لطالما كانت ابتكارات كارتييه عتيقة الطراز تلقى رواجًا واسع النطاق، ولطالما باع صانع الجواهر الباريسي مجموعة مختارة من هذه القطع في محاله الرئيسة، ومنها متاجره في شارع فيفث أفنيو في نيويورك وفي شارع بوند ستريت في لندن وفي شارع "رو دو لا بيه" في باريس. ولكن مع الزخم الصاروخي الذي يشهده سوق القطع المستعملة في قطاعات المنتجات الفاخرة كلها تقريبًا، قررت الدار زيادة العرض.
وفي هذا يقول بيار رينيرو، مدير وحدة صورة العلامة والتراث والأسلوب في كارتييه منذ فترة طويلة: "نتلقى عددًا ضخمًا من طلبات الزبائن".
بدأ برنامج كارتييه التجاري للقطع عتيقة الطراز، المعروف باسم Cartier Tradition، رسميًا في عام 1996، وقد أنشأه آنذاك رينيرو، الذي اضطلع بأدوار مختلفة في الدار منذ ثمانينيات القرن الفائت.
تطور البرنامج من حفنة قطع توزع على أكبر متاجر كارتييه إلى مخزون كبير يكفي لملء جناح في أحد المعارض. وفيما لا يزال بعض القطع معروضًا في خزائن المتاجر، تُعرض اليوم معظم القطع، التي يبدأ سعرها من 20 ألف دولار، على نخبة مختارة من كبار الزبائن في مختلف أنحاء العالم ليستكشفوها على هامش عروض الجواهر الراقية.
تشمل القطع المتمايزة المتاحة حاليًا (حتى وقت نشر هذا التقرير) عقدًا مهيبًا من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطًا، مرصعًا بالفيروز يرجع إلى عام 1956، ومشبكًا في هيئة عصفور من الألماس والعقيق، ابتكرته الدار عام 1929 وأثرته بحجر سترين مائل شكل جوهرة التاج فيه. وفي هذا يقول رينيرو: "إن فكرة وضع هذا الحجر بزاوية معينة لتحديد وضع أو سلوك أو حالة استُلهمت من هذا الحجر تحديدًا. تعجبني هذه الفكرة لأنها تبيّن أسلوب ابتكار خاصًا بكارتييه".
Cartier
عقد من الذهب والبلاتين مرصع بالفيروز والألماس.
لا بد من الإشارة إلى أن الدار تتوخى أعلى درجات الدقة عندما يتعلق الأمر بمسار استعادة قطعة قديمة. بل إنها قد تحتاج إلى شهور للعثور على المواد المناسبة لتحقيق الجودة والدقة التاريخية. يقول رينيرو موضحًا: "إن الهدف دائمًا هو استعادة القطعة لتبدو في حالة مطابقة قدر الإمكان لما كان عليه الحال عند بيعها أول مرة، أو ربما آخر مرة، لأن ما يحدث في بعض الأحيان هو أن تتولى كارتييه تعديل القطعة نفسها نزولاً على طلب الزبون".
وعندما يتعلق الأمر بالجواهر، ينبغي في حال فقدان أي من الحجارة أن يماثل الحجر البديل الحجر القديم في جودته ولونه وقطعه. وفي هذا يقول رينيرو: "إنه تحدٍ دائم لأن الحجر جزء من روح القطعة أو جوهرها عند ابتكارها".
Marian Gerard
ساعة Cartier Tank من البلاتين والذهب الأبيض من عام 1923.
والحقيقة هي أن المسار نفسه ينطبق على الساعات، وصولاً إلى آلية الحركة، إذ تعمل الدار على إعادة صنع كل قطعة يدويًا. في كثير من الأحيان، تنقب كارتييه في سجلها التاريخي بحثًا عن أحجار أو مكوّنات ساعات خاصة بحقبة معينة. وعندما لا يكون ذلك ممكنًا، تحصل الدار على الأحجار من مصادر خارجية أو تعيد ابتكار الأجزاء بالطريقة نفسها التي اعتمدتها في النسخة الأصلية.
Cartier
ضمن مجموعة Cartier Tradition، مشبك من الذهب والبلاتين والألماس من عام 1956.
في العادة، تعاود كارتييه شراء القطع من الزبائن، ولكن رينيرو يلفت إلى أن الدار تستحوذ عليها في بعض الأحيان من التجار، خصوصًا في لندن (حيث سوق التحف هو الأكثر تطورًا على ما يقول).
في المقابل، نادرًا ما تبتاع كارتييه ابتكاراتها القديمة عن طريق دور المزادات. تكمن الميزة، من منظور المشتري، في شهادات المصادقة على التصميم والمواد والمسار: إذ تأتي كل قطعة مع تقرير مفصل عن المواد المستخدمة في صياغتها، وتاريخ التصميم وكل خطوة من عملية الاستعادة. في المقابل، لا يجري الكشف عن المصدر وذلك لحماية هويات المالكين السابقين.
Cartier
ضمن مجموعة Cartier Tradition، مشبك من الذهب والبلاتين والألماس من عام 1956.
بالإضافة إلى الأصالة المضمونة لكل قطعة وجمالياتها التي لا تشيخ، ثمة سبب مقنع آخر للاستثمار في ابتكار أثري من مجموعة Cartier Tradition. وفي هذا يقول رينيرو: "خلال السنوات القليلة الماضية، كنا نعيد شراء بعض القطع من الزبائن الأوائل لبرنامج القطع عتيقة الطراز الرسمي، وهؤلاء الزبائن حققوا أرباحًا من ذلك".