في ظل تبني صُناع السيارات الفاخرة والرياضية تقنيات منظومة الحركة الكهربائية التي قدمت لهم مخرجًا آمنًا من عقبات بيئية واقتصادية مختلفة، شهدنا تزايدًا في عدد السيارات الكهربائية والفئات التي تمثلها، بدايةً من السيارات الرياضية ووصولاً إلى مركبات التجوال الفاخر والمركبات المخصصة للقيادة على الطرق الوعرة.
لكن هذا التوجّه تسبب في زيادة الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية والمواد التي تُصنع منها هذه البطاريات، وهو ما يُنذر بأزمة وشيكة في عالم السيارات الكهربائية سيكون لها تأثير أكبر من ذاك الذي فرضه النقص في الشرائح وأزمة سلاسل التوريد التي مر بها قطاع السيارات أخيرًا.
نقص حاد في المعادن
لا يخفى على أحد أن البطارية هي قلب السيارة الكهربائية وعقلها، لا سيّما أنها لا تُستخدم لتشغيل محرك المركبة فحسب، بل الأنظمة التقنية الأخرى الموجودة داخلها أيضًا، مرورًا بمنظومة الإضاءة ونظام المعلومات والترفيه.
يعني ذلك أن حجم بطارية السيارة الكهربائية يكون أكبر من حجم بطارية السيارات التقليدية التي تعمل بمحركات احتراق داخلي، لذا تُستخدم في بنائها نسبة أكبر من المعادن.
وتعتمد بطاريات السيارات الكهربائية بشكل رئيس على المعادن النادرة التي تُستخرج من مناجم مختلفة حول العالم، وفي طليعتها الليثيوم والكوبالت اللذان يمثلان أهم مكونات البطارية.
وكلما حاولت الشركات زيادة حجم البطارية للحصول على مدى سفر أطول، احتاجت إلى معادن أكثر.
كذلك يزيد توجه الدول إلى حظر بيع السيارات المجهزة بمحركات الاحتراق الداخلي من تفاقم الأزمة، لا سيما مع إعلان الحكومات الأوروبية وكاليفورنيا أن المركبات الكهربائية ستكون وحدها المجازة للقيادة في عام 2035، وهذا يعني تزايد الطلب على المعادن النادرة أضعافًا كثيرة.
وقد رصدت دراسة من معهد Benchmark Mineral Intelligence هذه الظاهرة، وخرجت بتوصيات عدة وبتصوّر لعدد المناجم التي قد يحتاج إليها العالم لمواكبة الطلب على بطاريات السيارات الكهربائية، بما في ذلك توفير مخزون ضخم من خمسة معادن رئيسة هي الليثيوم والكوبالت والنيكل والغرافيت الطبيعي والغرافيت المصنّع.
وبحسب هذه الدراسة، فإن العالم يحتاج إلى أكثر من 380 منجمًا جديدًا لتغطية العجز الذي سينتج في المعادن النادرة بحلول عام 2035، إذ يصل العجز في الليثيوم مثلاً إلى أكثر من ثلاثة ملايين طن وفي الغرافيت الطبيعي إلى 6 ملايين طن.
حلول سريعة من الشركات
تدرك الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية هذا الخطر المتزايد، لذلك بدأت بتخزين المعادن التي تحتاج إليها لتصنيع مركباتها أو بحفر وبناء مناجم جديدة لتلبية احتياجاتها. أعلنت شركة فورد مثلاً عن استحواذها على المواد اللازمة لإنتاج 600 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول نهاية 2023، وعلى 70٪ من المواد التي تحتاج إليها لتصنيع مليوني سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2026.
أما مجموعة فولكس فاغن، المالكة لعلامات فاخرة عدة في عالم السيارات مثل بورشه، فقررت أن تتخذ منحى مختلفًا. فقد بدأت بحفر مناجم جديدة لها من أجل التوسع في صناعة السيارات الكهربائية، وربما كان ذلك السبب في عرض أسهم بورشه للاكتتاب العام.