في رحاب برج West 53 الأيقوني، الذي صيغت خطوطه ببراعة المعماري العالمي جان نوفيل، يبرز مطعم 53 في نيويورك بوصفه وجهة آسيوية معاصرة، على مرمى حجر من متحف الفن الحديث MoMA في قلب مانهاتن.
لا يكتفي المطعم بتقديم أطباق راقية، بل يتيح تجربة حسية متكاملة، تجتمع فيها النكهات الآسيوية مع روح نيويورك متعددة الثقافات، في فضاء معماري يزاوج بين الأناقة البنيوية والفن المتجدّد.
يقود هذا المشروع رجل الأعمال المصري-الأمريكي أحمس فكهاني، مؤسس مجموعة ألتماريا Altamarea Group، التي تقف وراء مجموعة من أرقى المطاعم في العالم، منها ماريا Marea، وآي فيوري Ai Fiori الحائز نجمة ميشلان.
وجاءت فكرة مطعم 53 بعد عقدٍ من التجارب التي قضاها فكهاني في آسيا، حيث أسرت حواسه تنوّعات المذاقات الآسيوية ودقة حرفيتها، ليقول: "أردت أن أستقدم هذه النكهات إلى نيويورك".
لم تكن الرحلة مجرّد استكشاف مذاقات، بل عملية بحث دقيقة امتدت لسنوات، قادته إلى فهمٍ أعمق لثقافات الطعام، وتجارب تناول الطعام في فنادق كبرى ومطاعم راقية في هونغ كونغ، وسنغافورة، وطوكيو.
ومن هنا وُلد الحلم: مطعم يُجسّد روح آسيا بتعقيدها وأناقتها، ضمن قالب نيويوركي معاصر. حلمٌ لم يكتمل إلا حين التقى بالطاهي أكمل أنور، ليبدأ فصلٌ جديد من الشغف المشترك، تُروى فيه الحكاية على هيئة أطباق.
53-NYC
تصميم ينبض بالروح الآسيوية
يمتد مطعم 53 على مساحة 11,000 قدم مربعة عبر ثلاثة مستويات تزهو بتصميم داخلي مبتكر من شركة "آي كريف" ICRAVE، يستلهم الفنون والعمارة الآسيوية ويجسدها في تفاصيل دقيقة تحاكي روح الأصالة والحداثة في آنٍ واحد.
تتدفق شفرات عمودية منحنية ترمز إلى تدفق الطاقة والحركة، مضاءة بإتقان لتبرز ألوانًا مستوحاة من القصور والحدائق الصينية التقليدية، فتتحول صالة الطعام الرئيسة إلى لوحة حية مشعة بالضوء الطبيعي نهارًا ومتوهجة بدفء راقٍ ليلاً، ما يعزز التجربة الحسية للزائر.
كما تثري عناصر التصميم نوافذ تتيح إطلالة خلّابة على مدينة نيويورك، وتعكس التقاء التراث الآسيوي بالمشهد الحضري المعاصر، فيما تؤدي الإضاءة المدروسة دورًا في خلق أجواء متغيرة تعكس التبدّل من النهار إلى الليل، فتُشعر الضيوف بأنهم جزء من عرض فني متكامل.
53-NYC
ويكتمل هذا الفضاء بشراكة استثنائية مع معرض فريدريش بيتزل العالمي، الذي يقدم برنامجًا فنيًا يتجدد كل 3 إلى 5 أشهر ويعرض أعمال فنانين مثل خورخي باردو وروس بليكـنر، مانحًا المطعم هوية معرض فني نابض، تندمج فيه الأعمال الفنية المعاصرة مع عناصر التصميم لتخلق حوارًا بين الفنون البصرية والطهو الرفيع.
ويعبر فريدريش عن سعادته بهذه الشراكة قائلاً: "نتشرف بالتعاون مع أحمس فكهاني ومجموعة ألتماريا لنسج تجربة طعام تتجاوز المألوف عبر برنامج فني يعكس إبداعًا فريدًا"، مؤكدًا على الدور المحوري الذي يقوم به المطعم في إثراء المشهد الثقافي والفني في نيويورك.
53-NYC
فريق طهو استثنائي
يتألق المطبخ بقيادة الطاهي السنغافوري الشهير أكمل أنور، الذي بدأت رحلته في أزقّة سنغافورة بين عربات الطعام الشعبية، قبل أن ينطلق إلى مشهد الطهو العالمي بخطى واثقة، ويصنع اسمه في مطابخ مرموقة امتدت من آسيا إلى أوروبا.
اشتهر أنور بمزجه الفريد بين الدقة اليابانية والرقي الفرنسي، ما منحه قدرة نادرة على إعادة ابتكار الأطباق الآسيوية بلمسة معاصرة.
وقد نال عن مطعمه 3 Fils في دبي لقب أفضل مطعم في الشرق الأوسط وإفريقيا ضمن قائمة The World’s 50 Best (أفضل 50 مطعمًا في العالم) لعام 2022، لتُكرّس رؤيته بوصفها واحدة من أكثر التجارب الطهوية تأثيرًا في المنطقة.
إلى جانبه، ينضم الطاهي الموهوب مارك يو، الذي يحمل في جعبته إرثًا من الخبرة العريقة في مطاعم نيويورك الرفيعة، إذ سبق له أن شغل منصب الطاهي التنفيذي المساعد في Pastis، كما تولّى مواقع قيادية في مطاعم بارزة مثل Catch وHarlow.
يجمع الثنائي بين البراعة التقنية والحس الإبداعي، ليصوغا معًا قائمة طعام تُجسّد تلاقي الشرق بالغرب وتُخاطب الحواس بعمق واتزان.
53-NYC
مذاقات آسيوية متقنة
يصوغ الثنائي قائمة طعام تعكس غنى المطابخ الآسيوية وتنوّعها. فقد اختارا مقاربة غير تقليدية في تصنيف الأطباق، عبر تقسيم القائمة وفق أساليب الطهي لا حسب المكوّنات، ما يمنح الضيوف فرصة لاكتشاف التجربة من منظور جديد: بارد، ساخن، مطهو على البخار، مشوي، في قدر الطين، أو على طريقة الووك.
هذه المقاربة تفتح المجال لتذوق طبقات من النكهات المتباينة بتناغم لافت، وتمنح الطاولات الصغيرة فرصة اختبار مجموعة واسعة من الأطباق خلال وجبة واحدة.
53-NYC
تتألق القائمة بأطباق مبتكرة، مثل تارتار التورو المغطى بـالكافيار المستدام من قسم الأطباق الباردة، وكارباتشيو اللحم الجاف المقطّع يدويًا مع صلصة الأجي بانكا والفلفل.
ومن قسم الأطباق الساخنة، يبرز كاسترد البيض بالكمأة مع كبد الإوز والمحار، في توليفة غنية بالنكهات العميقة.
أمّا من قسم المشويات، فتُقدَّم سمكة السكيت المتبّلة بصلصة السامبال والمغلّفة بأوراق الخيزران، والمصحوبة بصلصة السينشالوك المنزلية..
فيما يزخر قسم البخار بأطباق دقيقة مثل سمك التوربوت المطهو بزيت الزنجبيل والثوم، ودجاج هاينانيز الغارق في صوص شاوشينغ الصيني. وكل طبق يُقدَّم بعناية حرفيّة تحاكي الدقّة الآسيوية والروح المعاصرة.
ويحرص طاقم الخدمة على توجيه الضيوف لاختيار مجموعة من الأطباق المتنوعة، لتُصبح كل زيارة إلى مطعم 53 رحلة متكاملة عبر نكهات الصين واليابان وجنوب شرق آسيا، معدّة جميعها من مكونات محلية موسمية.