في خطوة تمهّد لتحوّل نوعي في عالم التسوّق الرقمي، كشفت غوغل خلال مؤتمر المطوّرين السنوي I/O عن حزمة من الابتكارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وأبرزها "وضع التسوّق الذكي"، الذي يتيح للمستخدمين طرح استفسارات دقيقة ومعقّدة حول المنتجات، والحصول على توصيات مخصصة وروابط شراء قابلة للتعديل.
جوجل تُطلق مستقبل التسوق الذكي
من أبرز ما تقدّمه هذه التجربة ميزة الدفع التلقائي عبر Google Pay، إذ يُتاح للمستخدم ضبط تنبيهات سعرية بحسب المواصفات المرغوبة. وما إن ينخفض السعر حتى يُتمم الذكاء الاصطناعي عملية الشراء تلقائيًا بدءًا من السلة حتى الدفع.
وتعزّز غوغل هذه التجربة بخطوة لافتة عبر إطلاق تقنية تجربة افتراضية شخصية للملابس تتيح للمستخدم رفع صورته لرؤية كيف تبدو عليه الملابس حقيقةً بدلًا من الاعتماد على نماذج عامة. تمثل هذه الخاصية نقلة في مفهوم التسوّق البصري، إذ لم تعد التجربة محصورة بنماذج جاهزة، بل باتت شخصية بالكامل. تسوّق ذكي يُراعي تفضيلاتك ويُنجز المهام عنك
تؤكد ليليان رينكون، نائبة رئيس المنتجات في Google Shopping، أن هذه التحسينات لا تهدف إلى إقصاء أدوات البحث التقليدية، بل إلى بناء تجربة أكثر خصوصية وانسيابية، إذ تُقدَّم النتائج بما يتكيّف مع سجل المستخدم وتفضيلاته الشخصية، لتصبح عملية الشراء أشبه بحوار ذكي.
وفي هذا السياق، تتسابق كبرى شركات التقنية إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في تنظيم فوضى الخيارات الرقمية، بعدما باتت غزارتها عبئًا على المستخدم وليس ميزة. ووفق تقرير مشترك صادر عن The Business of Fashion وماكنزي McKinsey، يرى 50% من التنفيذيين في قطاع الموضة أن أكبر فرص الذكاء الاصطناعي تكمن في مجالي البحث والاكتشاف.
وتدعم الأرقام هذا الاتجاه بوضوح، إذ كشفت منصة Adobe Analytics عن ارتفاع غير مسبوق في حركة الزبائن من منصّات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى المتاجر الإلكترونية، بنسبة بلغت 1,300% خلال موسم عطلات عام 2024، واستقرّت عند نسبة 1,200% حتى فبراير من العام الجاري، مقارنة بشهر يوليو السابق.
ضوابط دقيقة للخصوصية والدقة
رغم هذا الزخم، إلا أن التقنية لا تخلو من تحديات أبرزها "هلوسات الذكاء الاصطناعي" التي قد تؤدي إلى تقديم معلومات غير دقيقة. غير أن رينكون طمأنت المستخدمين إلى أن نظام الشراء لن يُتمّم أي معاملة إذا تجاوز السعر الحد الذي حدّده المستخدم. كما أن البيانات المستخدمة تعتمد على قاعدة بيانات "رسم بياني للتسوّق" تضم أكثر من 50 مليار منتج، يُحدَّث نحو 2 مليار منها كل ساعة.
أما في ما يخص الصور التي يرفعها المستخدم لتفعيل ميزة التجربة الافتراضية، فتؤكّد غوغل أنها تظل محمية بالكامل، ولا تُشارك مع أي جهات خارجية، التزامًا بأعلى معايير الخصوصية والشفافية.
وفيما قد ترى بعض العلامات التجارية في هذا التطوّر فرصة لتعزيز حضورها، قد تخشى أخرى تراجع ظهور منتجاتها. وهنا توصي غوغل بضرورة تحديث معلومات المنتجات بانتظام عبر المواقع الرسمية ومنصة Google Merchant Center لضمان الحضور الأمثل في نتائج البحث.