في أكتوبر المقبل، ستتجه أنظار العالم نحو مزاد استثنائي تنظمه دار كريستيز، إذ يتم عرض بطاقة التجنيد العسكرية الخاصة بأسطورة الملاكمة محمد علي، والتي رفض توقيعها خلال حرب فيتنام، بقيمة افتتاحية متوقعة تبلغ 3 ملايين دولار أمريكي.

موقف تاريخي جسّد شجاعة محمد علي

هذه البطاقة، الصادرة في مارس 1967 عن مجلس التجنيد بمدينة لويفيل بولاية كنتاكي، تحمل الاسم الأصلي للبطل العالمي: كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور، مع إضافة واضحة إلى اسم الشهرة "المعروف أيضًا باسم محمد علي". 

ورغم أن التعليمات على ظهر البطاقة تلزم حاملها بالتوقيع فور الاستلام، إلا أن علي امتنع عن ذلك، محتفظًا بها لسنوات، على ما تكشف آثار الاستخدام الطويل داخل محفظته الشخصية.

تمثل البطاقة المعروضة أثرًا نادرًا يعكس واحدة من اللحظات الأكثر حسمًا في التاريخ الأمريكي. فمحمد علي لم يرفض استدعاءً عسكريًا فحسب، بل تحدّى علنًا واحدة من أكثر الحروب إثارة للجدل في القرن العشرين. 

قبيل استدعائه، قال عبارته الشهيرة: "لماذا يُطلب مني ارتداء زيّ عسكري والسفر 10 آلاف ميل لإلقاء القنابل والرصاص على أناس من ذوي البشرة البنية في فيتنام، فيما يُعامل السود في لويفيل كأنهم كلاب؟".

كان هذا الموقف بمنزلة شرارة أيقظت حراكًا واسعًا داخل حركة الحقوق المدنية، إذ تحولت كلمات علي إلى صدى يتردد في الجامعات والشوارع والساحات، ليصبح رمزًا للتمرّد الخلقي في زمن مضطرب.

تجلّت شجاعة علي أيضًا في قراره بالامتناع عن الرد على نداء التجنيد في مركز هيوستن، ما أدى إلى اعتقاله وإدانته، ثم حرمانه من الملاكمة لأكثر من ثلاث سنوات في ذروة مجده. غير أنّ المحكمة العليا ألغت الحكم عام 1971، ليعود إلى الحلبة منتصرًا، حاملاً إرثًا أكبر من أي لقب رياضي.

بطاقة غير موقعة تحمل رسالة خالدة

أما البطاقة نفسها، فما يميزها ليس ندرتها فحسب، بل كونها غير موقّعة، وهو ما يُعد في حد ذاته تعبيرًا عن موقف محمد علي. يقول إدوارد لوين، مسؤول الاتصالات في كريستيز: "عادة ما تكون القطع الموقّعة أكثر قيمة، لكن في هذه الحالة، عدم التوقيع هو الرسالة".

المزاد المرتقب لا يُنظر إليه في معزل عن تاريخ مبيعات مقتنيات البطل. فقد سبق أن شهد العالم في عام 2022 بيع حزام بطولة الوزن الثقيل الذي أحرزه علي في نزال رامبل إن ذا جانغل Rumble in the Jungle عام 1974 مقابل نحو 6 ملايين دولار أمريكي. 

ذلك المزاد رسّخ مكانة مقتنياته ضمن الأعلى قيمة في التاريخ الرياضي، وهو ما يجعل بطاقة التجنيد الحالية امتدادًا طبيعيًا لهذا الإرث، ولكن هذه المرة برمزية سياسية وخلقية تتجاوز حدود الرياضة.