لم يعد السفر رفاهية تُقاس بعدد المدن التي يمر بها المسافر أو بقوائم المواقع التي يزورها في يوم واحد، بل تحوّل إلى فلسفة جديدة تُعرف برحلات التمهّل. هذا التوجّه، الذي يزداد انتشارًا حول العالم، يقوم على إبطاء الوتيرة، والانغماس في المكان، وعيش التفاصيل بروح من السكينة.
ولأن هذه التجربة باتت تُشكّل معيارًا جديدًا في صناعة السفر، فقد رصد بنك سينسبري Sainsbury’s Bank أبرز الوجهات العالمية التي تجسد هذا التوجه في مؤشره لعام 2025، جامعًا بين عناصر الطبيعة، والمذاقات المحلية، وتجارب الاسترخاء، إلى جانب جودة الإقامة وسهولة الوصول.
كورنوال.. الملاذ البريطاني الساحر
جاءت كورنوال Cornwall في جنوب غرب بريطانيا على رأس القائمة، بفضل طبيعتها البكر والوادعة. هناك، القرى البحرية الصغيرة تحيطها أجواء ساحرة، والمرافئ التاريخية مثل ماوزهول تضيف لمسة من الحيوية على الشاطئ، فيما المنحدرات الصخرية تكشف عن كهوف بحرية سرية في خليج هوليويل، لتمنح المغامرة بعدًا استكشافيًا يليق بالباحثين عن تجارب غير مألوفة.
الرحلة هنا لا تُقاس بالمسافات، بل بالإيقاع الهادئ الذي يجعل جولة بالدراجة من بورتريث إلى الساحل المقابل أو رحلة بحرية تمر بالخلجان المتموجة وتكشف تنوع الساحل تجربة يحتفى بها.
Pexels
الغارف.. بين البحر والمذاقات البرتغالية
حلّت الغارف Algarve في جنوب البرتغال بالمركز الثاني، لتؤكد أنها وجهة مثالية تُعيد تعريف متعة التمهل في الرحلات وفي وجهات السفر العالمية. المطبخ هنا يحتل الصدارة؛ فالمأكولات البحرية الطازجة تجسّد ثراء الأطلسي، فيما يضيف الدجاج المشوي بصلصة بيري-بيري لمسة حارة تشتهر بها المنطقة، لتتحول الوجبة إلى تجربة ثقافية بحد ذاتها.
وفي موازاة ذلك، يكشف الساحل عن مشاهد طبيعية تأسر الناظرين: شواطئ ذهبية تمتد بلا نهاية، ومنحدرات شاهقة تنحدر نحو خلجان فيروزية، ومياه تحتضن تنوعًا بحريًا نادرًا.
أما المسافر الباحث عن الانغماس في تفاصيل المكان، فسيجد ضالته في مسارات التنزه بين جبال مونشيك أو في جولات على متن الدراجات عبر القرى الريفية التي ما زالت تحتفظ بروحها البرتغالية الأصيلة.
Pexels
بروفانس.. مهد الترف في فرنسا
في المركز الثالث، تكشف بروفانس Provence عن نفسها بوصفها وجهة تجعل من التمهّل أسلوب حياة. المشهد هناك مرسوم بعناية بين مزارع الكروم المتدرجة وحقول الخزامى التي تملأ الأفق، والقرى الحجرية العتيقة التي تروي تاريخًا يضاهي جمال الطبيعة.
Pexels
الحياة اليومية في بروفانس تتجسد في أسواق المزارعين على ضفاف القنوات، حيث تعرض الخضراوات الطازجة إلى جانب الكمأ النادر، وتُباع التحف والقطع التاريخية في أجواء تعكس روح الجنوب الفرنسي.
أما تجارب الطعام، فتنتقل بالزائر بين أبسط الأطباق الريفية وأرقى موائد المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان، ما يضفي على التجربة بعدًا يرسّخ مكانة المنطقة ويجعل منها وجهة مثالية للمذاقات الراقية وفي وجهات السفر العالمية.