بعد عقود من التعثر، أصبحت السيارات الكهربائية الآن في صلب قطاع المركبات، حتى أن علامات مثل رولز-رويس وبنتلي ولامبورجيني، التي اعتمدت لسنوات طويلة على محركات الاحتراق الداخلي، باتت تتبنى مستقبلاً تكون الغلبة فيه للمحركات التي تعمل بالبطاريات.

وهذا يدفعنا إلى التساؤل: ما التالي؟ والجواب هو: السيارات المحايدة مناخيًا.

لا تعمل معظم المركبات الكهربائية بطاقة نظيفة، بخلاف ما تجعلك النشرات الترويجية تظن. فالبصمة الكربونية الناتجة عن تصنيع البطاريات هائلةٌ، وشبكات الطاقة بغالبيتها لا تزال موصولة بمحطات لتوليد الطاقة تعمل بالفحم.

لن يقتصر الأمر نظريًا على زوال انبعاثات العادم من السيارات المحايدة مناخيًا، على ما هو عليه الحال مع السيارات الكهربائية القياسية، ولكن صافي انبعاثات الاحتباس الحراري الضارة الناجمة عن هذه السيارات، بدءًا من عملية الإنتاج ووصولاً إلى عملية التشغيل، سيكون أيضًا صفرًا.

بالرغم من ذلك، يرى بريت سميث، مدير التكنولوجيا في مركز أبحاث السيارات في آن أربور بولاية ميشيغان، أن "ثمة عمليات تصنيع ثقيل كثيرة يقتضيها تطوير هذه السيارات، ولن يتمكن سوى بِضع مورّدين من تحقيق هذا الهدف خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة".

ويضيف سميث: "في الولايات المتحدة، لن نتأكد من أن سيارة ما لن تستخدم طاقة كهربائية مصدرها الفحم إلا بعد عقود".

لكن شركة بولستار Polestar السويدية تقدمت لقيادة هذه الحملة بكل عزيمة، وهي تطمح إلى أن تكون أول من يطلق بحلول عام 2030 سيارة مخصصة للإنتاج على نطاق واسع محايدة مناخيًا.

ومع ذلك، يعترف هانز بيرسون، رئيس المشروع الذي أطلقت عليه بولستار اسم 0 Project، بأن الأمر سيكون صعبًا، ويعلق قائلاً: "أقارن سعينا هذا بالوقت الذي قال فيه جون كينيدي أن الأوان قد حان لإرسال رجل إلى القمر"، مضيفًا أن "المعنيين بالمشروع حينها كانوا يعلمون أنهم لن يحققوا مسعاهم بمفردهم. فقد كان من الضروري أن يتعاونوا".

تشمل قائمة الموردين الذين وقعوا اتفاقيات تعاون مع العلامة السويدية SSAB، وهي شركة مصنعة للصلب طورت معدنًا دون استخدام الوقود الأحفوري، وشركة Hydro النرويجية التي تعمل على تصنيع ألومنيوم محايد كربونيًا.

سباق من أجل المناخ

والأهم من ذلك هو أن بولستار تخطط لإنجاح مسعاها دون اللجوء إلى موازنة الكربون، وهي طريقة تتبعها الشركات لتعويض الضرر الذي تلحقه بالبيئة.

يقول بيرسون: "إن أكثر الأشكال شيوعًا للتعويض عن البصمة الكربونية هو الدفع لطرف ما لزراعة الأشجار في مكان آخر.

ولكن إذا واصلنا السماح بانبعاث ثاني أكسيد الكربون إلى الجو، فلن يتوقف معدل هذه الانبعاثات عن الزيادة". يدرك بيرسون أن الكهرباء لن تكون نظيفة 100% بحلول التاريخ المستهدف لإكمال مشروع 0 Project، ولكنه يؤكد أن "إمكانية" تحقيق صافي انبعاثات صفري للمستهلك ستكون مرجحة للمرة الأولى.

يشارك أيضًا في سباق الحياد الكربوني مصمم السيارات هنريك فيسكر الذي ذكر أن عام 2027 سيكون العام الذي سينهي فيه فريقه "بناء مركبة تلتزم الحياد المناخي خلال دورة حياتها".

وهو يقسم هذه الدورة إلى خمسة أقسام: جمع المواد الأولية، والتصنيع، والخدمات اللوجستية، ومرحلة الاستخدام، وإعادة التدوير. يدرك فيسكر أن البطاريات تمثل نقطة ضعف كبيرة، ولذلك فهو "يبحث عن طرق مبتكرة لاستخلاص أكبر قدر ممكن من المواد المعاد تدويرها، بما في ذلك المعادن الضرورية لصنع بطاريات فعالة".

بموازاة ذلك، تسارع ليسيدرا ويلش، مديرة الاستدامة البيئية في مجموعة Automotive Industry Action Group التي تتخذ من ميشيغان مقرًا لها، إلى التفريق بين هذه الجهود طويلة الأمد وبين حيل التمويه الأخضر.

وفي هذا تقول: "تتفهم صناعتنا مدى جدية تغير المناخ، ولهذا تعمل الشركات بهِمّة مع الموردين والمنافسين لمواجهة هذه التحديات وتقليل المخاطر". ويشاركها سميث الرأي نفسه إذ يقول: "إن صغار مصنّعي السيارات الذي ينتجون أعدادًا محدودة يختبرون اليوم وضعًا مثيرًا للاهتمام لأنهم يستطيعون القيام بذلك على سبيل الاختبار". ويضيف: "يشبه الأمر الدفع بحدود الممكن لاستنباط الحلول".

المحررين:

فيجو ماثيو ، وروبرت روس ، ومايكل هارلي، وبيتر جاكسون ، وبن أوليفر، وتيم بيت ، وباسم واصف .