. إنه المالك الشرعي للقمر وقد جنى أكثر من 10 ملايين دولار من خلال بيع أرض على القمر".

لكن السؤال هنا هل مشروعه على القمر قانوني؟

يعلق كاي أووي شروغل، كبير مسؤولي الاستراتيجية في وكالة الفضاء الأوروبية ESA على ذلك قائلًا: شراء عقار على القمر من شركة خاصة يمكن أن يكون مجرد متعة، وليس له أي أساس قانوني على الإطلاق، مضيفًا: "يستند الوضع القانوني إلى المادة 2 من معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، التي صادقت عليها أكثر من 100 دولة، والتي تنص على ما يلي: لا يخضع الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر وغيره من الأجرام السماوية، للاستيلاء الوطني من خلال المطالبة بالسيادة، عن طريق الاحتلال، أو أي وسيلة أخرى".

وذكرت صحيفة بيزنس إنسايدر أن دينيس هوب، العاطل عن العمل منذ الثمانينيات، فضح ما يُعتقد أنه ثغرة في معاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967، والتي تنص على أنه "لا يجوز لأي دولة من خلال التخصيص أن تتمتع بالسيادة أو السيطرة على أي من الهيئات التابعة للأقمار الصناعية".

فقد فسر هوب المعاهدة على أنها تعني أن المواطنين العاديين يستطيعون المطالبة بالقمر. لذلك كتب إلى الأمم المتحدة في نوفمبر 1980 معلنًا أن القمر هو ملكه.

وقال في مقابلة أُجريت معه عام 2013: "لقد أرسلت إعلان ملكية للأمم المتحدة يوضح بالتفصيل نيتي تقسيم القمر وبيعه ولم أتلق أي رد. هناك ثغرة في المعاهدة، لا تنطبق على الأفراد".

وعن ذلك قالت تانيا ماسون زوان، رئيسة المعهد الدولي لقانون الفضاء في هولندا لصحيفة ناشيونال جيوغرافيك عام 2009 إن معاهدة الفضاء الخارجي للأمم المتحدة لعام 1967 تنطبق على الحكومات ومواطنيها.

بالعودة إلى المستقبل، ومع بدء سباق إرسال البشر إلى كوكب المريخ على ما يخطط إيلون ماسك ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية وبرنامج الفضاء الصيني، هل تظل معاهدة الفضاء الخارجي سارية؟ فعندما تهبط تلك الطواقم على سطح الكوكب، ستكون ممثلة للشركات والبلدان التي أطلقتها.

وبينما يبدأ أفرادها في بناء مستعمرات ومراكز أبحاث ومنشآت للعيش على سطح المريخ، يتوقع أن يظلوا على اتصال بشركاتهم ودولهم، وإحاطتهم علمًا بكل شيء. لكن بحسب معاهدة الفضاء الخارجي لا يمكن للدول ادعاء السيطرة على المريخ أو وضع أسلحة نووية على سطحه.

بيد أن الاتفاقية غير محددة فيما يتعلق بأسس التعامل مع شركات مستقلة مثل شركة "سبيس إكس". ففيما لا تستطيع دولة ما السيطرة على أرض ما في المريخ، أو إعلان امتلاكها، يظل بإمكانها، نظرياً، استعمال المصادر الطبيعية المختلفة على سطح الكوكب الأحمر.

ولا يمكن للناس الذين يبنون مساكنهم الخاصة على المريخ أن يمتلكوا الأرض التي يبنون عليها هذه المساكن، لكن عليهم أن يكونوا تحت مسؤولية الشركة أو الدولة التي تشرف عليهم.