كل ما قيل صحيح، ولكن كيف نرتدي ملابس الجينز في وقتنا الحاضر؟ يتمثل الجانب السلبي للتنوع الشديد في استخدامات قماش الدنيم في كون هذا التنوع هو أول ما يقع ضحية التوجهات الحديثة. ولهذا تُطرح دائمًا تساؤلات من قبيل: هل من المفترض أن نستعيد سروال الجينز المتقادم المظهر الذي شاع في ثمانينيات القرن العشرين، أم نختار سروال الجينز الفضفاض الواسع من حقبة التسعينيات، أم ذاك المتمايز بقصة البوت كات، أم الطراز الواسع عند القدمين الذي انتشر في الستينيات والسبعينيات؟ الجواب نعم، ينبغي أن نستعيدها كلها ونبتكر أساليب غيرها.

الدنيم لموسم ربيع 2024

لندع هذه التساؤلات جانبًا، وإليك هذا الخبر السار مع حلول موسم الربيع: أصدر كبار المصممين مجموعة من الأزياء المشغولة من الدنيم، وطرحوا معها أساليب توضح سبل تضمينها في خزائن الملابس المتغيرة باستمرار. على سبيل التوضيح: سراويل علامة ستوفا المريحة المصنوعة من القطن المُعاد تدويره داخل مصنع عائلي صغير في غواتيمالا، وقمصان برونيللو كوتشينيللي التي تتباهى بلمسات تُحيل إلى مسلسل يلوستون Yellowstone، وسترة لورو بيانا الأنيقة المزدانة بتفاصيل من الجلد. أما علامة ماسيمو ألبا، فقد تلاعبت بالجذور العملية للجينز من خلال سروال خفيف على طراز سراويل النجّارين، فيما تجرأت برادا على إصدار سترات جينز رائعة خارجة عن المألوف.

تقول صوفي جوردان، مديرة قسم المقتنيات الرجالية في المتجر الإلكتروني ماي تيريزا Mytheresa: "شهدنا استخدامًا مسرفًا لقماش الدنيم في التصاميم التحضيرية لموسم الربيع، وعودة إلى تنسيقه مع القمصان ورابطات العنق. إنه أسلوب جديد وأنيق في الملبس، ورائع في الوقت نفسه.

كما أنه بعيد عن الرسمية". عندما أعادت الجائحة تنظيم مقاربة الحياة في المكتب، تبدلت كذلك طريقة تفكيرنا في ملابس العمل اليومية. لهذا زادت ضبابية الحدود بين الأزياء "الرسمية" والأزياء "غير الرسمية" (إن كان لها وجود أصلاً)، وأفضل دليل على ذلك هو ارتداء قمصان الدنيم مع السراويل المشغولة من الصوف والسترات غير الرسمية في إطلالات تُذكر بالطريقة التي يجمع فيها رالف لورين بين قماش الدنيم الباهت والقطع المفصّلة على نحو خاص مثل السترات الزرقاء مزدوجة الصدر أو سترات التوكسيدو. وتوصي جوردان بتنسيق سترات الجينز مع الأقمشة الطبيعية الفاخرة (على سبيل المثال، سترات الكشمير الناعمة ومعاطف التويد) للحصول على إطلالة مُرضية يطغى عليها التباين في النسيج. 

يعمل أندرو ويتز، المقيم في لوس أنجليس، مستشارًا لأزياء رجال الأعمال، وقد تسنى له تنسيق ملابس وكلاء الممثلين في هوليوود والرياضيين المحترفين والمديرين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا. وهو يشير إلى أنه أصبح يوجّه زبائنه بعيدًا عن البدلات محددة القصات التي شاعت في الأيام الخوالي ويحثهم على اختيار أزياء أشد بساطة، مثل تلك التي تحمل توقيع زينيا وفرايم. وفي هذا يقول: "كانت الإطلالة السائدة في السابق تنطوي على ارتداء السراويل الضيقة أسفل الركبة التي تصل إلى حافة الأحذية الرياضية. أما الآن، فقد باتت الإطلالة المعتمدة فضفاضة أكثر، مع طيات في أسفل السراويل".

بشيوع الطابع الفضفاض أسفل الخصر، كان من اللازم أن يطال التغيير أيضًا الملابس في الجزء الأعلى من الجسم. ويشير ويتز إلى أن الإطلالة الحالية تنأى عن القطع محددة القصات وتنحو أكثر صوب القمصان والسترات الصوفية الناعمة والمرنة. ولكن هذا لا يعني أن المقصود ابتياع قمصان مزررة بحجم أكبر من المعتاد. بدلاً من ذلك، من الأفضل البحث عن العلامات التي تتخذ من الإطلالات الفضفاضة المريحة مرجعًا لها في أثناء التصميم، مثل لويفي وويلز بونر.

ينبغي الترحيب بالتغييرات التي تطرأ على ملابس الجينز في نواحي الخفة والاتساع، لأن النتيجة ستكون إطلالات تناسب مختلف الأحجام، على ما يشهد جاكوب إلوردي وآيساب روكي وباري كيوغان، الذين التقطتهم العدسات وهم يرتدون ملابس الجينز الفضفاضة. وقد شهدت عروض أزياء موسم الربيع حضورًا كثيفًا للألوان الباهتة والخافتة، كما في عروض راو وميسوني وإيه بي سي، فضلاً عن الدنيم الأبيض الذي نجحت في تنفيذه دار بوليولي، العلامة الإيطالية المرادفة للمظهر المسترخي. وأنصح هواة الصيد باقتناء زوج من سراويل ليفايز عتيقة الطراز من مجموعة 501، والتي تعد المقابل الأمثل لسراويل الجينز المصممة على المقاس.

باستثناء محبي الأزياء المزررة، يشير جوردان وويتز إلى أن كثيرين قد أصبحوا ينظرون إلى الدنيم بوصفه قماشًا أساسيًا، إلى درجة أن ارتداءه لم يعد يثير الدهشة في أغلب مكاتب العمل (باستثناء المكاتب القانونية والمالية). إن المزاوجة بين ملابس الجينز والأزياء الكلاسيكية مثل السترات، والقطع المحبوكة من الكشمير، والأحذية الخفيفة، تشكل خيارًا مضمونًا على ما يقول جوردان، فيما يقترح ويتز انتقاء ملابس الجينز الداكنة لأنها تدوم مدة أطول، ويشجع على عدم الانزواء داخل الحدود المألوفة عند ارتدائها.

وفي هذا يقول: "قد تكون قمصان الدنيم مناسبة للرجال الميالين إلى الهواء الطلق، بيد أن ما أحب فعله، وما ألتزم به في إطلالاتي، هو ارتداء قميص شامبراي الذي يتيح محاكاة مظهر الدنيم"، ولكن باستخدام مادة أكثر خفة وليونة. ويشير ويتز أيضًا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة سيجعل من سترات الدنيم الثقيلة والسترات التي تشبه القمصان قطعًا إضافية أنيقة وعملية.

لكن إذا فشلت مختلف هذه التنسيقات، فإنك تستطيع دومًا ارتداء ملابس من الدنيم مع القطع الأساسية الأخرى التي لا تخلو منها خزانة الملابس الرجالية: قميص تي - شيرت أبيض ناصع، وحذاء أكسفورد، ومعطف رائع.

الوجه الناعم لملابس العمل

لا غرابة في كون ماسيمو ألبا، الذي ألبس جيمس بوند بدلة قصيرة مرتخية عند الكتفين ومحيكة من القماش المضلع في فيلم No Time to Die أو لا وقت للموت (ربما وصلتك أخبارها عندما أحدثت ضجة على المواقع المتخصصة في الملابس الرجالية)، رجلاً يهوى العبث بالتقاليد.

وخير مثال على ذلك هو هذا السروال الفضفاض المصنوع من الدنيم والذي تستحضر هيئته الأصول العمالية لهذا القماش (جيوب أمامية كبيرة وسحّاب بأزرار قرنية). يتجلى شغف ألبا بقماش الدنيم أيضًا في التفاصيل العصرية الأخرى البارزة على السروال، مثل الحاشية القماشية الحمراء الجذابة المخيطة فوق الجيب الخلفي الأيمن. تجتمع هذه العناصر في هذا السروال الخفيف الناعم والمشغول من القطن، والذي يشبه سراويل الجينز في كل شيء، إلا في فخامته العالية (سعره 380 دولارًا).