ليست الدنمارك الوجهة المثلى لعشاق السيارات. يمر الطريق السريع الذي يقود بعيدًا عن مطار بيلونْد في اتجاه مدينة فايْله الصغيرة عبر حقولٍ شاسعة من أزهار السّلْجم ذات اللون الأصفر الفاقع المشرق.
ولا يقتحم هذا المشهد إلا بعض المباني الخشبية المميزة للمزارع التي يطغى عليها اللون الأحمر الباهت المنتشر في دول الجنوب الاسكندنافي. هذا الطريق منبسط بالكامل، ومستقيم، ومسطّح تمامًا، وخالٍ من المركبات.
ولكن، إذا راودك طيف الاندفاع بسرعةٍ قد تكون مأمونة الجانب، فما عليك لترْتدع إلا أن تتذكّر أن الالتزام بحدود السرعة المنخفضة في الدنمارك مسألة لا هوادة فيها. إذا قُبض عليك تقودُ بضعف السرعة القصوى أو بسرعة تفوق 125 ميلاً/الساعة، أو إذا عُدَّت قيادتك متهورة، فإن سيارتك قد تُصادر وتُباع.
على أن هذه الخسارة تكون فادحة أكثر إذا كنت مقيمًا في الدنمارك، لأن تسجيل المركبات الفاخرة يحتاج إلى دفع ضريبة باهظة بنسبة 150%، وهي رسوم تزيد ثمن سيارةٍ مثل بورشه 911 الموجهة للمبتدئين في عالم الجمْع إلى 300,000 دولار. والأسوأ من ذلك هو أنك لن تكون قادرًا على استرداد مبلغ الضريبة إذا باعت الدولة سيارتك في المزاد العلني.
إن ركوب السيارات المبهرجة، وغير ذلك من استعراضات الثروة الفاضحة، ليست من صميم الثقافة الاسكندنافية، والاستثناء الذي يؤكد هذه القاعدة هو علامة كونيغسيغ السويدية المتخصصة في صناعة السيارات الخارقة.
لطالما ركزت صناعة السيارات في المنطقة، المحصورة في السويد، على الجودة والعمر المديد بدلاً من المظهر، ولهذا كانت البلدان الاسكندنافية سبّاقة إلى استخدام السيارات الكهربائية ومن أكثر الدول تحمسًا لها.
لذلك، من الغريب أن يقصد المرء هذا المكان لزيارة شركة تجمع، تحت سقف واحد واسع، مشاريع وورشًا تكاد تتكفل بكل ما يحتاج إليه جامعو السيارات الفاخرة – من المبيعات والتخزين والصيانة والإصلاحات إلى إعداد سيارات السباق - إلى جانب لوازم أخرى قد يرغبون فيها، مثل سماسرة العقارات وتجار الألماس.
مجد تليد
يتمنى عشاق السيارات في أي بلد آخر لو كانت منشأةٌ مثل "ماي غاراج" My Garage (مرآبي) على مقربة منهم. ولكن، قد تتساءل وأنت تقود سيارتك قاطعًا الامتدادات الريفية المنبسطة في يوتْلاند، في خضم أسطولٍ من السيارات المتواضعة بسبب تلك الضريبة الباهظة: لماذا أقيمت هذه المنشأة هنا؟ وهل تستطيع هذه المنطقة تحمّل هذا المشروع المقلق الذي يلائم أكثر منطقةً مثل لوس أنجليس، حيث ثقافة جمع السيارات ثقافة عريقة؟
في الواقع، إن مشروع "ماي غاراج" ناجح جدًا. بل إنه من المُقرر أن يتوسّع هنا وإلى أماكن أخرى تلائم أكثر ثقافةَ السيارات السريعة. ويدين هذا المشروع في نشأته - وعنوانه - إلى حقيقة أن المنطقة هي أيضًا موطنٌ لأكبر مصنع للإطارات في العالم، ولكن ليس الإطارات التي قد تخطر على بالك.
Tom Parker
أندِرْس كيرك يوهانسن بجانب سيارته المكشوفة من طراز لينكولن كونتيننتال 1967 Lincoln Continental ومعه كلبه بيبي، من فصيلة "أولْد دانيش بويْنتر"، خارج المنزل الرئيس في إقامة رودن غادْس.
في عام 1891، وُلد أولِه كيرك كريستيانسن في أسرة فقيرة بالقرب من بيلوند، حيث موقع المطار الآن. أصبح نجارًا ثم بدأ في صنع ألعاب بناءٍ خشبية، وأطلق على شركته اسمًا منحوتًا من كلمتين دنماركيتين بمعنى "العبْ جيدًا": ليغو Lego. وقد طوّر ابنه غودفريد المكعبات البلاستيكية التي نعرفها اليوم. باتت قطع البناء تلك شهيرةً في مختلف أنحاء العالم، وفي عام 2015 تفوقت شركة ليغو على شركة "ماتل" Mattel بوصفها أكبر صانع ألعاب.
بل إن شركة الاستشارات العالمية Brand Finance صنّفتها أقوى علامة في العالم، متفوقة بذلك على فيراري. تبلغ المبيعات السنوية للشركة نحو 10 مليارات دولار فيما تزيد الأرباح على ملياري دولار. ولا يزال بعض ورثة أولِه يملكون الشركة ملكيةً خاصة، ويعيش العديد منهم في مساكن قريبة من مكان ولادتها.
إن رقم ليغو القياسي في صناعة الإطارات نتاجٌ ثانوي لنطاقها الهائل بوصفها صانع ألعاب، وفي هذا الصدد لا تُفرّق موسوعة غينيس للأرقام القياسية بين الإطارات الصغيرة والكبيرة. فقرابة نصف قطع الألعاب التي تطرحها ليغو تدخل في فئة الإطارات، وتنتج الشركة أكثر من 300 مليون عجلة صغيرة كل عام.
Tom Parker
سيارة فيراري معروضة للبيع في الصالة الخاصة بمركبات الفورمولا.
خيارات ناضجة ومأوى للسيارات
طويلُ القامة، أرستقراطيُّ الهيئة، ويرافقه دومًا كلبه بيبي المنتمي إلى فصيلة "أولْد دانيش بويْنتر". هذا هو أندِرْس كيرك يوهانسن، أحد أحفاد غودفريد، ومؤسس "ماي غاراج" My Garage. كثيرون يرِثون بعض قطع الليغو من آبائهم أو أشقائهم الأكبر سنًا.
أما كيرك يوهانسن، فإنه ورث، مع أحفاد غودفريد الآخرين، شركة ليغو عندما توفي جده في عام 1995 (باعت جهته من العائلة حصتها من الشركة في عام 2007). ورث كيرك كذلك حبه للسيارات من غودفريد، الذي جمع أسطولاً رائعًا من السيارات على مدار السنوات. ولكنه، بتواضعٍ دنماركي معهود، اكتفى بقيادة سيارة ميني متواضعة في تنقلاته اليومية لعشرين عامًا.
Tom Parker
الإطارات في ورشة بورشه.
يقول كيرك يوهانسن: "لقد بنى جدّي المطار الذي قدِمتَ منه للتو. وعندما احتاجت الشركة إلى طائرة أكبر، شرعنا في تخزين سياراته في الحظيرة حيث أبقيْنا الطائرة القديمة. ولكن التنقل بالسيارة من مقرّ سكننا إلى هناك كان يستغرق نصف ساعة تقريبًا، وأحيانًا، كنا نصل إلى الحظيرة ونجد أن السيارات لا تعمل، أو نجد أن إخراجها متعذّرٌ. لذلك كنا بحاجة إلى مكان أفضل".
في أواخر تسعينيات القرن الفائت، شرع كيرك يوهانسن في تكوين مجموعته الخاصة، ولكن بدلاً من السيارات الخارقة التي تتوقع أن يقتنيها وريثٌ شاب، بدأ على نحو مفاجئ بخيارات ناضجة.
في البداية، اشترى سيارة كاديلاك بروغهام ("كانت رديئة" على ما يقول). وبعدها، عندما كان في الثانية والعشرين من عمره فقط، اقتنى نموذجًا من طراز لينكولن كونتيننتال 1967، الذي يُعد من أجمل المركبات الأمريكية على الإطلاق، والسيارة لا تزال في حوزته إلى الآن.
واصل كيرك اختياراته الناضجة، وفي السابعة والعشرين من عمره، وعوضًا عن شراء شقة فاخرة في وسط المدينة، استحوذ على "رودن غادْس" Rohden Gods، وهي ملكية شاسعة تقع خارج فايْله، تشتمل على أراضٍ زراعية وغاباتٍ وساحلٍ خاص على امتداد ميل ونصف.
يزخر هذا المنزل الريفي بكل ما قد يتخيله المرء في منزل أحد أغنى رجال الدنمارك، الذي حضر حفلَ زفافه ولي العهد وأميرة البلاد. تتخلل الممر الطويل الذي يقود إلى المنزل الفخم الذي بُني قبل 120 عامًا منحوتاتٌ ضخمة وأشجارٌ مشذّبة بإتقان على هيئة مربعة، تنتصب وسط الحصى الأبيض في صفوف أنيقة مُنظّمة. إذا تأخرت عن ميعادك مع كيرك يوهانسن، فإن برج الجرس المقام في الملكية سيكشف تأخرك عندما يدق على رأس الساعة.
يقول كيرك: "أردتُ ووالدي وإخوتي امتلاك مكان لتخزين سياراتنا وعرضها كما ينبغي". وكانت نتيجة رغبتنا هذه "مأوى السيارات" المدهش المؤلف من طابقين حيث نُجري حديثنا الآن، والذي أُقيم محلّ حظيرة الأبقار القديمة الضخمة التي كانت خلف المنزل.
في الطابق الأرضي، يبرز مضمارٌ خشبي بيضاوي مائل (للأسف هو نمط زخرفي فحسب) يُزين الأرضية الرخامية. يتضمن هذا الطابق أيضًا طاولة للاجتماعات تتسع لعشرين شخصًا وكراسي من طراز "إيغ" Egg من تصميم أستاذ التصميم الدنماركي آرنه ياكوبسن (كُسيت بجلد أخضر يطابق لون الغرفة).
Tom Parker
سيارة بورشه قديمة يُعاد بناؤها في الورشة بمنشأة ماي غاراج.
حول المضمار المذكور، تصطف مجموعة من سيارات أفراد العائلة، منها بعض سيارات كيرك يوهانسن، مثل سيارة لامبورغيني من طراز Aventador 780-4 Ultimae Roadster، ودرّاجة Lauge Jensen Viking التي ابتكرها مع مصمم السيارات الدنماركي هنريك فيسكر (استحوذ كيرك على شركة Lauge Jensen في عام 2012).
في الأرضية الرخامية، تكشف ألواحٌ زجاجية عن المرآب الرئيس الكبير على نحوٍ يُتيح فتح الأبواب المغلقة على أيّ من السيارات الثلاثين المصطفة هناك والقيادة خارجًا بدون المساس بأي شيء.
ثِقْ بنا إذا قلنا إن هذه المنشأة هي حلم عشاق السيارات كلهم، مع أننا لا نستطيع إظهار مَرافِقها الكاملة لأن أفراد أسرة كيرك يوهانسن المقرّبين، بتلك البساطة الدنماركية المألوفة، يُؤْثرون عدم الإفصاح عن السيارات التي يُبقونها هنا. لكن كيرك يوهانسن لا يمانع مشاركة مجموعته الخاصة مع مجلة Robb Report.
الحقيقة أنها مجموعة قيّمة، تُبدي الانتقائية الباهرة التي يتسم بها عاشقُ سياراتٍ حقيقي، بدلاً من الاعتباطية المتوقعة لشخص مُسرف ومتباهٍ. يتحمس كيرك للأعاجيب الميكانيكية التي تدخل في تركيب المعدّات الزراعية الكبيرة بقدر ما يتحمس لأحدث السيارات الخارقة وأفخم مركبات السيدان وأجدد السيارات الرياضية متعددة الاستعمالات.
على أن كيرك يوهانسن يمتلك أيضًا سياراتٍ من تلك الفئات. فخارج المنزل الرئيس ثمة سيارة رولز - رويس كالينان وسيارة مرسيدس - بنز جي واغن. وفي المرآب سيارة مرسيدس مايباخ جي 650 لاندوليه بسعر 1.8 مليون دولار (قبل احتساب الضرائب الدنماركية) إلى جانب سيارة بنتلي مولسان من فئة سيدان تسلّمها قبل ملكة الدنمارك.
ويمتلك كيرك يوهانسن أيضًا سيارة مازدا مياتا، صغيرة ومثالية، من أوائل التسعينيات، فضلاً عن سيارة ليموزين كاديلاك من الثمانينيات، وقد اشتراها في الولايات المتحدة مقابل 7,000 دولار فقط (لكن تكلفة شحنها تجاوزت سعرها بكثير)، لأنها تشبه لعبةً من الطراز نفسه وباللون عينه كان يمتلكها في طفولته، وهذه اللعبة تقْبع الآن على لوحة قيادة السيارة. وتركب بناته سيارة الكاديلاك عندما يقصدْن ليغولاند، بالقرب من المطار.
يقول كيرك يوهانسن: "لقد أقمنا بعض المناسبات هنا، وأسّسنا ناديًا صغيرًا للأصدقاء الذين يمتلكون سيارات مثيرة، وقد تساءلوا عمّا إذا كان بالإمكان تخزين السيارات هنا".
ويُتابع: "كُنّا نُجري بعض الإصلاحات على سيارة بورشه في ملكية رودن واحتجنا إلى مساحة أكبر. كان بمقدورنا بناء مرآب آخر، ولكن هذا كان سيُخلّ بتناسق المكان. لقد أردنا محاكاة هذا المكان ولكن على نطاق أوسع ومن دون تعالٍ. ومن هنا انبثقت فكرة ماي غاراج".
Tom Parker
سيارات لومان الخارقة في ماي غاراج، والعديد منها في انتظار الخضوع للإصلاحات.
المرآب الحلم
إلى هناك نذهب بعدها، وأمامنا كيرك يوهانسن في سيارة فيراري 812. أعلمُ أننا نقترب من المنشأة عندما تلوح قُبالتنا سيارة بورشه 911 توربو وسيارة ميني عتيقة الطراز مُرمّمة بالكامل، تبرزان وسط السيارات الدنماركية عادية المظهر، وتتجهان على ما يبدو إلى المكان نفسه الذي نقصده.
كانت سلسلة المباني المنخفضة والأنيقة والبسيطة التي يشْغلها ماي غاراج الآن مصنعًا للسجاد من قبل، وتتمايز بأسقفٍ مقببة ينساب منها الضوء إلى صالة العرض الرئيسة. يقول كيرك يوهانسن: "لِعامين ظللت أمرّ على هذه المباني بسيارتي، ولاحظت غير مرة أنها معروضة للبيع وتساءلت من قد يشتريها، حتى قررت أن أفعل". ويضيف: "لقد كانت مثالية لإقامة ماي غاراج".
Tom Parker
سيارات فيراري للبيع في صالة عرض مركبات الفورمولا.
بالقرب من المدخل ينتصب تمثالٌ شديد الواقعية لحارس أمن، من إبداع الفنان الأمريكي مارك سيجان، وهو قطعة فنية من مجموعة كيرك يوهانسن الشخصية. ومن ثم يبدو متحف السيارات المتغير باستمرار، حيث تخضع مختلف المعروضات للبيع أو الصيانة أو التخزين أو القيادة.
تستقبل المنشأة عموم الناس وتتيح لهم التجول بحرية، ويتشابه النهج المُتّبع هنا مع النهج المتبع في مبنى "فيورْدِنْهَس" Fjordenhus، حيث مكتب عائلة كيرك يوهانسن المُطلّ على الواجهة البحرية في مدينة فايله، وحيث يُدار صندوق استثمار "كيرك كابيتال" Kirk Kapital الذي تبلغ قيمته مليار دولار.
ويتمايز هذا المبنى، الذي يُعد أول مبنى من تصميم الفنان الدنماركي الأيسلندي أولافور إلياسون، بِطابق أرضي مفتوح للعموم، يضم أعمال إلياسون الفنية. ويقع مبنى فيورْدِنْهَس مقابل فندق "كيرك سويتس" Kirk Suites الذي أنشأته العائلة أيضًا، والذي يحتضن مطعم Enzo & C، وهو مطعم إيطالي ممتاز، يشترك في ملكيته شقيق كيرك يوهانسن، وفيه تُعرض سيارة فيراري تيستاروسا من مجموعة العائلة.
إن تأثير العائلة في المنطقة - من بناء المطار وليغولاند والحفاظ على قاعدة صناعية كبيرة على الرغم من وجود خيارات أرخص في الخارج - واضح للعيان، وكذلك التزامُها بإتاحة واحاتها للعموم.
أما السيارات التي يستطيع العموم رؤيتها في ماي غاراج فحدّث ولا حرج. فهنا سيارة رياضية جامحة حديثة بهيكل من الكربون من طراز دالارا سترادالي Dallara Stradale. وهناك يقف جرّار بورشه من عام 1958، وسيارةٌ عائليةٌ بلون الموز من طراز Volvo T-5R أصدرت في التسعينيات.
وتزيد سيارات كيرك يوهانسن من غرابة هذا الأسطول: نجد في إحدى الورش سيارته البرمائية من طراز بانثر، ثم سيارة كهربائية من طراز فولكس فاغن بيتل يبلغ مداها 300 ميل، فضلاً عن سيارة رانج روفر مدرعة مصممة حسب الطلب يعود تاريخها إلى السبعينيات، وقد كانت في حوزة ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس. وكذلك نجد الهيكل العاري لسيارة ميني كان يمتلكها جد كيرك يوهانسن، وهي تخضع اليوم لعملية ترميم شاملة.
Tom Parker
منطقة لتخزين سيارات الزبائن.
من المعروف أن متاجر وورش السيارات الكلاسيكية الفاخرة قد تفتقر أحيانًا إلى المساحة الكافية لعرض السيارات، ولكن لا ازدحام في هذه المنشأة. في الواقع، يمتد ماي غاراج على مساحة كبيرة - نحو 215,000 قدم مربعة حاليًا - إلى درجة أن الموظفين يتنقّلون على متن الدراجات الكهربائية في المسارات الداخلية الإسمنتية العريضة التي تربط صالات العرض والورش.
تزدان جدران المنشأة بصور ضخمة مُنتقاة تجسّد أكثر عصور سباق السيارات بريقًا. ومثل مرآب كيرك يوهانسن في ملكية رودن، كل شيء هنا مُنفّذ بعناية فائقة. على الرغم من تواضع أهداف ماي غاراج في البداية، إلا أن المنشأة توسّعت حتى باتت تُوفّر تقريبًا كل ما قد يحتاج إليه مالك سيارةٍ مميزة أو مجموعة من السيارات.
على أن الميزة اللافتة للنظر في المنشأة ليست إلا صناديق العرض الزجاجية التي غالبًا ما يستأجرها زبائنُ خاصّون مقابل 360 دولارًا في الشهر عن كل صندوق من الصناديق التي تحتضن سيارة واحدة لا غير.
تُصبح سياراتهم جزءًا من هذا المسرح الذي يعرض سياراتٍ متنوعة مثل سيارات الفورمولا 1، والسيارات الخارقة الحديثة، وسيارات رولز- رويس القديمة. يقترن كل صندوق ببطاقة تُعدّد أوصاف السيارة، ويُمكن رؤية العديد من هذه الصناديق من الطريق الخارجي.
بالإمكان إخراج السيارة من صندوقها الزجاجي وإصلاحها وصيانتها وتنظيفها وإعدادها للقيادة من دون إرسالها خارج المنشأة. يعيش رجل الأعمال كاسبر غيسيل على بعد خمس دقائق بالسيارة من ماي غاراج، وقد خزّن ثلاث سيارات في المنشأة منذ عام 2019، وهي حاليًا تعرض سيارته السليمة من طراز رولز- رويس سيلفر شادو التي تعود لعام 1968. فلماذا إذن يحتفظ بسياراته هنا بدلاً من إبقائها في مرآب منزله؟
يُجيب ضاحكًا: "أولاً، إن المكان هنا مُكيّف وفي هذا حسنة كبيرة، خصوصًا أن طقس الدنمارك يُصبح شديد البرودة في الشتاء. ولكن الميزة الأكثر جاذبية في المنشأة هي الرفاهية.
فلماذا لا يُنفق المرء مزيدًا من المال ليقضي وقتًا أطول في الاستمتاع بالسيارات؟ إذا احتاجت المركبة إلى الإصلاحات، يمكن للعاملين إجراؤها بأنفسهم أو تكليف خبراء آخرين.
وعندما أريد قيادتها، تكون جاهزة دومًا، ويمكن إخراجها من الصندوق في ظرف 15 دقيقة من وقت تواصلي معهم. ولا مشكلة إطلاقًا في هذا، لأن الكثير من السيارات هنا بمنزلة استثماراتٍ ولا يقودها مالكوها إلا نادرًا".
Tom Parker
غرفة المبيعات في منشأة ماي غاراج.
شبكة متكاملة
بالإضافة إلى الورش المعتمدة لسيارات بورشه وفيراري ومازيراتي وبي إم دبليو، تُدير ماي غاراج وكالات خاصة بسيارات رولز - رويس وماكلارين ولوتس ومورغان ودالارا وكالمار، كما تعرض مجموعة لافتة من السيارات المستعملة والكلاسيكية للبيع. وعلى الرغم من أن المالك يزعم أنه ليس من محبي بورشه، إلا أن المنشأة تضم مجموعة مختارة من آخر طرز بورشه الفاخرة.
تشتمل المنشأة أيضًا على متاجر مستقلة، منها متجرٌ لسيارات فيراري ومازيراتي، ومتجرٌ آخر يبيع سياراتٍ كلاسيكية من مختلف العلامات بأسعار معقولة. هذه المتاجر قد تنافس متاجر البيع بالتجزئة التابعة لمنشأة ماي غاراج، ولكن كيرك يوهانسن قد منحها عقود إيجارٍ بقصد توسيع تشكيلة السيارات في المكان الذي يحتضن أيضًا خبراء الطلاء والتلميع والورش الخاصة بسيارات السباق.
عن هذا التنوع، يقول بِرْ مادسبول بيدرسن: "في الأيام العادية، نستقبل زوارًا تُراوح ثرواتهم بين 50 مليون دولار و100 مليون دولار، وكل أسبوع يزورنا ملياردير أو اثنان". ويُضيف: "إن كل مستأجرٍ يحلم بولوج مكان كهذا. فالشبكة الاجتماعية هنا متفردة ولا نظير لها في الدنمارك، وربما في العالم أجمع".
يُتابع بيدرسن قائلاً: "إن مدينة فايله مركزُ نشاطٍ مهم، فكل مَنْ في الدنمارك يمر بها في مرحلة ما. ولدينا هنا أحد أكبر مراكز الثروات في البلاد. ولذلك يستطيع متجري الاكتفاء بزوار المنشأة دون غيرهم".
Tom Parker
ميكانيكي في ورشة بورشه.
يعتقد مادسبول بيدرسن أن كيرك يوهانسن قد منح مشروعه الناشئ عقد الإيجار بدلاً من متجر آخر مرموق لمساعدة شركة جديدة تخطو خطواتها الأولى في القطاع. ويتذكر قائلاً: "أخبرته أنني أريد تأسيس واحدة من أكبر العلامات في العالم.
إنه يحب فكرة إطلاق الشركات الكبرى، وأعتقد أن هذا الميل يسْري في العائلة. لو كنت أطمح إلى أن أكون شركة عادية بلا خطة كبيرة فما كان المشروع ليجذب اهتمامه". يُشير بيدرسن إلى أن مشاهدة النجاح الذي حققته منشأة كيرك يوهانسن أمر يثلج الصدر، ويُتابع: "لقد اعتقد كثيرون أنه وارثُ مالٍ فحسب، ولن يستطيع إنجاح المشروع. لذلك، كان من اللطيف إثبات أنهم مخطئون في تصوّرهم".
Tom Parker
أندرس كيرك يوهانسن وكلبه بيبي في مقصورة القيادة.
هذا المشروع ليس متفردًا تمامًا. فمراكز "كلاسيك رومايز" Classic Remise في برلين ودوسلدورف، التي تقع تباعًا في حظائر قديمة مُبهرة كانت تستوعب الترامات والقطارات، قد تكون أقرب المراكز إلى هذا المفهوم. لكن الفرق أنها تفتقر إلى الطابع الحميمي المميز لمنشأة ماي غاراج، كما تفتقر إلى خدماتها المتعددة، فضلاً عن الرعاية الفائقة التي تتلقاها فيه سيارات الزبائن.
ينبغي أن يكون امتلاك سيارة إضافية أمرًا ممتعًا، ولكنه غالبًا ما يكون مصدر إزعاج كبير. وهنا تتدخل منشأة ماي غاراج لتجعل الالتزامات المصاحبة لامتلاكها سهلة ومريحة.
Tom Parker
ورشة فيراري في منشأة ماي غاراج.
ويبدو أن المنشأة ستواصل النمو. فقد حصل كيرك يوهانسن على إذنٍ بتوسيع مساحتها إلى نحو 750,000 قدم مربعة. في البداية، ستنضم بعض شركات السيارات إلى المنشأة، ثم تأتي مساحات تخزين السيارات، إذ سيسهم البرج الجديد المرتفع في 16 طابقًا في إضافة 120 صندوقًا زجاجيًا إلى الصناديق الستة والتسعين المنصوبة أصلاً. تلقّى كيرك أيضًا خططًا لبناء فندق ومطاعم ومصارف خاصة ومتاجر ساعات، وكلها قيد الدراسة.
إذا كنت محبطًا لأن منشأةً مثل ماي غاراج لا توجد على مقربة منك - لتُعينك على قضاء وقتٍ أقل في تدبير شؤون سياراتك ووقتٍ أطول في الاستمتاع بها - فقد يتلاشى إحباطك قريبًا.
يسعى كيرك يوهانسن حاليًا للحصول على تراخيص تخوّله تطوير المشروع وإطلاق العلامة في أماكن حيث تركيز الثروة أكثر صراحة، وحيث السيارات الفاخرة لا تخضع لمثل الضرائب العقابية التي تخضع لها في الدنمارك. ما دام أن فكرته نجحت هنا، فلك أن تتخيل مقدار النجاح الذي قد تلاقيه في أماكن مثل ميامي أو موناكو.