المتحف الوطني

يحتل المتحف الوطني الجانب الشرقي من مركز الملك عبد العزيز التاريخي الذي يشكّل منظومة معمارية ثقافية متكاملة تضم أيضاً قصر الملك عبد العزيز أو ما يُعرف بالمربّع، ويحتضن مجالسه ومكتبه وجلّ مقتنياته الثمينة مثل سياراته، فضلاً عن عدد من المراكز العلمية في طليعتها مركز تاريخ مكة المكرمة ومركز توثيق تاريخ الأسرة المالكة.

ويجتذب المتحف، الممتد على مساحة 17 ألف متر مربع تتوزّع عبرها 3700 قطعة أثرية و900 صورة و45 مجسمًا، يجتذب أهل المدينة وزوّارها من التائقين إلى الغوص في تاريخ المملكة وأشكال الحياة التي عرفها سكّانها الأوائل.

ينفذ هذا المعلم الحضاري، الذي يتفرّد بتمازج متقن بين طراز معماري تقليدي وتقنيات سمعية بصرية غاية في التطور، إلى مختلف الحقب التاريخية التي عاشتها المملكة العربية السعودية، خصوصاً الإسلامية منها، مثل عصر صدر الإسلام والعصرين الأموي والعباسي، بموازاة عرضه نماذج من تاريخ الحضارات والدول المتعاقبة على الجزيرة العربية، وصولاً إلى الدولة السعودية بمراحلها الثلاث.

وعلى امتداد القاعات الثماني الرئيسة المكوّنة للمتحف، يستكشف الزائر معروضات ووسائط إيضاحية مختلفة حول نشأة الكون الجيولوجية، وتفاصيل عن حضارتي العبيد ودلمون في المنطقة الشرقية من المملكة السعودية وبلاد الرافدين تعكسها مكتشفات أثرية تبيّن طبيعة التنظيمات السياسية والأنشطة التجارية التي كانت سائدة حتى حقبة الممالك العربية المتأخرة، وصولاً إلى أنماط الحياة التي سادت في العصر الجاهلي.

وفيما تسرد قاعة البعثة النبوية الأحداث الكريمة من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يسلّط الجناح الثاني في قاعة الإسلام والجزيرة العربية الضوء على عهد الخلفاء الراشدين. أما حكايا تأسيس المملكة، فتتوزّع على قاعة الدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية، وقاعة توحيد المملكة، وقاعة الحج والحرمين الشريفين، ويعد من أفخم متاحف الرياض.

قصر الحكم

يكفي أن يتأمل المرء في التحولات التي شهدتها عمارة هذا القصر مثل مساحاته الداخلية ليرصد فيها ما يكفي من الشواهد على التطوّر السياسي في المملكة.

فالقصر الذي كان يُعرف لدى بنائه في عام 1160 هـ بقصر دهام بن دواس حاكم الرياض سرعان ما تحوّل إلى مقر لحكام الدولة السعودية الثانية في عهد الإمام تركي بن عبد الله آل سعود الذي أعاد بناء القصر معتمداً فيه تصميماً عمرانياً يلحظ بناء الأجنحة والأبراج.

ولاحقاً، اتخذه الإمام فيصل بن تركي سكناً له ولعائلته، وأعاد بناء المسجد الجامع، وأنشأ بين المسجد والقصر ممراً علوياً. كما أدخل على الساحات زخارف إسلامية لم تكن معروفة من قبل في نجد.

وبالرغم من أنّ قصر الحكم هدم في أواخر عهد الدولة الثانية، إلا أنّ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن أعاد ترميم بعض أجزائه مع استرداده مدينة الرياض سنة 1319 هـ، واتخذه مقراً له إلى حين اكتمال بناء قصر المربّع.

وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز، أعيد بناء القصر ضمن برنامج تطوير منطقة قصر الحكم والمحافظة على المواقع التراثية والتاريخية في الرياض، فاستلهم تصميمه من ملامح العمارة التقليدية في المنطقة، ليتحوّل إذ ذاك إلى تحفة معمارية يعترش التاريخ جنباتها، لا سيما في الأبراج الأربعة حيث مكتبة الملك عبد العزيز التي تحفظ فيها نوادر من كتب ومخطوطات قيّمة ورث بعضها عن آبائه.

وضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض برنامجاً لتطوير منطقة قصر الحكم، يهدف إلى إعادة المنطقة إلى ما يجب أن تكون عليه كقلب نابض لمدينة الرياض، وإعادة القيمة الذاتية والمعنوية للمنطقة على مستوى المدينة، وعلى مستوى السعودية وعلى المستوى العالمي، بوصفها منطقة استقطاب سياحي وثقافي. كما أطلقت العديد من البرامج والفعاليات التنشيطية التي تقام بشكل دوري في ساحات قصر الحكم.

متحف تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام بالرياض

يقع هذا المتحف، الأول من نوعه في المنطقة والذي يعد من أفخم متاحف الرياض، في جامعة الإمام محمد بن سعود، ويشكل واحة للانغماس في العصر الذهبي للإسلام وتعرّف التاريخ العلمي الإسلامي، لا سيّما أن أروقته تضيء على إسهامات كبار العلماء والمخترعين والمهندسين وعلماء الرياضيات، أمثال جابر بن حيان والرازي وعباس بن فرناس.

ويبيّن المتحف كيف أرست إنجازات هؤلاء العظماء حجر الأساس للحضارات الحديثة من خلال مقتنيات تشمل مجموعة من أبرز ابتكارات المسلمين التي تعود إلى ما بين القرن الهجري الثالث والقرن الهجري العاشر، على غرار معدات الملاحة، والمراصد الفلكية، والآلات الحربية، وغير ذلك من مقتنيات ترتبط بمجالات الهندسة والعمارة، والطب الإسلامي والبصريات، والكيمياء والفيزياء التقنية. كما يتيح المتحف التفاعل مع شاشات ثلاثية الأبعاد للاطلاع على السير الذاتية لأبرز العلماء.

سوق الزل

في وسط المدينة القديمة حيث قصر الحكم، وتحديداً في حي الثميري، يتمدّد طيب روائح البخور والعنبر عبر الممرات الأثرية لسوق الزل الشعبي مستدرجاً الزائرين إلى الانغماس في أصالة تراث تشهد عليه مظاهر عمارة تعود إلى بدايات القرن الرابع عشر.

في سوق الزل، يحضر التراث في مشهد يوثّقه التجمّع الأكبر لمحال بيع اللباس التقليدي، ومنها البشت والفري والشماغ المطرّز يدوياً، ومحلات السجاد، والبخور والعطور الشرقية، والتذكارات والقطع التراثية. 

وأنت تتجوّل في سوق الزل، لا ينبغي أن تفوّت متعة تأمّل أولئك الحرفيين الذين جلسوا ينسجون السجاد أو يصنعون "العقال" السعودي التقليدي وكأنّ نبض الوقت الفاصل بين الماضي والحاضر بقي معلقاً بين أناملهم.

متحف صقر الجزيرة

يشكّل متحف صقر الجزيرة للطيران، الواقع على الطريق الدائري الشرقي لمدينة الرياض، معلماً حضارياً بارزاً جرى افتتاحه سنة 1999 لتوثيق التطور التاريخي للقوات الجوية المسلحة في المملكة العربية السعودية. 

يستعرض المتحف حقائق تاريخية تعود إلى أكثر من 80 سنة، ويضم بين جنباته مجموعة من الطائرات المدنية والعسكرية، ونماذج الطيران، فضلاً عن وثائق وصور وأسلحة قديمة وحديثة. وبالإضافة إلى ركن الفضاء، المخصص لأول رائد فضاء مسلم، الأمير سلطان بن سلمان، ولمجموعة من مقتنياته الخاصة، يحتضن هذا المتحف صالات لعرض الأفلام التاريخية والوثائقية.

متحف الآثار في الرياض

يُعد المتحف الواقع في كلية الآثار، والذي أسسته جامعة الملك سعود عام 1967، واحدًا من أهم متاحف الرياض.

فهذه الواحة تسلط الضوء على الإرث الحضاري والتاريخي لحفريات الجامعة، متيحة استكشاف كنوزها من القطع الأثرية التي ترجع إلى الحقبة الإسلامية المبكرة، وتضم آنية خزفية، وقطع حلي، وتماثيل، ونقوشًا ورسومًا جدارية، ومسكوكات نادرة. كما يضم المتحف 873 قطعة نقدية معدنية من الذهب والفضة والنحاس تعود إلى عصور ما قبل الإسلام.