في واحدة من أبرز اللحظات التي شهدها عالم المزادات الرياضية هذا العام، بيعت سيارة فيراري F2001 التي قادها مايكل شوماخر إلى الفوز في جائزة موناكو الكبرى لعام 2001 مقابل 13.43 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 15.98 مليون يورو) عبر دار المزادات العالمية آر إم سوذبيز. وجاءت عملية البيع ضمن مزاد خاص أُقيم في موناكو يوم السبت 24 مايو 2025، وذلك قبيل انطلاق التصفيات الرسمية للسباق، ما أضفى على الحدث طابعًا رمزيًا أعاد إلى الأذهان أمجاد شوماخر في مضمار الإمارة.
لم تكن هذه السيارة مجرد نموذج كلاسيكي من فيراري، بل إحدى الركائز التي رسّخت إرث مايكل شوماخر في تاريخ الفورمولا 1. فقد تولّى قيادتها خلال اثنين من أبرز انتصاراته في موسم 2001، أولهما في شوارع موناكو الضيقة، والثاني على حلبة هونغارورينغ المجرية، وكلاهما شكّلا نقاط تحوّل مهمة في مشواره نحو اللقب العالمي الرابع.
ذلك الموسم لم يكن مجرد انتصار رقمي، بل لحظة فارقة أعلنت بداية حقبة من السيطرة الكاملة على عالم السباقات. فيراري F2001، بمحركها المدوي وهيكلها الهندسي المتماسك، لم تكن أداة للفوز فحسب، بل امتدادًا لحس شوماخر التنافسي وقدرته على استخراج أقصى طاقة من كل دورة على الحلبة.
وقد ساهمت هذه السيارة، بما تحمله من تقنيات متقدمة وتوازن إنشائي فذ، في تمهيد الطريق لألقابه اللاحقة، وجعلت من موسم 2001 حجر أساس لعصر ذهبي لم يُضاهَ حتى اليوم.
RM Sotheby’s
اسم يرفض الغياب.. وإن غاب
رغم ابتعاد شوماخر القسري عن الأضواء، إلا أنه لا يزال حاضرًا في وجدان عشّاق الرياضة بوصفه أيقونة خالدة في تاريخ الفورمولا 1. السائق الأسطوري الذي أعلن اعتزاله رسميًا عام 2012 عقب عودة قصيرة إلى الحلبات، ظل طيلة مسيرته رمزًا للتفوق والانضباط والمجد.
وفي لحظة لا تُنسى، انطفأ حضور شوماخر عن العلن فجأة في أواخر عام 2013، إثر حادث تزلج مأساوي في جبال الألب الفرنسية، أسفر عن إصابة دماغية خطيرة أدخلته في غيبوبة طبية لم يفق منها علنًا حتى اليوم، تاركًا خلفه إرثًا رياضيًا عصيًا على الغياب.
وفيما يحيط يحيط الغموض بمصيره، يستمر إرث شوماخر في التأثير والإلهام، حتى في ساحات المزادات التي لا تزال تحتفي بإنجازاته من خلال سياراته الأسطورية.
ورغم أن لويس هاميلتون سائق فيراري الحالي عادل رقمه القياسي في عدد بطولات العالم عام 2020؛ إلا أن البصمة التي تركها شوماخر تبقى عصيّة على التكرار، لا تُقاس بالأرقام فحسب، بل بما مثّله من روح لا تُنسى في تاريخ السباقات.