بوصفي رئيسًا تنفيذيًا لشركة تنشط منذ أكثر من 90 عامًا في مجال "إطالة العمر" (استعدوا: ستكون هاتان الكلمتان "أكثر المصطلحات رواجًا" في السنوات العشر المقبلة، وذلك في أعقاب سنوات عدة شاع فيها استخدام كلمات مثل "الجمال" و"مكافحة الشيخوخة" و"الابتكار")، فإني أنجذب دومًا إلى التقنيات الحديثة والأبحاث الجديدة والأنشطة المبتكرة التي يقترحها قطاع يُعرف اليوم باسم "اقتصاد العافية"، ويُقدّر أن تتجاوز عائداته قريبًا جدًا 5 تريليونات يورو.
ولكن غالبًا ما يحدث أن تهدأ فورة حماسي فور حديثي مع الأطباء والباحثين الذين يتجاوز عددهم الخمسين في عيادة "كلينيك لابريري" Clinique La Prairie، إذ إنهم ينهالون عليّ بوابل من الأسئلة مثل: أين الدليل العلمي؟ وهل لهذه العلاجات مفعول على البشر أم أنها تؤثر على الحيوانات فحسب؟ وهل هي أفضل من العلاجات المتاحة حاليًا؟
والحقيقة أنها كلها تساؤلات نحتاج إلى الإجابة عنها قبل إضافة أي علاجات جديدة إلى قائمة عيادتنا التي يقصدها كل عام نحو 1500 زائر مختار، يحضرون من 80 دولة، طلبًا "لحياة أطول وأفضل وأكثر صحة".
لقد دفعنا الوباء إلى إعطاء الصحة أولوية كبرى، ولذلك لم يكن مستغربًا أن تُظهر أبحاثنا أن 92% من الأشخاص أصبحوا يعمدون إلى الاعتناء بصحتهم على نحو أفضل. بل إن ثمة طلبًا متزايدًا على برامج للرعاية الصحية الوقائية أكثر تخصيصًا وأكثر جدوى وشمولية. ونتيجة لذلك، بِتْنا نرى اندماج الطب والعلوم وسقوط الحدود التي كانت تفصل بين الاثنين في وقت مضى.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ برزت الحاجة إلى استحداث فلسفة قادرة على متابعة الزبائن "على مدار رحلتهم الصحية"، بدلاً من الاكتفاء بالبرامج الصحية المحدودة الفترات. بناء على هذا، دعونا نلقِ نظرة على بعض التوجهات التي ستحدد مستقبل "إطالة العمر".
ثورة علم التخلّق وظهور الطب المُخصص
نولد جميعًا بشيفرة جينية غير قابلة للتعديل، ولكن العوامل الخارجية أو غير الجينية، مثل نمط الحياة والبيئة، تؤثر على كيفية تعبير جيناتنا عن نفسها. من المخطط له أن تشكل البرامج الصحية القائمة على علم التخلق، المصممة للتأثير إيجابيًا على التعبير الجيني، ابتكارًا رئيسًا خلال العقد المقبل.
فبإمكان الجيل الجديد من التقنيات المستخدمة في قراءة تسلسل الحمض النووي قياس العمر البيولوجي للشخص وتقديم بيانات حول تأثير نمط الحياة اليومية الفردية على استتباب الخلايا والأنسجة. بعبارة أخرى، بإمكان الشخص معرفة ما إذا كان الصيام يناسبه أو يضرّه، وما إذا كان يجدر به أن يؤدي التمارين الرياضية المتقطعة عالية الشدة أم يتفاداها لأنها تؤثر على التعبير الطبيعي للجينات.
نهضة التكنولوجيا
تُحدث التطورات التكنولوجية ثورة مستمرة في قطاع الصحة والعافية. فعلى سبيل المثال، تُمثل تقنية الذكاء الاصطناعي أداة تشخيصية مفيدة في مقارنة آلاف نتائج الاختبارات واكتشاف الاضطرابات الصحية، وهذا ما لا يقدر عليه أي طبيب بمفرده من دون مساعدة هذه التقنية. ولذلك، فإن هذا الجمع المتزايد للبيانات الشخصية هو الذي سيؤدي إلى أهم التطورات في قطاع الصحة.
ثورة التغذية: خطوة أخرى إلى الأمام
لا مبالغة في الحديث عن الدور المهم الذي تضطلع به التغذية في إطالة العمر وتحقيق دوام العافية. فالأمعاء مثلاً بمنزلة دماغٍ ثان، وثمة اتصال ثنائي الاتجاه بينها وبين الدماغ، يُشار إليه باسم محور الدماغ والأمعاء. ولذلك يُعتقد أن النظام الغذائي هو أحد أكثر العوامل تأثيرًا في الميكروبيوم، ذلك أنه يُعزز الأداء الأمثل لجهاز المناعة.
"عكس الشيخوخة" بديلاً عن إطالة العمر
في المستقبل القريب، يتوقع الخبراء أن يستفيد جيل الشباب من علاجات وقائية فعالة لعكس الشيخوخة، إذ سيتركز الاهتمام على هذه العلاجات دون غيرها. ومن المرجح أن تتخذ هذه العلاجات مسارات متنوعة، منها تحسين الخلايا، وإزالة الخلايا الشائخة (خلايا الزومبي)، وتحسين أيْض الخلايا وتجديدها، فضلاً عن استكشاف علاجات المتقدّرات. أما في المستقبل البعيد، فمن المرجح أن يقود التطور السريع لعلم الخلايا الجذعية إلى إعادة إنتاج الأنسجة بل الأعضاء، على أن يستهدف إنتاج أعضاء حيوية مثل الكلى والكبد والرئتين، أو استبدالها.
سيمون جيبرتوني هو الرئيس التنفيذي لعيادة Clinique La Prairie في سويسرا حيث يعيش مع عائلته، وهو يمتلك خبرة مديدة في مجالات رفاه الصحي ودوام العافية، وعلم الجينات، ومستحضرات التجميل وغيرها.
مقاربة شمولية للذات
في كثير من الأحيان، وعن خطأ، يُنظر إلى العافية - والعافية العقلية بالتحديد - بوصفها حاجة سطحية. ومع ذلك، ثبت سريريًا أن ممارساتٍ مثل التأمل والتنويم المغناطيسي الذاتي، تُحسّن الإشارات الفسيولوجية للتوتر.
يؤدي التوتر إلى تقصير التيلوميرات، وهي أغلفة واقية توجد في أطراف كروموسومات الحمض النووي. وقد أثبتت الدراسات أن تدريب الدماغ على إدارة القلق يؤدي إلى إطالة التيلوميرات وبالنتيجة إلى حياة أطول وأكثر صحة.
تجدر الإشارة إلى أن العيادات الصحية المتطورة تجمع بين أساليب علاجية شرقية وغربية على حد سواء، وتنضوي هذه العلاجات المبتكرة جميعها تحت فلسفة "كلينيك لابريري" التي تقوم على أربع ركائز: الطب، والتغذية، والحركة، والعافية. في "كلينيك لابريري"، نحن مقتنعون بأن اتباع نهج شخصي مُخصص لمقاربة الطب الوقائي هو المفتاح لتقديم خدمات ناجعة تُساعد الناس على عيش حياة أفضل وأطول.