تتحوّل مجموعة بولين كاربيداس، إحدى أبرز راعيات الفن المعاصر، إلى محور اهتمام مزاد ضخم في لندن، إذ تستعد دار سوذبيز لاستعراض أكثر من 250 عملًا فنيًا وقطعًا استثنائية من منزلها اللندني النابض بالحياة.
تُفتح الأبواب أمام الجمهور العالمي في 17 و18 سبتمبر 2025، لمعاينة هذه المجموعة النادرة التي تتجاوز قيمتها 81 مليون دولار، في رقم قياسي يُعد الأعلى في تاريخ سوذبيز أوروبا لمجموعة خاصة تعود لمالك واحد.
تلك المجموعة التي لطالما وصفتها كاربيداس "بمساحة للأحلام"، تعكس مسيرة اقتناء امتدت لخمسين عامًا، وشملت أعمالاً خالدة لكل من سلفادور دالي، ورينيه ماغريت، وثنائي لالان Les Lalanne، إلى جانب أثاث فني نادر بتوقيع ماتيا بونتي وأندريه دوبروي، صُمّم خصوصًا لمنزلها اللندني الفريد.
وقد تولى تنسيق هذا الفضاء المدهش المصمّم الشهير جاك غرانج بالتعاون مع القيّم الفني البريطاني ديفيد جيل، المعروف برؤيته التي تمزج بين الفن الراقي والتصميم المفاهيمي المعاصر.
Sotheby’s
وصاية فنية لا تنتهي
بدأت رحلة بولين كاربيداس في عالم الفن من أثينا، بوصفها زوجة لقسطنطين كاربيداس، قطب الشحن اليوناني الذي عرّفها إلى أوساط الفن الرفيع، وفتح أمامها أبواب الصداقة مع شخصيات أسطورية مثل ألكسندر إيولاس، أحد أبرز الموزّعين الفنيين في القرن العشرين، والذي يُنسب إليه الفضل في اكتشاف الفنان الأمريكي آندي وارهول، الرائد في حركة البوب آرت وصاحب الأعمال الأيقونية مثل "علب حساء كامبل" Campbell's Soup Cans و"ثنائية مارلين" Marilyn Diptych.
Sotheby’s
وسرعان ما انتقل الزوجان إلى جزيرة هيدرا اليونانية، حيث شرعا في تكوين واحدة من مجموعات الفن الحديث الأشد تميزًا. ومن أبرز مقتنياتهما لوحة 200ONE Dollar Bills التي أبدعها وارهول عام 1962، واقتنياها عام 1986 مقابل 385 ألف دولار، قبل أن يُعاد بيعها في مزاد سوذبيز نيويورك عام 2009 مقابل أكثر من 43 مليون دولار، محطّمة التوقعات حينها.
في السياق نفسه، تُعبّر كاربيداس، التي نشأت في مانشستر قبل أن تستقر في أثينا خلال ستينيات القرن الماضي، عن رؤيتها للفن بوصفه أمانة وليس ملكية.
وفي هذا تقول: "لم أكن يومًا مالكة نهائية، بل وصية مؤقتة على هذه الأعمال". ومن هذا الإيمان، اتخذت قرارها بإطلاق المجموعة نحو حياة جديدة في عهدة جيل جديد من المهتمين بالفن.
وهي تؤكد أنها ستواصل العيش وسط الأعمال الفنية، واقتناء القطع الفريدة، ودعم المواهب المعاصرة، على ما فعلت دائمًا.
تأتي هذه التصفية استكمالًا للفصل السابق من حكاية بولين كاربيداس، بعد أقل من عام على المزاد اللافت الذي نظمته سوذبيز باريس في أكتوبر 2023، حين طُرحت مجموعة مقتنيات من منزلها في جزيرة هيدرا اليونانية، محققة أكثر من 35.6 مليون يورو، في ما وصفته الدار "بأغلى مزاد لمجموعة تعود إلى مالك واحد في فرنسا ذلك العام".
Sotheby’s
أما الآن، فتنتقل القصة إلى لندن، حيث يتحوّل منزل كاربيداس نفسه إلى عمل فني. هناك، تتجاور أعمال بيكاسو وآندي وارهول وسلفادور دالي مع مكتبات تغصّ بكتب الأحلام والفلسفة، وتتناثر في الأرجاء مجسمات برونزية وقطع أثاث مصمّمة خصوصًا من قبل أصدقائها الفنانين، في مشهد يجسّد رؤيتها الشخصية للفن بوصفه أسلوب حياة لا يُختزل داخل الجدران.
سيُفتتح المعرض العام للمجموعة يوم 8 سبتمبر في مقر سوذبيز بلندن، على أن ينطلق المزاد الرسمي يومي 17 و18 سبتمبر. ووفقًا لأوليفر باركر، رئيس سوذبيز أوروبا، فإن "ما يجعل هذه المجموعة متمايزة ليس جودة الأعمال فحسب، بل تلك القصص الإنسانية والفنية التي تقف خلف كل قطعة.. إنها نافذة على عالم استثنائي من الفضول والشغف والجرأة".