في لحظة يصعب تصديقها لولا توثيقها الرسمي، أعلنت النيابة العامة في باريس عن اكتشاف مفاجئ لقطعة فنية شهيرة طال غيابها لعقود: التمثال النصفي لجيم موريسون، المغني الأسطوري لفرقة ذا دورز The Doors، والذي اختفى في ظروف غامضة عام 1988 من فوق قبره الواقع في مقبرة بير لاشيز العريقة.
التمثال، المنحوت من الرخام الأبيض، كان قد وُضع على القبر في سبعينيات القرن الماضي تكريماً للنجم الأمريكي الذي وافته المنية في باريس عام 1971 عن عمر ناهز 27 عاماً، وانضم حينها إلى ما بات يُعرف بـاسم "نادي السبع والعشرين"، الذي يضم نخبة من الفنانين الذين رحلوا في أوج تألقهم.
وبحسب بيان الشرطة الفرنسية، فإن اكتشاف التمثال لم يكن نتيجة تحقيق مباشر في اختفائه، بل جاء مصادفة خلال تحقيق متعلق بقضية احتيال، أجرته وحدة الجرائم المالية ومكافحة الفساد، كما أوضح مصدر مقرّب من التحقيق لوكالة الأنباء الفرنسية.
وقد شاركت الشرطة صورة للتمثال في منشور عبر منصاتها الرسمية على إنستغرام، تُظهر القطعة الرخامية وهي مغطاة بالكتابات والرسوم التي تركها المعجبون، فيما يفتقد التمثال جزءاً من أنفه، يُعتقد أنه قُطع من قبل جامعي تذكارات قبل اختفائه.
نحت التمثال الفنان الكرواتي ملادن ميكولين من الرخام الأبيض وهو مغطى بالكتابات والغرافيتي، ووُضع على قبر المغني في مقبرة بير لاشيز في باريس عام 1981، إحياءً للذكرى العاشرة لوفاته.
هذا الاكتشاف أعاد إحياء الذكريات المرتبطة بقبر موريسون، الذي بات مع مرور العقود مركز جذب ثقافي وسياحي ضمن المقبرة الأشهر في العاصمة الفرنسية، والتي تحتضن أيضاً قبور شخصيات أدبية وفنية بارزة أمثال أوسكار وايلد وفريدريك شوبان.
الجدير بالذكر أن اختفاء التمثال في عام 1988 أثار استياء عشاق موريسون ومحبي الفن على حد سواء، وفتح باب التكهنات حول ما إذا كان التمثال قد سُرق بدافع تجاري أو من قبل معجبين مهووسين أرادوا قطعة ملموسة من إرث النجم الراحل. وعلى مر السنوات، ظهرت نسخ بديلة غير رسمية على القبر، إلا أن النسخة الأصلية ظلّت طي النسيان حتى اللحظة.
وكانت قد انتشرت الشائعات حول ما حدث، إذ يعتقد البعض أن أحد المعجبين تمكن من حمل التمثال، الذي يزن تقريبًا 128 كيلوجرامًا، على دراجة نارية صغيرة في منتصف الليل، بينما يدعي آخرون أن السلطات أخفت التمثال لحمايته.
لم تكشف السلطات عن أي تفاصيل تتعلق بالتحقيق، ولم تُعلن عن أي مشتبه بهم في عملية السرقة. كما أنه من غير الواضح ما إذا كان التمثال النصفي سيُعاد إلى القبر، إذ صرّح القيّم على المقبرة لصحيفة لو فيغارو قائلاً: "الشرطة لم تتواصل معنا، لذا لا أعلم ما إذا كان التمثال سيُعاد إلينا أم لا".
وفي تصريح لمجلة رولينغ ستون Rolling Stone، قال ممثل ورثة جيم موريسون إنهم "سعداء بسماع خبر العثور على التمثال"، مشيرًا إلى أن الأسرة كانت تأمل في أن يعود التمثال إلى القبر، "ولذا من المُرضي أن نراه قد استُعيد".
هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها قبر المغني جدلاً. ففي الذكرى العشرين لوفاته توافدت أعداد كبيرة من المعجبين إلى قبره، ما أدى إلى اندلاع أعمال شغب دفعت الشرطة إلى التدخل لتفريق الحشود.
موريسون وُلد في عام 1943 في ولاية فلوريدا، وهو ابن لأدميرال في البحرية الأمريكية، وكان يقيم في حي الماريه بمدينة باريس، عندما توفي فجأة عن عمر يناهز 27 عامًا، إثر سكتة قلبية بحسب تقرير الطبيب.
ويذكر أنه في عام 1965، أسس موريسون فرقة ذا دورز بالتعاون مع عازف الروك راي مانزاريك في لوس أنجليس، مستلهمًا اسم الفرقة من كتاب ألدوس هكسلي الشهير The Doors of Perception.