في عام 1947 أطلقت مجلة كوزموبوليتان لقب "ملك الألماس" على أسطورة عالم الجواهر هاري وينستون Harry Winston، وهو اللقب الذي ظل ملازمًا له ولداره العريقة حتى يومنا هذا. بل إن اسم الدار، التي عُدت من أوائل المزوّدين لجواهر العالم النادرة، أصبح مرادفاً للتفرد.

فكيف كانت بداية هذه المسيرة الإبداعية؟ وكيف تطورت دار Harry Winston حتى أصبحت تلك الأيقونة اللامعة في عالم الجواهر الأكثر سحراً؟

البدايات الطموحة لهاري وينستون

كانت البداية في مطلع القرن العشرين بمدينة نيويورك، حيث تربى هاري وينستون بين جنبات متجر متواضع للجواهر يملكه والده، فشب متيّمًا بسحر هذا العالم، مع إتقان فطري للتجارة الراقية، وعين ثاقبة لا تخطئ في البحث عن الأرقى والأندر والأكثر تميزاً بين الأحجار الكريمة.

هاري وينستون والرسم بالجواهر

Harry Winston

كانت أحلام الشاب النابغ هاري وينستون متلألئة مثل أفكاره وتجارته، فأسس شركته الأولى بينما لم يتجاوز من العمر اثنين وعشرين عاماً، كما احتل عناوين الصحف بوصفه واحدًا من الوسطاء البارزين في تجارة العقارات المميزة والألماس الاستثنائي، إذ بدأ بالاستحواذ على المزادات العقارية لأبرز الشخصيات الاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتوسعت دائرة زبائنه المميزين لتضم عدداً من نخبة العائلات وأقطاب الصناعة والتجارة. ومن خلال هذه العلاقات استطاع الوصول إلى أهم وأندر الجواهر والأحجار الكريمة حول العالم.

وبحلول عام 1932 كان الشاب المجتهد قد بنى سمعة مميزة وضعته في الصفوف الأولى أمام عشاق الجواهر الراقية، كما استطاع اجتذاب نخبة من أهم المصممين والفنانين الذين يمتلكون فهماً فطرياً للجوانب التي تبعث الحياة في الجواهر الراقية، وهنا بدأ في تصنيع الجواهر الحاملة لاسمه، وافتتح شركته الخاصة Harry Winston Inc.

هاري وينستون والرسم بالجواهر

Harry Winston

حضور عالمي

خلال رحلات هاري وينستون الساحرة للبحث عن التفرد، استطاع بوصفه خبيرًا لا يبارى أن يستحوذ على مجموعة واسعة من أندر الجواهر في العالم. وربما كانت الانطلاقة الحقيقية باستحواذه على ألماسة Jonker Diamond، ثم الحجر الملون الأهم في مسيرته، الحجر الزمردي Stotesbury Emerald. كما ضم هاري وينستون لمجموعته ألماسة متفردة من الفئة D.

وإذ استمرت مسيرة النجاح بالاستحواذ على نفائس الأحجار الكريمة الأشد ندرة لتقديم التصميمات الأروع في عالم الجواهر، أصبح اسم وينستون مرتبطاً بفخامة الجواهر، وحملت إحداها اسمه Winston Diamond.

هاري وينستون والرسم بالجواهر

Harry Winston

لمع أيضًا نجم هاري وينستون بوصفه خبيرًا مبدعًا حتى في الأوساط السينمائية، على ما يشهد مثلاً فيلم Gentlemen Prefer Blondes الذي ضم أغنية Diamonds are a Girl's Best Friend (الألماس أفضل صديق للمرأة)  والتي تضمّنت بدورها الجملة الشهيرة: "تحدث إليّ هاري وينستون.. قل لي كل شيء عنها!".

وتحدث هاري وينستون، فانطلق نحو العالمية. أسس ملك الألماس شركة دولية وافتتح أول صالون للدار في جنيف، تبعه صالون في باريس عام 1957.

هاري وينستون والرسم بالجواهر

Harry Winston

كما تبرع ببعض إبداعاته لدعم إنشاء مجموعة الأحجار الكريمة في المتحف الوطني بواشنطن العاصمة، ثم بدأ في تجهيز متجر 718 فيفث أفينيو ليصبح المقر الجديد لدار في عام 1960، تلبيةً للاحتياجات المتزايدة لزبائنه. وبحسب تقديرات شركات التأمين المشاركة آنذاك، فإن هذه الخطوة تعد واحدة من أكبر عمليات نقل الجواهر التي جرى ترتيبها على الإطلاق.

ومن المقر الجديد أطلق هاري وينستون أيقوناته الخالدة، التي شكلت أعمالاً فنية مبدعة رسمها بالجواهر، لتزين إطلالات نجمات ونجوم العالم من عشاق الرقي والفخامة، على غرار أفراد الأسرة المالكة البريطانية، وإليزابيث تايلور، وجاكلين كينيدي. وخلال مسيرته الممتدة لأكثر من ثمانية عقود حتى عام 1978، كشف وينستون عن قائمة كبيرة من الجواهر النادرة التي استحوذ عليها وصاغها واقتناها.

هاري وينستون والرسم بالجواهر

Harry Winston

تطور دار هاري وينستون

لم يتوقف تطور دار هاري وينستون برحيل مؤسسها، واستمرت الدار العريقة في مسيرتها الواثقة، بافتتاح المزيد من الفروع حول العالم بداية من طوكيو وتايوان، كما دخلت في شراكات مهمة، واقتحمت بقوة عالم صناعة الساعات الفاخرة، بتقديم مجموعتها الأولى Premiere Collection، التي تبعتها مجموعات أخرى، استلهمت كلها روح الإبداع التي تمثلها علامة هاري وينستون.

وسرعان ما ضمت الدار مصنعاً للساعات في جنيف، لتقدم مجموعات مبدعة من التصميمات، في ظل استحواذها على الأفضل مما يعرض من الألماس حول العالم، بموازاة الحفاظ على تراثها الغني بعقود من الخبرة المميزة، وإثرائه بلمسات الحداثة.  

ويكمن جزء من تمايز الدار في براعة مصمميها وحرفييها القادرين على الرسم بالجواهر، لتحويل الأحجار الكريمة إلى أيقونات متفرّدة، إلى جانب امتلاكهم الفضول الإبداعي والتقنيات المتفوقة لإبراز تألق لا يمكن تخيله لكل جوهرة على حدة، إذ يتحدى كل منهم خياله مبتكرًا من الجواهر الراقية لوحات فنية تأسر الناظرين.

هاري وينستون والرسم بالجواهر

Harry Winston

وإلى يومنا هذا، تواصل دار هاري وينستون استكشاف التأثيرات الفنية المختلفة للأحجار الكريمة، من الألماس بمختلف ألوانه وأشكاله، إلى الياقوت والزمرد وغيرهما. كما تستمر الدار في اختبار تقنيات مختلفة تتمرّد بها على الأشكال التقليدية للجواهر.

وكثيرة هي في هذا المجال الشواهد على حسّ ابتكار راسخ أتاح لهاري وينستون إحداث ثورة كبيرة في عالم صناعة الجواهر والساعات الراقية عبر تشكيل جماليات ساحرة باستخدام مواد وتقنيات غير تقليدية، ربما أحدثها وليس آخرها، ما استخدمته الدار في بناء ساعاتها، مثل نسج الحرير مع اللؤلؤ، والتطعيم بالريش أو أجنحة الفراشات.

يُحسب للدار أيضًا أنها طوّرت سبائكها الخاصة لضمان البريق ومقاومة التآكل وخفة الوزن، لتتحقق بذلك كلمات المؤسس الأوّل في- سياق فلسفة إبداعية تجعل كل قطعة وكل جوهرة بمنزلة صديق.. فريدة ولا تُنسى.